مــَـنْ ســيـُـنـزل اوبـامــا هــذة المــره ؟/د احمد الاسدي
Sun, 9 Mar 2014 الساعة : 1:10

تسـارع تـطـورات الأزمـة الاوكـرانيــة وتـدحـرج كـرة ثــلجهــا ينحــو بــأبعــاد أكثـر ممـا كـان يــتوقعهـا الجميــع , وخـصـوصـا العـواصـم الغـربيـة التـي انـدفـعت وراء تهـورات واشــنطـن و إقـحـامهــا لنـفسهــا بمـواجهــة مـبـاشــرة مـع مــوسكــو , بعـد إنْ كـانـت طـوال الســنـوات التي اعـقـبت انتهـاء فـتـرة الحـرب البـاردة بيـن المعسكـرين الشــرقـي والغـربــي تـعتمـد علـى اســتراتيجيــة القيـادة مـن المقعــد الخـلفـي والاعتمـاد علـى الـوكـلاء بـالتنفيــذ , وممـا لا شــك فيــه إنَ الاوربييـن فـي مقـدمـة جـَـمـع الخـاسـريـن مـن جـراء هذة المـواجهه وانعـكـاسـاتهـا المســتقبليــة , التـي ســتبقـى نـارهـا مـتـوقــدة حـتـى لـو تـم التـوصـل الـى تفـاهمـات آنـيــه لتـجـاوز تـصـادمـاتهـا .
خطـوات التصعـيـد الأمـريكيــة بالضــد مـن مـوسكـو تـذكـرنـا بـذات الخطـوات التـي رافـقـت الحـدث الســوري فـي بـدايتـه وإتخـذت بحـق دمشــق , مـن حـيـث الخطـاب الدبـلومـاسـي والتهـديـدات بالمقـاطعـات والعقـوبـات الاقتصـاديـة , وتـجميـد الأمـوال والأصـول للمسـؤوليـن , والـدفــع بـالحلفـاء الاوربييـن علـى اتخــاذ ذات الخـطـوات , والسـعـي عبـر الاعـلام المـُجـيش لشــيطنــة الـرئيس الروسـي بـوتيـن وإظهـارة امـام الرأي العـام بـالنـازي والـدمـوي والـرجـل الأخطـر علـى السـلـم الدولـي جمعـا واوربـا تحـديـدا , ولعـل الأغـرب فـي ذلـك , مـا تـم الكشـف عنــه خـلال المكـالمة الهـاتفيـة المـُسـربـة بيـن وزيـر الاتحـاد الاوربي اشتون ووزيـر الخـارجيـة الاســتونـي , حـول فضيحـة القنـاصيـن الـذيـن استهـدفـوا الشـرطـة والمحتجـيـن معـا فـي كـييـف ,وعـلاقـتهـم المشــبـوهه مــع قـادة الائتـلاف المعـارض الذي قــاد الاحتـجـاج الانقـلابــي فـي اوكـرانيـا , وهـو ذات الاسـلـوب الاجـرامـي الذي قـامـت بـه مجـاميـع مسلحـة مـرتبطـة بجهـات خـارجيـة اســتهـدفت المـواطنين المحتجيـن ورجـال الشـرطـة والأمـن فـي الأشهـر الاولـى مـن عمـر الحـدث الســوري , والـذي تـم القـاء تبعيته علـى الجيش والقـوى الأمنيــة و أُســتغـل اعـلاميـا لإشـعـال الشـارع الســوري وتـأجيجــه والدفـع بــه الـى العسكـره والـوصـول بواقـع حـالـه لمـا نحـن عليـــه اليــوم .
المـُشـكـل فـي السيـاسيـة الأمـريكيـة يكمــن فـي الانـدفـاعـات الغيـر محســوبـه لإداراتهـا المتعـاقبــة , والتي عـادة مـا تـأتــي بنتـائـج ســلبيـة علـى المـدى البعيــد وإنْ حـققت مكـاسب وقــتيــه , ولـنـا فـي غـزو الصـومـال وافغـانسـتـان والعـراق وليبيــا , والـدور الـذي تقـوم بــه واشنطن فـي اليمـن , وتــدخـلاتهـا الشــائنـة فـي الأزمـة الســوريـة ودعمهـا للعصـابات الاجـراميـة المسلحـة , حـيث وصـلـت ذروتهـا تحـت ذريعــة كيميـاوي الغـوطـة المـزعـوم . والـى الدرجـة الـتي اصـعـدت اوبـامـا فـوق الشـجـرة الســوريـة وابقتــه حـائـرا لا يعـرف الـنـزول منهـا , لـولا تــدخـل الرئيس الـروسي بـوتيــن فـي اللحظـة والتكتيـك المنـاسبيـن لإنقـاذة مـن ورطتــه .
امـريكــا تخـشــى مـن أي تصـادم عسـكـري مبـاشـر مـع روسيــا ليس لضـعـف فيهـا . وهــذة حـقيقــة يـجـب أنْ لا نقفـز عليهـا , فـالقـوة الأمـريكيـة مهمـا قيـل عنهـا تبقـى عظمــى وقـادرة علـى التحـرك وفـق مـا تتطلبـه ضـرورات الدفـاع عـن مصالحهـا وأمنهـا , وإنمـا لحسـابـات مـرتبطـة بمـلفـات امـريكـا المتشـابكــة فـي العـالـم ســواء مـا يخص وجـودهـا العسكـري الذي اصبح بحـكم المحـاصـر فعليـا فـي افغـانستـان , ومصـالحهـا فـي العـراق ودول المنطقــة , وتخـوفـاتهـا علـى حلفـاءهـا فـي السعـوديـة ودول الخليـج والاردن واسـرائيـل , وخـشيتهـا مـن الدور الذي ســتلعبــه طهـران ومسـتقبـل بـرنـامجهـا النـووي فـي ظـل اي صـراع محتمـل لهـا مـع مـوسكـو التي تـرى فـي ايــران حـلـيف يمكـن الاعتمـاد عليــه فـي المنطقــة .
روسـيـا تمـتلك اوراق عـديــده يمكـن لهـا أنْ تلعـب بهـا سـواء فـي الحديقـة الخلفيـة لـواشنطـن حـيث فـنـزويـلا وكـوبــا . او علـى الجغـرافيـة الشـرق اوسطيـه حـيث ايـران والعـراق وســوريـة وحـزب الله , وهـذا الأمـر تـدركـة واشـنطـن تمـامـا وتخشـاه , مثلمـا يـرتعـد منـه حـلفاءهـا فـي المنطقـة , والضغـوط الامـريكيـة الغـربيـة مهمـا ارتفـع سـقفهـا تبقـى فـي حـدود المـد والجـزر , مـا بيـن تهـديـدات وقـرارات لا ثقـل لهـا علـى ارض الـوقـع وبيـن مسـاعـي دبلـومـاسيـة حثيثيــه مـن خـلف الابـواب لحلحـلـة الأزمـة تطـلـع بهـا المسـتشـارة الالمـانيـة ميـركـل , التي علـى مـا يبدو قـد اوكـلت لهـا مهمـة انـزال اوبـامـا مـن فــوق الشجـرة الاوكـرانيـة هــذة المـرة , ولكـن هـل ســتنجح مـيـركـل فـي مسـاعيهـا أم ســتذهـب الأمـور الـى تصعيـد اكثـر لا تـُحمـد عـقبـاه ؟
7 شــبـاط 2014