بيـن داعش وجـاحش ورعـاع السـيـاسيـة اضـاع العـراقيين انفسهـم/د احمد الاسدي

Sun, 16 Mar 2014 الساعة : 23:21

الـذيـن علـى الأرجح قــد ارتضـوا لأنفسهـم أنْ يكـونـوا بـيـادق شــطـرنج تـتـلاقفهـا عقـول لا تعـرف مـن السـيـاسيـة إلا مـنـافعهـا , و ليس بينهـا وبيـن اخـلاقيـات الـوطـن والـوطنيـة وثـوابتهمـا ســوى إدعـاءات المـُـرائيــن المنتفعيـن الذيـن أجـلسـتهـم اللحظـة التـاريخيـة الشـاذة علـى كـرسـي حـكم مـا كـانـوا يحلمـون بــه ولا يسـتحقـونـه يـومــا .

لـلأسـف بــدلا مـن امسـاك خـيـوط اللعبــة والتحـرك علـى اسـاس معطيـاتهـا وبمـا يـصـنع الحـلول الحقيقيـة لحـالـة التـردي الأمنـي والاقتصـادي والسـيـاسي والانحـراف المجتمعـي والفـوضى التجهيليــه , اغـرق الكثيـريـن حـالهـم بفلسـفـة البيضـه مـن الدجـاجـة ام الدجـاجـه مـن البيضــه , وأضـاعـوا الشــارع فـي دهـاليــز داعـش وجـاحـش و تنظيـرات مـتـاهـات اصــول ومـرجعيـات الارهـاب وخلفياته .

داعـش وجـاحش ايهـا السـاده المتفلسفيـن , ســواء كـانت مـرجعيتهما شـرقيـة او غـربيـة , قـاعـديـه او اســتخبـاراتيه امـريكيــة , وإن كـانـا ينـفذان اجنـدة طـائفيـة مذهبيــة او مـؤامـراتيـه مخـابـراتيــة , فهـما فـي أول المطـاف وآخـره ادوات ارهـاب قــذرة , ثـقـافتهـا الاجـرام , ونهجهـا التكفيـر , ووظيفتهـا تفكيـك النـُســج المجتمعـيــه , و إنَ اســتراتيجيــة التصـدي لهـا لا تـأتـي بثمـارهـا بمعـزل عــن احــتـواء حـواضنها المجتمعيــة , وعمليـة الاحـتـواء هـذه تحتـاج الى جهـد جمعـي لا يمكـن للـدولـة النهـوض بــه مـن دون أنْ يكـون للمـواطـن دور جـوهـري وحيـوي في كـل حـيثيـاتـه , مـن خـلال التـرفـع اولا عـن التخـندقـات المنـاطقيـة والمذهبيـة والحـزبيـة والقفــز علـى المنـافـع الذاتيــه المـرحليـة , و ثـانيـا النظـر للعـراق بعيـدا عـن اسـلـوب وثقـافـة المحـاصصه والتحـاصص التي جـاء بهـا الاحـتـلال ورعـاعــه مـن سيـاسيي لحظـة الغفلــة , وتـأجـيـل كـل الخـلافـات والاخـتـلافـات ليس لعـدم اهميتهـا فـي الحسـابات , وإنمـا لكونهـا لا تسـاوي شيء أمـام انهـار الـدم التي تســيـل يوميـا والارواح البـريئــة التي تــزهــق بلا ذنب والقيم الاخـلاقيـة التي تـداس بعهـاره .

