التعليم في العراق..والتقدم إلى الوراء/المهندس زيد شحاثة

Tue, 4 Mar 2014 الساعة : 23:32

يجمع أهل الشأن التربوي, على أن هناك فرقا بين التعلم والتعليم, من حيث الشكل والمضمون.
التعلم يوصف بأنه "نشاط ذاتي يقوم به المتعلم, تحت إشراف أو بدونه لاكتساب المعرفة أو لتغير السلوك", أي انه نشاط ذاتي, مبني على المشاركة والممارسة للمعرفة كوسيلة لتعلمها.
أما التعليم, فيوصف "بأنه التصميم المخطط للعملية التي تساعد المتعلم, على اكتساب المهارة أو التغيير في السلوك" أو ببساطة المؤثر الخارجي لتهيئة مستلزمات التعلم ضمن خطة.
يتضح مما سبق أن هناك جانبين لعملية إنشاء الأجيال وبنائها,أولها ذاتي يرتبط بالجيل نفسه, وأخر خارجي يرتبط بتهيئة مستلزمات هذا البناء, ومن المنطقي أن المسؤول عن هذه التهيئة جهات عدة, أولها الأسرة فالمجتمع, فالدولة بصفتها الراعي الأول.
الجانب الذاتي ولأنه متعلق بالأسرة, و تأثيرها على بناء اندفاع لدى أبنائها, يعني انه ليس ذاتيا بالكامل, ولان وضعها وكيفية تعاملها مع أبنائها, متعلق بالمجتمع و ظروفها المادية والمعيشية والثقافية, وكلها مرتبطة بما تقدمه الدولة لها من برامج دعم وبناء وتطوير.
أما الجانب الخارجي, وجزئه الأساسي المدرسة والمدرس, وهو مرتبط بالبنية التحتية التعليمية, من حيث توفر وجاهزية المدارس, وعدم ازدحام في الصفوف, وتوفر العدد الكافي من التدريسيين, وتمكنهم من فهم أصول وقواعد التعليم والتربية, مع توفر حد مقبول من الدعم للمدرسين والمعلمين, ماديا وعلميا.
بعد كل ما تقدم كيف لنا نقيم العملية التربوية في العراق؟.
الواضح أن هناك قصورا كبيرا في توفير مستوى معين ومقبول للأسرة, و وجود ضغوطات أمنية واجتماعية ونفسية, تنتقل للطفل مباشرة, وأثرها على انخفاض الدافعية لدى الطفل للتعلم والتطور الذاتي, أوضح من أن يشرح.
من المسلم به أن هناك تقصيرا كبيرا من الدولة ومنفذها الحكومة, في توفير بنية تحتية من حيث عدد المدارس أو مستواها أو نوعيتها, وتراكم وازدياد مشاكل المناهج وامتلائها بالكثير من المغالطات, والأخطاء التاريخية والعلمية, يكمله سوء إدارة للعملية التربوية, متناسق مع سوء أداء حكومي, ناتج من عدم وجود رؤيا أو تخطيط إستراتيجي واضح يليق بالبلد.
ذلك أدى إلى أن يكون طبيعيا, أن نسمع بمدارس الطين, أو تكدس أكثر من خمسين طالبا في الصف, أو جلوس طلاب على الأرض, وانخفاض مستوى التعليم, و اهتمام التربويين بأداء رسالتهم, يكمله انخفاض الاندفاع لدى الطلبة إلى حدود مخيفة, فكان الأثر على الكادر التربوي, إما لامبالاة كاملة أو قسوة في التعامل مع الطلبة, وكليهما كارثي.
النهوض بقطاع معين, يحتاج إلى دراسته وتحديد مشاكله, ثم وضع خطط إستراتيجية, وتهيئة مستلزمات تنفيذ تلك الخطط بإشراف أهل الشأن.
نهوض وطن يتطلب خلق جيل جديد متعافي من مشاكل من سبقوه, ولايمكن تحقيق ذلك دون رؤيا واضحة.

Share |