أين أخطأ الشيخ الدكتوريوسف القرضاوي ...؟!/مير عقراوي
Tue, 4 Mar 2014 الساعة : 17:28

لاشك إن الدكتور يوسف القرضاوي هو من أبرز العلماء المسلمين في العصر الحاضر ، وله مكتبة علمية وثقافية ومعرفية في شتى المجالات ، وقد ترجمت العديد من مؤلفاته الى اللغات الكردية والفارسية والأردية وغيرها ، كذلك له جهود مشهودة مشكورة في مجالات التقريب المذهبية بين السنة والشيعة ، إذ كان من أهم قادتها وروداها .
أحاول في هذه الأسطر بيان الأخطاء التي وقع فيها فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ، بحيث إنها أضرَّت بسمعته ، وكان عليه تجنبها بعدما آنجلى الغبار عنها ، وجَلَّ من لايخطيء ، لكن مع هذا ينبغي القول بأن أخطاء الكبار ليست كأخطاء الآخرين ، فأخطاء الكبار هي أخطاء كبيرة بطبيعة الحال ، لأنه لها مردوداتها الكبيرة أيضاً من شتى النواحي . لذا فمن أبرز الأخطاء التي وقع فيها الشيخ يوسف القرضاوي هي كالتالي : 1- الموقف من الأحداث السورية : بعد إنتصار ثورة الشعب المصري التي آنتهت بخلع الرئيس المعزول حسني مبارك ونظامه دعا الشيخ يوسف القرضاوي الشعب السوري للقيام بثورته أيضاً ، وذلك للإطاحة بنظام حزب البعث العربي الإشتراكي الذي يقوده بشار الأسد ، وكان الشيخ القرضاوي من أكبر المحرِّضين على ذلك . بالفعل ، وكما يبدو من تطورات الأحداث السورية قامت الأكثرية من الشعب السوري بالمظاهرات والإعتراضات ضد النظام الحاكم ، حيث طالبوا بالإصلاح السياسي والإجتماعي وتأسيس نظام يقوم على العدل الإجتماعي . طبعاً لاإشكال ولاضَيْرَ في كل ذلك ، لكن الإشكال يكمن في تطورات الأحداث السورية ، وهي تدخُّل حكومات في مصير الشعب السوري ، وهكذا تدخُّل جماعات متطرفة ، بل خوارجية كالقاعدة ومتفرعاتها في الشأن السوري ، وقد تحالف تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا مع تلكم الجماعات القاعدية ، ومع غيرهم من جهات المعارضة لإسقاط نظام دمشق الأسدي البعثي . وقد تم دعم هؤلاء بمئات الأطنان من الأسحلة الحديثة وبالميارات ، وبما أن جماعات القاعدة كانت هي الأكثر نفوذاً وقوة في المعارضة السورية فإنها كانت تأخذ حصة الأسد من تلكم الأطنان المئاتية للأسلحة والمليرات المالية ، حيث كانت قطر والسعودية تمدهم بكل سخاء حاتمي ، وذلك لكي يتم تدمير سوريا وشعبها .
نحن هنا أمام العديد من التساؤلات والإشكالات الكبرى ، أو المؤاخذات لفضيلة الشيخ القرضاوي ، وهي :
ألف / إن سماحته - لاشك - كان على علم بتحالف تنظيم الإخوان السوري مع نظام حكومة البعث العراقي المخلوع في الثمانينيات ، أي إن تنظيم الإخوان السوري كان يستعين مالياً وتسليحياً ومخابراتياً بالعث العراقي ضد البعث السوري ، وهل يجوز الإستعانة بظالم على ظالم ، أو بفاسد على فاسد ، أو بمستبد على مستبد ...؟ فهل جائز كل ذلك من الناحية الشرعية ...؟ وقد جاء في الحديث النبوي الحكيم عن رسول الله محمد - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : { إنا لانستعين بمشرك على مشرك } ! !!
وقد جاء تحالف تنظيم الإخوان السوري مع البعث العراقي السابق في وقت كان البعث العراقي يبطش بطش جبار بالشعب العراقي والشعب الكردي في كردستان إذن ، ألا يدل ذلك إن التنظيم الإخواني السوري هوتنظيم سياسي بالعمق والمنهج والرؤية ، وهو ينتهج المباديء السياسية أكثر من مراعاته للمباديء الشرعية الإسلامية القائمة على العدالة ونزاهة ومشروعية الوسائل والسياسات الموصلة الى الهدف والغاية ، لأن المباديء الشرعية الإسلامية لاتُقِرُّ بأن الغاية تُبرِّر الوسيلة أبداً ! .
