المالكي يصحح أخطاء البرلمان/حسين الشويلي

Sun, 2 Mar 2014 الساعة : 23:42

قد تكون مفارقة , أن يقوم رئيس حكومة بالعمل على تصويب عمل البرلمان ,ليس بطريقة التدخل المباشر بل بأعتبارات أخرى .
وأنها حقيقة ثابتة , وكل ماعداها يعد وهماً , وأشكالية تحولت بفعل عوامل حزبية وأعلامية الى قناعة وبداهة أجتماعية عند البعض , وهنا يكمن الأشكال ومدى صلته وتأثيره بحاضرنا السياسي .

وهذه البداهة الأجتماعية أو الأشكالية تكمن في عدّة أمور .
ومن أكثرها وضوحاً وأكثرها خطراً على المستقبل السياسي , هو عدم التفريق بين العمل البرلماني والعمل الحكومي .فيتم ألصاق أخطاء البرلمان ومشاكله بالعمل الحكومي قينتج عنه تململاً ونفوراً عن النظام السياسي الذي ينظر له البعض على أن الحكومة هي وحدها من تمثله . والحقيقة أن مصدر المشاكل بكل تفرعاتها أنطلق من البرلمان فغطّى البلد والحكومة .

بيد أن أخطاء البرلمان عادةً تكون كارثية على الوطن والمواطن لأنه مصدر التشريعات والقوانين التي تسير عليها الوزارات والأجهزة التنفيذية . وأي خلل في البرلمان يقابله خلل في عمل الحكومة وليس العكس كما يتصور البعض . وشاهدنا ما يحدث الآن من تأخير متعمد من قبل البرلمان بأقرار الميزانية .

والذي يزيد الأمر تعقيداً , الكيفية التي تشكل من خلالها البرلمان . فهو بمثابة أقطاعيات مذهبية \ حزبية .. أكثر منه ممثلين عن جمهور الشعب . حيث التحالف الوطني ( الشيعي ) والتحالف الكردستاني الكردي . ومتحدون وقائمة صالح المطلك وتنتمي للمذهب ( السني ) .

وتلك الأحزاب والتحالفات تتوزع على البرلمان والحكومة . لكنّ مرجعياتها السياسية تعود الى رؤوساء الكتل وليس للنظام السياسي العام .
فأي خلاف يطرأ في البرلمان ينعكس بحتمية على الوزارات , ذالك لأن أنشطرت تلك الحركات الى برلمانيين ووزراء . ومن خلال التجربة والمعاينة للدورتين السابقتين للبرلمان نجد بوضوح أن المشاكل السياسية والأمنية والأقتصادية هي أساساً مشاكل برلمانية , حدثت في مبنى البرلمان وأنعكست على الواقع والعمل الحكومي .

لكن ثمّة حقيقة لابد من التوقف عندها وتلك هي , أن وصم البرلمان العراقي بالفاشل والمشاغب جاء من قبل البرلمان الأوربي ومؤسسات تخصصية . وليس توصيفاً يقتصر على العراقيين فحسب . وقد تمّ أعلان تلك النتيجة بصورة علنية , حيث وصف البرلمان العراقي على أنه الأفشل على مساحة الجغرافية العالمية . وعلى الصعيد الوطني يمكننا أن نتحسس هذا الفشل من خلال معايشتنا للواقع .

فالتعطيل الدائم والمستمر لأقرار المشاريع المهمة والتي تساهم في الأرتقاء بالعمل الحكومي \ الوزاري والذي تعود نتائجه على المواطن . حيث نلاحظ أن هنالك أهمالاً متعمداً الى تأجيل القوانين المهمة التي ترتبط بمشاريع أمنية أو خدمية . من قبل رئاسة البرلمان أو بأنسحاب بعض الكتل من البرلمان في حال التصويت فيختل النصاب مما يقود الى التأجيل .

الغياب المستمر والمستشري بين النواب , ومعنى هذا أن كل تغيّب لبرلماني هو حرمان 150 الف أو أكثر من المواطنين من ممثلهم في البرلمان , وفق النسبة السكانية لكل نائب في التمثيل . وهذا العدد من المواطنين يلقي بالائمة على الحكومة في أبعاد حياته الأمنية والأقتصادية وغيرها . والحقيقة أن السبب هو ممثلهم لم يحضر جلسات البرلمان كي يمارس عمله لأنتاج القوانين التي تلزم الزوارات بتنفيذها .

