حكومة المركز والاقليم .. هل شاهدتم فلم ( ابن بابل )/محمد علي مزهر شعبان

Mon, 31 Mar 2014 الساعة : 0:41

كنت اتابع فلما تداخل فيه التوثيق ، وما اضاف فن الصنعة السينمائية من تحشيد للعواطف الصادقة ، من سيناريو توسد الارض المحروقة ، وثيمة مشدودة ببتوت القلب لوطن مفجوع ، يجمع اوصالها فتتصاعد وتيرة الارتباط بين المشاهد واحداث في غاية الاكتراث لسجل الايلام وارض اليباب حين انتشرت الاجساد جماعات وفرادى . انه مشكلة البحث عن وليد مفقود لعراقية كردية كانت ام عربية ، في لهفة شغوف في البحث عن الامل والتواصل مع الحياة من خلال الخوف على الحفيد من اجل الديمومه . واذ تفك قيود الامل وتنكسر الاحتمالات صوب الحياة وانما البحث عن الرفات. تتصاغر تتضائل الامال لتتجه صوب الالتقاء مع الرميم ، تعدم الوان الورود ، وينتهي النهار ، والشمس في خسوف .
حكاية عراقية مرهونة بزمن الطغاة في ارض محتجزة ، يبحث فيها "" ابن بابل "" ، وفي عهدتهم لا غرابة ان تموت الامال والحياة . حكاية البحث عن ابن في وطن سرقت فيه الارواح والاجساد ، وبدت دوامة البحث عند " ام ابراهيم عراقية كردية " ابراهيم يقاد كوقود لشهوة الحرب عند القائد ، وهي فريضة الهة الحروب تعم الجميع ولا تهريب ولا تسريب . انها الجنة الموعودة وفق مواصفات العتاة والدمويين ، والموت لمن لا يدخل جنة اسس قواعدها ومنافذ الدخول اليها ، أرباب الارض والبشر .
كان محمد الدراجي في فلمه ، يشد رؤوسنا من الاعناق ان لم نلتفت بما يقوم به الصبي احمد " حمه " ويفتح مناهل الدموع العصية التي جمدتها واوشلتها ، بانوراما القتل والذبح والاشلاء في عهدة الارهاب فيما بعد .
حمه وجدته ، جلدونا وكانهم يقولون : ان الاغبياء فقط ينسوا الماضي القريب وسجله الدموي . مشاهد لا تثير الحقد والاصطفافات في جهة دون اخرى ، انما هي تذكرة لمن اشعلوا كل الاضوية في ليالي الابتهاج لسقوط الطغيان ، ان هناك دهرا طويلا أكتنفه الظلام ، والموت المجاني والاعتقال على الهوية . نعم انها رسالة لمن اخذتهم الغلواء ، فنسوا تلك الوحدة التاريخية من التهميش والابادة . اولئك اللذين جعلوا تاريخ الماساة ووحدة المصير ورائهم ، وهي سمة من لم يقرأ التاريخ جيدا ، ولكنها السوط الذي يدبغ جلودنا وذاكرتنا من النسيان .
ام ابراهيم تبحث عن دعامة تؤسس لتاريخ المظلومية ، بزيها الكردي بصحبة الالوف ممن ارتدين العباءات السوداء في وحدة من التفاهم لا تندرج اللغة في معطى التفاهم بل الاحاسيس هي اللغة الام ، تتصاعد لغة الامال بنشيج يتحد فيها صفير ناي " حمه " ونواح مفجوعة من الجنوب ، في سمفونية العزاء والموت والرمام ، تحت كرم امل خافت قد يكون بيشكا ، ولكنه يبتعد رويدا رويدا . يتناغم الحس والعواطف ،ويضحى التوزيع للالم والنواح كمعزوفة أنين لا تحتاج قاموس
ليس المفاجئة ان يتحدث " حمه " العربية بطلاقة انها اللحمة ، ولا الغرابة لفاقدة جنوبية تتنهد وكأن نواح ام ابراهيم يدخل سريرتها بلغة وحدة المصير ، لغة شعب كردي ابجديتها ما خلفت حلبجة وما تركت الانفال ليمتد التوحد من اجداث لفتها الثلوج ، لصهريج النيران الذي حرق الاجساد في الجنوب، دون الاستعانة لمنطوق المفردات في التفاهم .
حين يكون البحث بذات الاتجاه عن مجهول ، وحيث يكون المجهول هو الدوار الذي تنطلق منه عواطف الفاقدين . ارتبط حمى الكردي ببائع السكائر الجنوبي " عفوا الشروكي " في وحدة من رسم المستقبل ، عندما ينهض المستقبل من الركام ويرسم افاق جديده يجريان معا للحاق مع الجذر الراسخ في الارض وهي " جدة " الاثنان في سعي التشبث والتمسك بوحدة البحث وادواتها لرسم خارطة الانبعاث من الحاضر للمستقبل ، والعجلة المنطلقة تحمل ارث المظلومين في منعرجات الحرائق وازيز الدبابات الامريكية وشياط الجثث ، انه اتحاد الانبعاثات من الالم والضياع والمظلومية .
ماتت ام ابراهيم وهي لم تمزق وحدة الاتحاد في المشاعر بين عربي وكردي، حين التفت حمى الى اسوار بابل الارض والام ، وصراخ المفجوعات من الجنوب ولسان حالهن ايها الام ... سنكمل البحث عن رفات ابراهيم في اطلالة وطن يشمخ بكل تلك الاكياس المعروفة الهوية وخلافها ، انها صرخة ، ان تلك الرميم من العظام هي سجلنا واوسمتنا ، انها ذاكرتنا وجسرنا حين نكون في موتهم نحيا، بعيدا عن الاسماء ومن يتولى السلطة .

يبقى سؤالا في مفاد النهاية ليس للفلم لانه مفتوح التسائل ، وهو ما يجلد المتكبرين ممن اسلموا على ان كاكه ابراهيم ، هو سجل متراكم من ماضي دون ان يكون دعامة للتواصل مع نزيفه حين اضحى من يطلب الانفصال عن التاريخ ، وعبد الحسين حين تسنم سلطة ، ارسل رسالة الاتهام بان ابراهيم لم يكن في المقبرة الجماعية .
سادة الاقليم علام هذه الغلواء ، ويا حكومة المركز وان قدر وشاء ، ان تلعب الاهواء ، ان تشتبك الارادات باتجاه التصعيد ... تذكروا الامس ، فان من ينصب العداء لم يفارق الادمان عليه ، وان اختلطت الاوراق ، فان الشباك لكليكما منصوبة بايدي تعرف وتجيز كل المستباحات من الغدر . 

Share |