في ذكرى ثورة شعب/ليث السراي

Wed, 5 Mar 2014 الساعة : 17:51

على الرغم من صغر سني في ذلك الوقت الا اني كنت ادرك تماماً مدى الظلم الذي نعاني منه من سلطة النظام البعثي المجرم ,الذي اهلك الحرث والنسل وتستمر جرائمه الى اليوم بحق هذا الشعب المسكين من خلال تحالفه مع كل قوى الشر بالعالم .

اتذكر تماماً ظهيرة ذلك اليوم الذي لم يكن يوم ككل الايام فاستيقظنا منذ الصباح ونحن نسمع بان المجاهدون قد ثاروا باغلب المدن الجنوبية ووصلت الثورة الى مشارف مدينة الناصرية ,وانها سوف تندلع في مدينة الشطرة مدينتي الام عند الظهر ,ومرت الساعات وكأنها ايام وانا بانتظار تلك الساعة ولم يهدأ بالي ابداً وانا اراقب الشارع على امل ان يتقدم الوقت لنشهد بعث الحياة فينا من جديد فالذي يعيش تحت سياط الجلادين وظلمهم شخص لم يولد بعد.

ادركت اختي الكبرى ما يدور في عقلي فارادت مني ان اذهب بها الى بيت احد اقاربنا لعلها تبعدني عن المشاركة في هذه الثورة الكبيرة لكن شاءت الاقدار وعند خروجي من البيت بصحبتها ان اسمع اصوات الثائرين تعلوا في جميع ارجاء المدينة عندها ادركت ان ساعة الحياة قد حانت حاولت المسكينة ان تمسك بي لكن دون جدوى فقد افلت منها وركضت مع الجموع الذين خرجوا من البيوت ومن الازقة ليملئوا الشوارع بصيحاتهم وليسطروا قصص من الشجاعة والاقدام لم تزل الى الان اناشيد يتغنى بها من كان شاهداً على تلك الثورة ذهبت مسرعاً باتجاه الفرقة الحزبية مع الكثير من الثوار والذين تقسموا الى مجاميع منهم من ذهب الى دائرة الامن ومنهم من ذهب الى مركز الشرطة وغيرها من مقرات القمع والجور التي كانت تملئ كل المدن في عهد العفالقة المجرمين .

وصلنا الى مشارف ذلك المكان المشؤوم فوجدنا رجال البعث ينزلوا رشاشاتهم على صدور الشعب الاعزل والثائر فسفكوا دماء زكية وطاهرة الى الان يستذكرها ابناء تلك المدينة الشجاعة واخذنا نصيح باعلى اصواتنا بشعار الى الان يرن في اسماعي والذي ردده احد المجاهدين قد اعدم فيما بعد (هذا يومك يا حسين هذا يومك يا صدر هذا يوم الشهداء) فعلاً انه يوم الشهداء ولمثل هذا فليعمل العاملون وهناك اهزوجة اخرى رددناها عند تشييع الشهداء في اليوم التالي وهي (هاي الشهادة يا ناس موش الشهادة للبعث).

مر الوقت سريعا حتى اصبحت المدينة حرة وخالية من جلاوزة البعث الفاشي ,وعند رجوعي في الليل الى اهلي وجدت عندهم احد الاشخاص صاحب لحية كثة وعليه اثار الجوع والعذاب فقلت لاخوتي من هذا قالوا انه احد السجناء الذين اخرجناهم من سجن المدينة وهو من اهالي كربلاء وقد تم اعتقاله في يوم زفافه في قصة اقرب الى الخيال منها الى الحقيقة ولم يعرف عن اهله او يعرفوا عنه اي شي منذ سنوات في ممارسة كانت بسيطة جداً في ذلك العهد .

كتبت هذه الكلمات على عجالة بعد ان تلقيت رسالة من احد الاصدقاء يهنئني فيها بذكرى تلك الثورة وما يحزنني جدا انها تمر مرور الكرام دون اي استذكار من قبل الدولة او مؤسساتها او احتفال يليق بهذه المناسبة والتي لا يزال رجالها يعيشون بين ظهرانينا وباستطاعتهم ان يقصوا القصص العجيبة عن بطولاتهم وشجاعتهم, هي مطالبة لكل المسؤوليين في الحكومة المحلية او المركزية ان يجعلوا ذكرى ثورة هذا الشعب مناسبة رسمية يحتفى فيها في كل المدارس لنحكي لاجيالنا عن شعب حي رفض الظلم من اقسى ظالم وجلاد عرفته هذه الامة .

Share |