زمن التخلف السياسي في العراق/عقيل العكيلي
Sun, 30 Mar 2014 الساعة : 1:18

لا يخفى ان العملية السياسية في العراق قد مرت بظروف عصيبة ، ومراحل متشابكة منذ تأسيس الدولة الحديثة في عشرينيات القرن العشرين حيث بدأت السياسة فتية في تلك المرحلة , و المجتمع السياسي تحول من طبيعته القبلية الى طبيعته المدنية التي اعتمدت على ترك اساليب السياسة العثمانية واكتساب التعامل باساليب السياسة الغربية ، في ظل هذا التحول النوعي نضجت السياسة العراقية نسبيا خصوصاً ان في هذهِ الفترة ظهرت العديد من الحركات والاحزاب في الساحة السياسية والتي من شأنها تعزيز شفافية ومهنية السياسة . كانت الدولة العراقية مبنية على اساس دولة مؤسسات وسلطات مستقلة و منفصلة عن بعضها البعض ، فكان للحكومة ومجلس النواب والقضاء كل منها سلطة وقرار مستقل . بعد قيام ثورة 14 تموز و سقوط الملكية احدثت هذه الثورة تغييرا كبيرا في مجرى السياسة حيث اصبحت سلطة العسكر المصدر الاول والاخير في اصدار القرار ، وهذا التغيير هو بمثابة بداية الدخول في دوامة القلق السياسي والصراع الداخلي ، واتاح الفرصة للانتهازيين بان يعبثوا بمقدرات البلد ويبقوه اسيرا لانقلاباتهم العسكرية المتزامنة . اما بعد سيطرة حزب البعث على عرش السلطة فقد دخل العراق في مرحلة سياسية استبدادية جديدة سياسة تصفية المعارضين وعزل الشعب عن مواكبة التطور والاتصال والاطلاع على العالم الخارجي وهذا العزل هو الداعم لتكريس الاستبداد ، و انتهج نظام البعث نهج اللاوجود لأي اشكال الخصوم او الشركاء السياسيين ، و سياسة القرار الواحد , اما طول فترة حكمه فقد قضاها بالصراعات الداخلية والاقليمية , ورطة الحرب مع الجارة العنيدة ايران التي ازهقت ارواح الملايين من كلا الطرفين , و رعونة غزو الكويت كلفت العراق الكثير وعن قمعه الانتفاضة الشعبانية مخلفا المقابر الجماعية لالاف الضحايا , وهذه الاساليب البعثية ارجعت الثقافة السياسية الى ما كانت عليه قبل عشرينيات القرن الماضي . بعد سقوط نظام البعث الصدامي على ايدي الامريكان واصدقائهم سنة الــ 2003 , انتقل العراق الى تجربة سياسية جديدة حَوّتْ كل من يعرف ولا يعرف عنها شيء لذلك اختلط فيها الرديء بالجيد ونتجت عن هذا خلطةٌ عفنة تدعي معرفتها معنى الديموقراطية و حدود الحرية و اصول السياسة , و منذ اكثر من عقد اصبح العراق مركزٌ مهم للتخلف السياسي فقد ابتلي العراق وشعبه بأحزاب اسلامية وغير اسلامية همها نيل ما ترمو اليه دون الشعور بالمسؤولية تجاه الشعب وهذه الاحزاب وسياسييها نراهم دائما يتهمون بعضهم الاخر بالعمالة والموالاة لهذه الدولة او تلك , فيظنون ان السياسة هي مجرد التسقيط والتشهير فيما بينهم والحذلقة بمصطلحات لا يفقهون عنها شيء , احزابنا وسياسيينا ملعونين بمرض التخلف الثقافي والجهل السياسي يحاربون من يحارب الفساد ويدافعون عن من يهمل شؤون العباد , بارعين في النفاق وتأجيج التعصب الطائفي بين افراد المجتمع الواحد , همُ السبب ما آلَ اليه وضعنا من قتل ودمار مستمر , لقد كشف الزمان حقيقتهم المزيفة والاعيبهم الكاذبة و علينا الا نكرر التجربة الفاشلة بهم و الا نثق بهم مجددا فأنهم عبارة عن صعاليك جائعة اتت لتملأ بطونها الجائفة .