مقتل بديوي.. الغول الطائفي يُطأطأ رأسه لـ "التعصّب" القومي
Mon, 24 Mar 2014 الساعة : 8:53

وكالات:
كشفت مظاهرات صحافيين عراقيين في شوارع بغداد اليوم الأحد (23 مارس اذار)، للاحتجاج على مقتل زميل لهم برصاص ضابط كردي في أعقاب مشادة كلامية عند حاجز أمني في المدينة، تجاذبا "قوميا" عربياً وكردياً، طغى خلال اليومين الماضيين على الجدال الطائفي الذي اصبح سمة للحياة السياسية والاعلامية العراقية.
ففي اثناء التظاهرات التي شارك فيها ما يزيد على 150 صحفياً في احتجاج بالمكان الذي شهد مقتل الصحفي محمد بديوي الشمري بالرصاص، حدثت مشادات كلامية بين متظاهرين بسبب رفع شعارات محرّضة على القومية الكردية.
وفي مواقع التواصل الاجتماعي ايضا تابعت "المسلة" مسار الجدال القومي الذي سحب البساط من احاديث "السنة" و"الشيعة " الطائفية، ليحل محلها حديث "العرب" و"الكرد".
ورصدت "المسلة" منذ السبت الماضي، ان بعض النشطاء الرقميين من العرب والكرد، ينظرون الى مقتل الاعلامي العراقي محمد البديوي باعتباره، رمزا الى سطوة كردية،
وامتيازات لهم داخل بغداد والمناطق العربية فيما ينحسر التأثير العربي في مناطق اقليم كردستان.
لكن مقابل ذلك فان اعلاميين وصحافيين عرب، انتقدوا التعصب القومي "الاعمى" في حادثة مقتل البديوي، مذكّرين بان العرب والكرد ابناء وطن واحد، ومشيرين الى ان
النخب السياسية والثقافية والاعلامية الكردية استنكرت الحادث واعتبرته جريمة، يحاسب عليها القانون.
ودعا الكاتب كريم جخيور الى "عدم جعل دم الشهيد بؤرة للجدال والخصام، وان نتعامل مع الجريمة باعتبارها جريمة بعيدة عن مرجعية وطائفة وقومية الجاني".
وانتقد جخيور في نفس الوقت النفاق السياسي والاعلامي الذي يرافق الكثير من الاحداث السياسية والامنية، قائلا "لو ان مرتكب الحادثة، من منتسبي القوات الامنية والجيش العراقي، حتى لو كانت عن طريق الخطأ، لتعاملت معها بعض وسائل الاعلام والقنوات التلفزيوني ة للإساءة الى المؤسسات الامنية والجيش".
وكان محمد بديوي مدير مكتب "إذاعة العراق الحر" في طريقه إلى مكتبه القريب من مجمع الرئاسة العراقية في وسط العاصمة بغداد عندما قُتل برصاص ضابط كردي عند نقطة تفتيش السبت (22 مارس اذار)، فيما استنكر معاون المدير العام لدائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة العراقية مظفرالربيعي الحادث، معتبراً ان "هذا التصرف الأهوج من قبل أحد عناصر البشمركة المتواجدين لحماية المقر الرئاسي"، واصفا هذه العناصر
بانها "قوة غير منضبطة، غير خاضعة لوزارة الدفاع وغير خاضعة لقيادة عمليات بغداد".
وفي تفاصيل الجدل حول الحادث وابعاده السياسية، دعا الكاتب والشاعر حسين القاصد
الى "عدم جعل حادث مقتل بديوي (قميص عثمان)"، في اشارة منه الى محاولات البعض
، استثمار القضية لمصالحها السياسية والانتخابية.
لكن وزير البيشمركة في حكومة اقليم كردستان، قال في حديث الى وسائل الاعلام ان "تسليم الضابط الذي قتل الصحفي محمد بديوي الشمري يؤكد قناعة الاقليم بعدالة القضاء العراقي"، ما ساهم في تخفيف رياح تعصب قومي سعى البعض الى تعزيز اسبابها.
وبحسب الياور فإن "الضابط الذي قتل الصحفي محمد بديوي هرب إلى المنصور ولاحقته قوة من البيشمركة واعتقلته وسلمته إلى قيادة عمليات بغداد للتحقيق معه والحكم عليه قضائيا".
لكن الكاتب عباس علي باهض، يرى ان الحادث يقرأ الموقف من ناحية ان "فوج حماية الرئيس لا ينتمي الى أي قوة عسكرية عراقية فهو يعمل بمنأى عنها ولا يلتزم بقوانين الدولة العراقية والذي الاقليم جزء منها".
وكانت جثة بديوي، تُركت على الأرض في مكان الحادث لساعات فيما تجمع عشرات الصحفيين للاحتجاج على قتله والمطالبة بالقبض على قاتله. وأحاط الجنود وعربات "همفي" تابعة للجيش بمجمع الرئاسة استعدادا للقبض على القاتل.
وينتقد الناشط المدني صباح رحيمة عبر حسابه في "تويتر"، التصنيفات "القومية" في تفسير الحادث، قائلا "لا ننسى ان المجرم واحد مع السبق والترصد وهو من يتحمل نتيجة فعلته هذا، و لا علاقة لأي كردي بهذا الفعل، مثله مثل اي جريمة يرتكبها عربي لقتل كردي".
لكن مدوناَ رقمياً حمل اسم ادهام ادهام، ينظر بعين التعصب القومي في تفسيره لما حدث، متسائلا "متى يستمر استهتار السلطات الكردية بدماء العراقيين وبمستقبل البلد.. الى متى يستمرون بالابتزاز والتجاوز على الدستور، وإهانة اي مواطن عرافي عربي تطأ قدماه أرض الإقليم في حين يتمتع المواطن الكردي بكل الحقوق الدستورية في اي مكان في العراق"، مشيرا الى ان "الاستهتار وصل بهم الى قتل الناس بدم بارد".
وأشرف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي شخصيا على اعتقال الضابط الذي قتل بديوي عند حاجز تفتيش المجمع الرئاسي في منطقة الجادرية وسط بغداد.
وقال المالكي في تصريح لدى وصوله الى مقر المجمع الرئاسي حيث كانت قوة خاصة تحاصره بعد رفض الفوج الرئاسي تسليم الجاني وتبدو عليه علامات الغضب، ان"دم الشهيد في عنقي، وانا ولي الدم، وكل من له صلة بهذه الجريمة يجب ان يمثل امام القضاء، والدم بالدم".
الناشط المدني شعلان شريف، يرصد "عبارات تحمل أكثر من تأويل لكن رسالتها العنصرية واضحة".
ويضرب شعلان المثل، في تصريح نائب اعتبر الجريمة التي ارتكبها ضابط كردي "حقداً دفيناً"، منتقدا رسالة "الشحن" العنصري التي تجدها في الكثير من تدوينات مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته يعتبر الكاتب حميد قاسم ان تصريحات العقيد سامان، الضابط في الجيش عن الحادث، هدفها "اثارة النعرات القومية والعصبية العرقية".
وفي سعي الى نزع التفسير العنصري لما حدث، يذكّر الكاتب عباس النوري "استنكار عدد من صحافيي إقليم كردستان ورؤساء تحرير الصحف المحلية جريمة اغتيال بديوي، ومطالبتهم الاسرة الصحفية العراقية التصدي لكل الاصوات التي تبغي تحويل الحادث الى منصة لبث روح الشوفينية والثأر".
المصدر:المسلة