الاشكالية بين الانتماء والولاء/عصام الطائي

Fri, 14 Mar 2014 الساعة : 2:16

هناك اشكالية تحدث في الواقع السياسي والاجتماعي بسبب وجود تعدد الانتماءات وليست المشكلة بالانتماء مجرد كونه انتماء كأن يعود انتماءه الى مرجعية دينية او مذهبية او قومية او حزبية بل ان يتحول ذلك الانتماء الى ولاء مطلق لا ينحاز المرء به للحق بل ينحاز الى انتماءه مهما كان نوع انتماءه سواءا أكان يمثل الحق او الباطل او ذات مواقف صحيحة او خاطئة او سلوك ايجابي او سلبي مما يترتب بذلك الى التعصب للدين او للمذهب او للقومية او للحزب السياسي او للتكتل السياسي وتكون لغة العاطفة هي السائدة في تحديد سلوكه لا لغة العقل مما يتسبب في ظهور مشاكل اجتماعية وسياسية في كثير من الاحيان تتحول بعدها الى فتن تحرق الاخضر واليابس وطالما يكون الجهل هو السائد مثل هكذا اشخاص فيعم الهرج والمرج ويتعدى على كثير من الحقوق وتنتهك كثير من الحرمات جراء الانتماءات والولاءات .

ولكن هناك شخصيات مع كونها منتمية لدين او مذهب او لحزب او لقومية معينة الا انها تعتمد على اتباع العقل وتكون متسلحة بسلاح الوعي فتنتقد اي فكرة او عقيدة او مذهب او اي سلوك نابع من التوجه الديني او المذهبي او الحزبي او القومي فمثل هكذا شخصيات تحترم حتى مع من يخالفها في الانتماء ومثال على ذلك كشخصية عبد الفتاح مورو وهو الشخصية التي تنتمي الى حركة النهضة وهو من قياديها فهو ينتقد الاسلاميين بصورة عامة فيقول ( ان الاسلاميين لم يدركوا متطلبات الواقع ) ونجد عدم ادراك الواقع يتمثل بصورة واضحة لدى الاتجاهات السلفية المتشددة مما اوقعهم في كثير من التجاوزات على حقوق الناس في ارواحهم وامولهم واعراضهم لذلك تمسكهم الشديد بانتماءاتهم الدينية والمذهبية والفهم الحرفي للنصوص الشرعية قد اوقعهم في كثير من الاخطاء والانحرافات والتجاوزات على الاخرين وهذا يشمل كذلك الاتجاه الشيعي المتشدد فهناك اشخاص لهم انتماء للمذهب الشيعي وانتماءات حزبية مختلفة يكون سلوكهم الخارجي فيه كثير من الاخطاء والانحرافات والتجاوزات على الاخرين وقد تأثر سلوكهم الخارجي من خلال الاعتماد على العاطفة والانفعال الشديد مما سبب ارباك في المواقف وبالتالي كثير من الانحرافات والتجاوزات على الاخرين.

وان سبب التشرذم التي تعيشها كثير من الساحات الاسلامية هو يعود بسبب عدم وجود مرجعيات علمية واقعية واعية تتحرك بصورة تجعل الناس تكسب ثقتها بها بل على العكس بعد ان فقدت الناس ثقتها بالاحزاب اليسارية والقومية والليبرالية اضحت تفقد ثقتها بالاسلاميين يقول عبد الفتاح مورو ( اقول ان هناك من السلبية اكثر من الايجابية ونحن فقدنا المسجد واصبح بايدي كثير من التيارات الاخرى ونحن فقدنا رجال الاعمال الذين تفلتوا منا وذهبوا الى حركات سياسية اخرى ونحن فقدنا ثقة رجال الثقافة والفن الذين اصبحوا يثربون عن الاسلاميين مواقفهم وقال والان بدا نفقد ثقة الاسلاميين ) ومن هذا المنظور نجد عبد الفتاح مورو يتحدث على اهم قضية يجب ان يتمسك بها اي حزب سياسي هو ضرورة عدم فقدان الثقة لذلك نجد الامام علي ع يتحدث عن هذه المسالة فيقول ( اعجز الناس من عجز على اكتساب الاخوان واعجز منه من ضيع من ظفر به منهم ) وفي الساحة الشيعة قد فقد الكثير من الناس ثقتها بالاسلاميين نتيجة السلوكيات الخاطئة والمواقف الخاطئة وهذا يمكن لاي حزب قومي او يساري او ليبرالي ان يفقد ثقته اذا ما مارس سلوكيات خاطئة وهذا ما يحدث كثيرا في الساحة العراقية من مختلف الاتجاهات المذهبية والقومية من سلوكيات وتصرفات خاطئة تعود بالضرر على الجميع.

