دور الدراما في تسقيط هيبة قصار القامة/الحسن علي الرفاعي
Wed, 5 Mar 2014 الساعة : 19:28

أكتب بحسرة على ماتبناه الإعلام بشكل عام والعراقي بشكل خاص في تتبع منهج منظم غير معهود في ترسيخ فكر في عقول الأطفال مضمونها : ( ان قصار القامة أداة للاستهزاء والسخرية ) .
أكن كامل الاحترام والتقدير للفن الإيجابي الذي حمل على عاتقه عرض الكثير من المشاكل الاجتماعية محاولاً بكل جهده معالجتها بطرق مختلفة تستحق ان نفخر بها من خلال إعماله التلفزيونية والمسرحية .
الحقيقة ما دعاني للكتابة بهذا الموضوع أمرين :
الأول :_ هو مايتعرض له قصار القامة من مضايقات ومن تلاقف العبارات الجارحة في الشارع ؛ بسبب ماروجه الإعلام السلبي بحق تلك الشريحة ، ممارسم صورة مشوهة المعالم بحقهم .
والثاني :_ مانسبه لي بعض الأخوة الإعلاميين في تعليقاتهم ومقالاتهم من أني أنكر الثقافة والفن ، وأعترض وأمانع دخول أفراد هذه الشريحة في المجال الفني ومايخصه .
وأجيب على مانسب لي بأنه عار عن الصحة والمصداقية ، وأني أول الداعمين والمشجعين لدخول شريحة قصار القامة في مختلف الجوانب الفنية من مسرح وشعر وغيرها ، وأفخر لخوضهم التجربة الفنية بنواحيها . ولمن أراد التأكد على صحة حديثي ، ماعليه إلا ان يبحث على شبكة المعلومات الدولية الانترنت عن مقال لي بعنوان ( الثقافة والإعلام التجاري بحق شريحة قصار القامة في العراق ) .
يعتبر العمل الدرامي الذي يستخدم قصار القامة بأدوار فرعية غير البطولة ويقلل من شأنهم ويحط من قدرهم القشة التي قصمت ظهر البعير ، حيث تبناه الإعلام السلبي وأخذ التلفاز على عاتقه بذل أقصى جهده في الترويج لفكره وتحقيق مأربه . أثقلت تلك الأدوار على كاهل شريحة قصار القامة بمعنى الكلمة فكان وابل من الهموم انصب على رؤوسهم . حتى تحمل الإعلام مع تأكيده المستمر على مداومة عرضه !!! .
حصلت تلك الدراما السلبية على شد انتباه كثير من البيوت العربية عموماً العراقية خصوصاً ، منهم المتفرج الضاحك على معاناة تلك الشريحة فكانت مشاهدته لغرض الترفيه عن النفس والتنقيص من تصرفات إنسان له حقوق وعليه واجبات ، يهتز ضاحكاً على مواقف غير إنسانية .
وآخرين منهم كحالي مترقب بعين الأسى بحيطة وحذر ، لما يتعرض له أخواني الفنانين في ذلك المشهد الدرامي ، حز في نفسي كما هو حال الكثيرين من الشرفاء ان يعامل قصير القامة كأداة بيد المخرج المبدع والمنتج الراقي بذلك الأسلوب الغريب .
يظهر المسلسل قصير القامة بلا روح إنسانية خارج نطاق الفكر والتفكير ، جل هم السيد المخرج ان يجعل منه مثال للسخرية والاستهزاء ، تارة يقذف به وأخرى يقذفه بحجر وبغيره مما يعف اللسان عن النطق به ناهيك عن العبارات الجارحة والأفعال المحرجة غير المحسوبة ، واقع مأساوي في ظل حرية الإعلام العراقي الجديد .
بناء على ماجاء في سياق حديثي نستنتج مايلي :
1_ أعتبر الطفل العراقي ان كل قصير قامة يمشي في الشارع أو في الأسواق أداة للسخرية والاستهزاء .
2_ أطلق الطفل العراقي على كل شخص قصير القامة أسم ( عبوري ) وهو شخصية في المسلسل عراقي .
3_ أعتبر الناس ان كل قصير قامة لايحسن إلا صنعة واحدة ، وهي التمثيل وهذا غير صحيح مع احترامي وتقديري ، فلدينا أخوة قصار قامة بحق أحسنوا صنعة الفن والتمثيل في السينما والمسرح .
وعليه واستناداً على مامر ذكره نطالب نحن قصار القامة في العراق بالأتي :
1_ على السيد المخرج الذي ينتقص من حق الفنانين من قصار القامة تقديم اعتذار رسمي لشريحة قصار القامة ، لرد ماسلب منهم من كرامة تكفل القانون السماوي والوضعي حفظها لهم .
2_ ان كان السيد المخرج صادقاً في مساعدته لتلك الشريحة ويريد الخير لها ، ماعليه إلا ان يشرع في إنتاج جديد ومفيد يشرح فيه معاناتهم ، ملتزماً فيه بحدود الأدب في التعامل مع الفنانين من تلك الشريحة .
عتبي على من سعى ودعى لفكرة استغلال تلك الشريحة المنسية وزج بأفرادها في واحة الاستهزاء والسخرية مدعي ان ذلك الهرج ملحمة فنية فيها فائدة اجتماعية ، غايته من ورائها كسب منافع دنيوية ، مبتعد عن القيم الإنسانية . يحتم علي واجبي الأخلاقي ان تخط أناملي الضعيفة بقلمي ( الجارح ) كما يسميه البعض عبارات الرثاء على الإعلام الرخاء في الشدة ، والفن الإبداعي الذي يحمل مبادئ الخلق الفني الأصيل لمعالجة المشاكل اليومية في زمن سبق جرح السيف فيه حد الحيف ، فكان نواة المشكلة بدل ان يكون حل الأزمة .
علماً اننا لا ننكر دور الإعلام الإيجابي والشرفاء من الإعلاميين ممن ساعدنا في مشروعنا الإنساني والوطني .
الحسن علي الرفاعي
الأمين العام لجمعية قصير العراقية
رئيس تجمع قصار القامة في ذي قار
