كلنا محمد بديوي /حيدر الجابر

Tue, 25 Mar 2014 الساعة : 1:12

أشعر بالرعب من بلدي، ربما لأنه لم يكن وطناً صالحاً للحياة. استشهاد د. محمد بديوي لم يكن البداية ولن يكون النهاية، ووعود دولة رئيس الوزراء بالقصاص ووعيد دولة نقيب الصحفيين لن تعيده للحياة. محمد بديوي مكث ساعات ممدداً في الشمس، مغطى بـ"وصلة"، لأن الضابط الذي أرداه لايريد تسليم نفسه، لا خوفاً من العدالة، ولكنه ضابط من الفوج الرئاسي، وهذا يستحق أن يتكاثر المسؤولون من أجله في موقع الحادث وتطويق المنطقة بالدروع، فقط، لإقناعه أن يسلم نفسه. لست الوحيد الخائف من العراق، كلنا خائفون ومرعوبون، وإذا كان الشهيد د. محمد اسماً إعلامياً واستاذا أكاديمياً، أجبر الجميع على المطالبة بدمه، فإن آلافاً غيره مضوا ولم يأبه بهم أحد، إلا ذووهم.
لا أثق كذالك بالعدالة في العراق، فلولا تجمع الناس وغضبهم، لما ألقي القبض على القاتل. وتذكروا معي: الضابط كردي يتمتع بحماية مباشرة من مكتب رئيس الجمهورية والاتحاد الوطني الكردستاني، وللضرورات القومية سيتدخل البارزاني بنفسه، وتذكروا أن الشيعة محتاجون للأكراد ليحكموا، فيما يحتاجهم السنة في صراعهم مع المالكي. وعندها لن تفاجئنا العدالة وتفرض هيبتها، بل ستختبئ ـ كما عودتنا ـ خلف الدهاليز المظلمة، خوفاً من الفضيحة، وسينسدل الستار على دماء د. محمد، لأن الموسم موسم انتخابات. وكذلك لأنه موسم انتخابات، فقد استنكر العشرات من السياسيين الصم البكم، وهددوا وتوعدوا، مع أن العشرات يُقتلون في بلدي كل يوم.
العشرات ممن لا ذنب لهم قُتلوا ولم يدرِ بهم أحد، لأنهم ليسوا إعلاميين، ولاتسندهم عشيرة قوية، ولم يُقتلوا في موسم الانتخابات. آلاف نام ذووهم على الجمر ولم يجدوا إلا التعزية والصبر، "اليوم الثالث.. طيحوا الجادر". وستصبح بغداد غداً وبعد غد على دم جديد ودمع جديد. وسيقبع الضابط الكردي بالتوقيف مُحاطاً برعاية طالبانية، ودهاء كردستاني، وهدوء تحالفي وطني، وستنشر كل يوم قصص جديدة عن الحادثة، ولا تستبعدوا أن يطالب محامي الدفاع بتبرئة موكله القاتل بالجرم المشهود، لان المجني عليه هدد أمن القصور الرئاسية، ثم تغلق القضية بعبارة تكفر ذنب قائلها "هسة هو شودّاه هناك"؟!
العدالة في زمن الديمقراطية غانية ترقص على موائد السياسيين، عذراً سيدي القانون فأنا لا أثق بك.
لكل شيء عبرة، وعبرة د. محمد أن اربعينيته ستحل بعد يوم الانتخابات مباشرة.. كلنا د. محمد شئنا أم أبينا..
جريدة المؤتمر

Share |