العراقية قناة الدولة ام قناة الحكومة ؟/محمد الركابي
Mon, 24 Mar 2014 الساعة : 1:31

كفل الدستور العراقي حرية الاعلام ,ولهذا اُسست شبكة الاعلام العراقي ولم تؤسس وزارة اعلام في الحكومات المتعاقبة التي حكمت العراق بعد 2003,كما هو الحال في الدول الديمقراطية .
وقد جمعني لقاء مع احد كبار السياسيين في البلد والذي كان له دور كبير بعد التغيير ,وتناولنا من ضمن الحديث قناة العراقية ,وقال كان الاتفاق باجماع الكل ان تكون مثل قناة الــ B B C , المعروفه بحياديتها ومهنيتها ,والتي تمول من الضرائب التي يدفعها الشعب البريطاني .
ان اغلب مواد الدستور هي تؤسس لدولة لا لسلطة ,لكنها للاسف اصبحت اليوم حبرا على ورق ,مثل الهيئات المستقلة والتي منها شبكة الاعلام العراقي ,وفصل السلطات ,ومجلس الخدمة الاتحادي ,والمحكمة الاتحادية ,وغيرها .
لكن المشكلة اليوم ليس في مواد الدستور ,بل في تطبيق الدستور ,وبدء الانحراف شيئا فشيئا منذ عام 2010 ,عندما رُبطت الهيئات المستقلة بالحكومة ,والتي لها تبعات غير حسنة .فمثلا ربط البنك المركزي بالحكومة ,يخول الدول الدائنه للعراق ان تطالب العراق بجميع ديونه .ويخول الحكومة سحب اي مبلغ من احتياطه الذي يحافظ على سعر الصرف ,وهذا مايعود بنا الى ماكنا عليه في النظام السابق عندما يتحكم التاجر بسعر الصرف .
وتمددت السلطة التنفيذية بمعونة القضاء على البرلمان,عندما استفتيت المحكمة الاتحادية بشان القوانين التي يصدرها مجلس النواب ,وقالت انه لايحق للمجلس ان يشرع الا بموافقة الحكومة ,وهو امر مخالف للدستور ! فالقوانين التي فيها جنبة مالية هي من يؤخذ موافقة الحكومة فيها فقط .
ويضاف اليوم لسلسة هذه الانحرافات, هو انحراف القناة الرسمية (العراقية ) للدولة .فقبل ايام منع النجيفي قناة العراقية من دخول مجلس النواب بحجة قطع المؤتمر الصحفي له الذي كان ردا على اتهامات المالكي له .ومهما كات قانونية الإجراء .فانه يكشف عن خلل كبير يجري في القناة التي يعين رئيسها من قبل رئيس الوزراء !
فقناة العراقية يجب ان كون قناة الدولة , لا قناة الحكومة ,ومفهوم الدولة اكبر من الحكومة ,والدولة تشمل الحكومة والبرلمان ومجلس القضاء الأعلى والهيئات وغيرها .ويجب على العراقية ان تأخذ الرأي والرأي الآخر وتغطي جميع أنشطة الدولة بحيادية ومهنية وتوازن .فالحكومة تتغير والدولة هي الباقية .
فالعراقية في الاونة الاخيرة كانت اغلب برامجها موجهه باتجاه معين ,ولا تستضيف الا من يمدح السلطان وحكومته ,ومن كتلة سياسية معينة ,فلم تستضيف (مثال الآلوسي او صباح الساعذدي او مها الدوري او فائق الشيخ علي )وغيرهم الكثير .
واُبعد منها المقدمين الجريئين لاسباب واهية كالمقدم الرائع عدنان الطائي الذي كنا نتابع البرنامج لاجله مهما كان الضيف .
هذا الانحراف غير مبرر اطلاقا وهو بداية لصناعة الدكتاتورية من جديد التي عانينا منها عهودا طويلة ,وعلى العراقية ان تعود الى السكة الصحيحة التي رسمها لها الدستور وتكون قناة الدولة لا الحكومة وحزبها ورئيسها ,لانها ممولة من اموال الشعب العراقي .