فهل إن تنظيماً كهذا يكون بمقدوره تأسيس حكم قائم على العدل الإجتماعي ، أو انه مؤهل له ، بخاصة في بلد كسوريا حيث تكثر فيه القوميات والأديان والمذاهب والملل والنحل ....؟ أنا شخصياً أشك في ذلك ، لأن الخلفية التاريخية للتنظيم هي خلفية مضطربة .
لذا هل أقدم تنظيم الإخوان السوري بمراجعة تلك الحقبة السلبية والمضطربة المذكورة الثمانينية من تاريخه ونقدها والإعتذار منها ، ولماذا لم ينتقد الشيخ يوسف القرضاوي تلك الحقبة من تاريخ تنظيم الإخوان السوري ، ثم لماذا لم يتراجع الشيخ يوسف القرضاوي ويعيد النظر فيما قاله عن الأوضاع والأحداث السورية بعد مرور عام من إندلاعها ، وذلك بعدما توضَّح للجميع بأن غالبية المعارضة السورية ، وفي مقدمتها التيارات الدينية الإسلامية ، وبشكل أخص التكفيريين القاعديين منهم قد تورَّطوا في مذابح دموية بشعة ، وفي القتل الجماعي ، وفي التهجير والتشريد للملايين من أبناء الشعب السوري الى دول الجوار وخارجها ، وفي تدمير وتخريب البنى التحتية لسوريا ، وهل يتم أو يجوز إصلاح الفاسد بالأفسد ، أو بتدمير البلاد والعباد ...؟
ب / في عام [2011] خلال إنعقاد المؤتمر للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين في إستنبول بتركيا أعلن الشيخ تضامنه مع تركيا في محاربة [ الإرهاب ] بحسب قوله في تركيا ، والقصد بالإرهاب المذكور هو المقاومة الكردية في كردستان تركيا التي يتزعمها حزب العمال الكردستاني ، مع العلم ولإطِّلاع فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي إن العكس هو الصحيح والصواب ، وذلك بدلائل وافرة وظافرة ، منها : إن الحكومة التركية هي التي تشن وتفرض الحرب على الكرد وكردستان في كردستان تركيا ، وإن تركيا هي التي تحتل بالقهر والقوة أكبر جزء من الوطن الكردي ، ثم إن الحكومة التركية هي التي تقتل وتعتدي على الكرد وهو في عقر داره ووطنه ، ثم إن المقاومة المسلحة الكردية في كردستان تركيا لم تستهدف الأهداف المدنية ! .
هنا نوجه سؤالاً لسماحة الشيخ القرضاوي ، وهو : على آفتراض أن حزب العمال الكردستاني هو حزب إرهابي كما زعمت تركيا ، ومثلما آنخدع فضيلة الشيخ بالإفتراء التركي حول الكرد وكردستان في شمال كردستان ، بخاصة حول الكفاح والمقاومة المسلحة التي يخوضها حزب العمال الكردستاني منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي ، فلماذا إذن تفاوضت تركيا وقادة أتراك مع السيد عبدالله أوجلان قائد حزب العمال الكردستاني الأسير السجين لدى تركيا منذ عام [ 1999 ] من القرن الماضي ، وذلك للمحاولة في حل القضية الكردية في شمال كردستان وتركيا بنحو عام ، ألا يدل ذلك على آفتئات تركيا على القضية الكردية ، وعلى المقاومة المشروعة الكردية في كردستان تركيا ؟
إننا نعتقد بأنه كان على الشيخ يوسف القرضاوي أن لايدافع عن تنظيم الإخوان السوري< أو غيره من تنظيمات الإخوان في الدول العربية كذلك > لمجرَّد إنهم إخوان فقط ، بل كان من المفترض أن يزن التنظيم بميزان العدل ، ذلك أن العدل هو من أهم التعاليم والأصول في الإسلام كما يعلم جيداً فضيلة الشيخ القرضاوي ...