وهناك مسالة اخرى حول اهمية الالية في الحكم اي الوسائل او الاسلوب او المنهج في ادارة الحكم فقد تحدث عبد الفتاح مورو قائلا ( ان الاسلاميين لم تكن لهم الالية في ادارة الحكم ) وهذه المشكلة لا تشمل حركة النهضة فحسب بل تشمل اغلب الاتجاهات الاسلامية بشتى توجهاتها واعلى مراحل التخلف في ادارة اي بلد اسلامي ما يمثله التوجه السلفي المتشد وهذا ما حصل في افغانستان فالرؤية لهؤلاء هي عبارة على تطبيق صورة طبق الاصل على ما حصل في زمن الحكم الاسلامي فهؤلاء الغوا الواقع نهائيا من حساباتهم مما سبب نفور كثير من المسلمين منهم بسبب سوء ادارة الحكم وكان اخوان المسلمين في مصر صورة اخرى على غياب او تغيب الواقع من حساباتهم فوقعوا ضحية رؤيتهم الضيقة في الاطار الحزبي مما سبب تخلف الامة عن مناصرتهم .

ولا تنحصر الرؤية الضيقة في الاتجاه السني بل الاتجاه الشيعي فهو صورة اخرى عن ضعف الرؤية وقلة التجربة مما اوقعهم في كثير الاخطاء وسبب ضعف في ادارة ملف الحكم ولا يقتصر هذا على من استلم الحكم بل حتى على مستوى المعارضة كما في العراق فهي صورة اخرى على ضعف الرؤية وقلة التجربة فبالرغم من كونهم مشاركين في الحكم الا انهم كانوا يمارسون لا دور المعارضة كمعارضة بل دور التسقيط السياسي مما سبب مشاكل وازمات في الواقع السياسي ومما سبب ردة فعل شديدة من المواطنين اتجاه كل الاسلاميين ولا يقتصر ضعف الثقة بالاسلاميين بل الناس ضعفت ثقتهم بجميع الاتجاهات الحزبية القومية والليبرالية واليسارية والمذهبية بمختلف انتماءاتهم السياسية وذلك بسبب السلوكيات والمواقف الخاطئة لذلك استمعت الى بعض من يمتلك الوعي يتحدث ويقول بانه لا يهمه في انتخاب اي شخص هو انتماء الشخص المنتخب من حيث انتماءه الديني او الحزبي او القومي بل المهم هو ما يحققه من انجاز على الارض وما يحققه من خدمة للناس ولكن مثل هكذا امر سوف لا يتحقق لان الكثير من الناس سوف يكون انتخابهم على اساس ديني ومذهبي وقومي وعشائري وليس على اساس الانجاز وهذا ما يعتقده الكثير من المحلليين السياسيين.
وان المهم في واقعنا الحياتي هو اهمية اهل الخبرة والاختصاص في شتى شؤون الحياة فمع فقدان الخبراء واهل الاختصاص في كل مجال من مجالات الحياة سوف تجد الانجاز متلكأ او فاشلا في كثير من الاحيان وهذا ما نجده في شتى شؤون حياتنا فتجد الخلل في انجاز اغلب الاعمال بصورة متقنة من الحداد والنجار والطبيب والمعلم والطالب والكثير من الاصناف المختلفة ولا بد ان يكون اهل الخبرة في المكان المناسب ليتحقق الانجاز ولا بد ان يتحقق اضافة الى ذلك عنصر الاخلاص فبدون الاخلاص حتى مع كونه صاحب خبرة واختصاص قد يتحول الى داء بعد ان كان يجب ان يكون دواء.
عصام الطائي

Share |