لسـنـا هنـا بصـدد الانشـاء والجـدل البيزنطيني العقيـم , وعـنـدمـا نـضـع اصـابعنـا علـى أصـل الـورم لا يعنـي اننـا نتجـاهـل اعـراضــه وتـداعيـاتــه , حـيث جـذر المـُشـكـل العـراقــي يكمـن فـي الشـخصيــة العـراقيـة الـتي انحـرفـت ابـرة بـوصلتهـا بفعـل عـوامـل ســنـوات شـمـول الأمس وحـروبـة ومغـامـراتـــه وتغييبــه المقصـود للعـقل والفكـر , و تداعيـات مـرحلـة الاحـتلال ومـا سبقهـا مـن حصـار وتحطيـم للبنـى المجتمعيــة واسـتهتـار بالقيـم الاخـلاقيـة وتسـطيح لمفهـوم الوطـن والوطنيـة , ومـا تلاهــا مـن سيطـرة احـزاب وتيـارات سيـاسيـة , بعضهـا جـاء بـأوامـر الاحـتلال ومشـروع فـوضـاه الخـلاقـة , والبعض الآخـر اسـتحـوذ على عقـول العـامـة مـن البسطـاء بـإسـم الديـن والمذهـب والمنطقـة والعشيـرة , واسـتخدم امـوال الفسـاد والنهـب وسطـوة الحكم لـتـثبيت امـاراتـه السلطـويـة الجديـده , فهـل يعـُـقـل أنْ يـصـمت الشـارع ويلـوذ خـلف الجـدران ويـرضـى الشخص العـراقي على ذاته أنْ يكــون اداة رخيصـه بيد فـلان وفلتـان , وحطبـا لنـار يطبخ عليهـا المنتفعيـن طبخـات فسـادهـم ونهبهـم وتآمـرهـم , بينمـا الارهـاب واجـرامـة اليـومي يطحـن بالارواح على قـدم وسـاق , والـدولـة وتـجـار فسـادهـا , والبـرلمـان واعضـاء دسـائســة وبـازارات نخـاستهـم السـيـاسيــة ,وكـل الامـراض المجتمعيـة تنهـش بجـسـد الـوطـن وتنـال مـن حـاضـره ومســتقبلــة , والأغـرب والمـُسـتهجـن ليس فقـط هـذا الصمـت المـُطبق اتجـاه حالة النهب والسلب والفساد والمتاجره بالمقـدرات وإنمـا فـي هـزليــة انتفـاض ذات الشـارع متظـاهـرا ومعـربـدا ومهـددا ومتـوعـدا لمجـرد انتقـادات ومهـاتـرات سيـاسيـة وشـخصيــه لا تخـرج عـن سـيـاقـات التنـافسـات علـى ســرقـة اصـوات البسطـاء وشــراء ذمم الضعفـاء , دارت بيـن هـذا وذاك مـن فـرقـاء عمليـة التحـاصص السياسي والنهبي .

كـم تمنيننـا علـى الوزراء والنـواب ورجـال الديـن والمتحـزبين والمطبليـن والرداحـه والابـواق والمتملقيـن أن يكونـوا قـد خـرجوا للمطـالبـة بالتغييـر الجذري لواقع حـال العـراق الذي ضـاع بيـن اقـدام رعـاع السيـاسيه ومفســديهـا بـدلا مـن خـروجهـم انتصـارا للسيـد مقـتدى الصـدر بالضـد مـن تقييـم سـيـاسي يدخـل فـي إطـار منـافسـات شـد وجـذب الدعـايـة الانتخـابيـة أطلقــه اتجـهـاهه شـريكـه فـي الحكـومـة والتحـالف والعمليـة السيـاسيـة المالكـي , وكـان قــد مـارس اسـلوبه وثقـافته الصـدر ذاتـه مـرات ومرات بالضـد مـن خصـومـه وفـي مقـدمتهـم المـالكي عبـر احـاديثـه متلفـزه او اجـابات على اســتئنـاسـات مـؤيـديـة , وكـاتب السطـور هنـا لســت بصدد الدفـاع عـن المـالكـي , فأمـر الرجـل لا يهمنـا مـن بعيـد ولا قـريب , ولا قـدحـا بشخص مقتدى الصدر فهذا ليس ثـوبنـا , ولكـن مـن اجـل تـوضـيح حـالـة الانجـراف والانحـدار والتنـاقض والتجهيـل التي تعيشهـا الشخصيـة العـراقيـة الغـارقـة في وحـل المجهـول الذي اراده لهـا الآخـريـن .

انتقـاد المـرحلـة و إشهـار تشـخيص اورامهـا وسـرطـاناتهـا ليس اسـتعـداء علـى احـد ولا خـدمـة لطـرف على طـرف آخـر , بقـدر مـا هـو التـزام اخـلاقـي ووطنـي بـوجـوبيـة خـلاص الشـارع مـمـا هـو فيــه , فلقــد وصـلت الأمـور الـى حـال لايطـاق , خصـوصـا وإنَ فـي كـل مـره تقتـرب بهـا الانتخـابات المحليـة او البرلمـانيــة تـزداد وتيـرة نـزيـف الدم من جهـه والمتـاجـرة والاستغبـاء بالعقـول البسيطـة مـن جهـة أخـرى , حـيث اصبح المـواطـن لاقيمـة لـدمـه ولا لإنسـانيتـه , والكـل يـريـد أنْ يـتسـلق علـى ظهـره وبأي وسيلــة كـانت , حـيث غـايـة الكـرسي اصبحـت تبـرر وسيلــة الاحتفـاظ بـه للجـالسيـن عليـه , ووسيلــة الحصـول عليــه للحـالميـن بالعـوده لـه مـن جـديـد .
 

Share |