جعل من الدائرة الأعلامية للبرلمان منصة لأفشاء أسرار الحكومة والمؤسسة العسكرية بأدق التفاصيل . وكذالك جعل من تلك المنصة الأعلامية سبباً لتبطين نهر الخلافات الأجتماعية حيث أن النائب عادةً يخوض بالطائفيات المذهبية والمناطقية خوضاً وكأنه يريد أن يستعدي طائفة على أخرى . ولاحظنا هذا النمط الأعلامي \ البرلماني في الأحداث الجارية في الرمادي والفلوجة وكيف تمّ ربط العمل العسكري ضد العصابات الأرهابية التي تهدد الجميع بأسماء المذاهب والقبائل !

المشاكل التي تحيط بالبرلمان كثيرة ومعقدة ولا رجاء في حلحلتها لعدم توفر النية الحسنة أو حتى الرغبة في ذالك . فهو برلمان كسيح ومقعد الى درجة بات من الضروري والمنطقي أستحداث وصفاً وأسماً له وتغييره من , مبنى البرلمان \ الى قاعة أجتماع الخصماء . أو غرفة أستحداث الأزمات !

وفي ظل المصائب التي تعصف بالمنطقة المحيطة بالعراق ’ حيث يتطلب برلماناً يبذل جهداً أضافياً في التفكير لتخليص العراق من الأرهاب والجريمة الأقتصادية أو كيف يتم الحفاظ على العراق في هكذا ضروف مضطربة . ومن الأستقطابات الطائفية والنافخين في نار الفتنة المذهبية . والكل يعلم بأن العصابات الأرهابية على درجة من التمويل البذخي والدعم الأعلامي والبشري الواسع . فيكون لزاماً على مواجهتم بقوة,, أقوى وبفكرة,, أعمق وأدق لتحقيق نصراً ممكناً عليهم .
ووجود شخصيات برلمانية أمثال سليم الجبوري وحيدر الملا والعاني وكبيرهم النجيفي الذين لازالوا ينعتون ( السنة ) بداعش والجيش العراقي يحاربهم !
رغم أن - داعش نفسها - أعلنت عن أمارتها . لكنهم حريصون على أنكار أي وجود - لداعش الأرهابية - فلا ينتظر العراقي أي نتاج من برلمان,, يمنح الأرهاب صفة المقاومة والمشروعية . وعلية بالبحث عن البديل كي يتحرك في العقلانية ولا يتحرك في المذهبية والطائفية التي عمل على تأسيسها وتأصيلها البرلمان بكل جدارة .

أن رفع الوطن حضارياً ودينياً هو عمل لأجل الله . وعمل المالكي وليس تمجيداً للرجل على رفع العراق الى مستويات تبعده عن الأنهيار في حروب أهلية أو فوضى أجتماعية , وأستطاع أن ينتزع أعترافاً أممياً بوجود أرهاباً وبأن الجيش الذي يقاتل هو جيش العراق وليس جيش السلطة كما تشيطن البعض لتصويره بهذا الشكل المغلوط . فأستطاعت رئاسة الحكومة أن تعمل على حماية العراق من الأرهاب وحصره في منطقة جغرافية بعينها كي لايتمدد ليشمل مناطق أخرى .

وعلينا في آخر الأمر أن نسأل لو أن رئاسة البرلمان والبرلمانيين كانوا أكثر تعاوناً بل تعاوناً في الحد الأدنى مع رئاسة الحكومة والمؤسسة الأمنية والأقتصادية أما زال الأرهاب والفقر في العراق ؟
ولو أن رئاسة الحكومة كمثل رئاسة البرلمان لبات العراق كله - معسكر الشيخين !

لكنّ الحقيقة أن رئاسة الحكومة مارست أدواراً متعددة لأحتواء أخطاء وفشل البرلمان والوقوف بوجه التحديات لأنقاذ المواطن والعملية السياسية المتنامية ديمقراطياً .

Share |