الانتخابات في العراق .. بين جهل الناخب و استغلال المرشح/محمد فريق الركابي

Sun, 2 Mar 2014 الساعة : 0:01

لم يتبقى على السباق الانتخابي الملتهب سوى اياماً قليلة ؛ استعد لها طرف بكل ما لديه من قوة و هيمنة , و لا يزال الطرف الاخر في حيرةٍ من امره لا يعرف اياً من المرشحين افضل ؛ منقسماً بين التجديد لمن تعودوا عليه و عَرِفوا طريقة حكمه , و هو في الوقت نفسه تخوف من وصول زعيماً جديد له طرقهُ و اساليبهُ الخاصه في ادارة الدوله غير التي تطبعوا عليها على مدى ثمانية اعوام التي تمثل عمر دورتين انتخابيتين سابقتين و بين عازمٍ على التغيير مختاراً لمن سيمثلهُ في الحكومه القادمه و هو بكل تأكيد متاثراً بالوعود الانتخابيه ذات اللون الوردي التي تزدهر صناعتها هذه الايام في العراق.

ان الوعود الانتخابيه التي نحن بصدد الكلام عنها لم تعد هواءاً في شبك , خصوصاً و ان السياسيين صاروا اصحاب خبرة و دراية بطبيعة المجتمع العراقي و ميوله ؛ فهم اشد حصراً في تسويق دعايتهم الانتخابيه التي لا يستطيع الناخب مهما بلغ من ثقافة و دراية ان يرفضها , او على الاقل التمعن في جوهرها و معرفة مكر و خداع السياسيين اللذين سيضعون له السم في العسل و ايهامه بأنهم اصحاب مشروع وطني سيوصل العراق الى بر الامان و ان صوته (الناخب) هو الذي سيؤدي الى خسارة العراق لمثل هذا المشروع اذا ما صوت للكتله صاحبة هذا البرنامج السياسي المتكامل ؛ الا ان ذلك لا يمنع بعض المرشحين (الغشمه) من ممارسة بعض انواع الدعاية الانتخابية البدائية او التقليدية كتوزيع بعض الاغذيه (البيض , المعجون , الزيت) او بعض وسائل التدفئه (البطانيات) , خلافا لما يمارسهُ الساسه المخضرمون اللذين اخذوا يتلاعبون بأموراً حساسة تهدد امن و استقرار دولة العراق (بعبارة ادق ما تبقى من دولة العراق) في سبيل الكسب الانتخابي الذي لا يساوي حفنةً من تراب العراق.

فلو لاحظنا التطورات السياسيه التي حدثت في الايام الماضيه و ما رافقها من غضباً شعبي و التي كان ابرزها اقرار قانون امتيازات اعضاء البرلمان و الرئاسات الثلاث (الاسم الحقيقي لهذا القانون لا كما هو معروف بقانون التقاعد الموحد) و اعلان اسماء من صوت على هذا القانون سواء من اعضاء مجلسي الوزراء و النواب و مسارعة اعضاء المجلسين الى تبرئة انفسهم من هذه التهمه التي ربما ستحطم احلامهم و تمنياتهم في البقاء في مناصبهم و محاولات البعض منهم نسب هذه التهمه لغيره من زملائه في كلا المجلسين و هو ما اعتبرهُ البعض محاولاتٍ للتشهير و التسقيط السياسي و ايضاً ما اُعلن مؤخراً حول قانون الاحوال الشخصيه الجعفري الذي سيقدم للبرلمان لقرائته و التصويت عليه تمهيداً لاقراره كقانون , علماً ان هذا القانون تم رفضه من قبل مراجع النجف الاشرف , و هو ما مثل صدمة حقيقية لمن تقدم بمثل هكذا مشروع , الذي و حسب رأيي الشخصي ارى انه سيكون سبباً في تقويض دور القانون و القضاء اذا ما اُقر لانه يعتمد اساساً على الشريعه و مذهباً من مذاهبه ؛ و من المعروف ان الشريعه الاسلاميه عموماً لا تعترف بغير القانون الالهي (القرأن الكريم) ليطبق على امور الدين و الدنيا و سيكون سبباً في فوضى تربك المجتمع و اعتقد ان المراجع في النجف الاشرف وضعوا ذلك في حساباتهم اضافةً الى ان قانون الاحوال الشخصيه النافذ لا يعاني من خلل , او يمييز بين هذا المواطن و غيره من المواطنين فما الداعي لوجوده ؟ و ايضا وجود هكذا قانون يعني ظهور قوانين اخرى بعدد الطوائف و الديانات الموجوده في العراق , و التي تريد المساوات و نبذ التمييز اياً كان شكلهُ ؛ و غيرها الكثير من الامور التي لا ينظر اليها الا كدعاية انتخابية مبطنة باموراً مزيفه لا تحمل للعراق و العراقيين سوى الخراب و الدمار .

اما بالنسبة للشعب الذي هو محل انظار السياسيين و خططهم و مكرهم , فلا زال يغط في سبات عميق , ولم يحدد موقفه بعد ؛ فهل سيكون جسراً لعبور متصيدي الفرض و تجار الدين و البشر و الاموال نحو السلطه و امتيازاتها من جديد كما حدث في الماضي؟ ام سيكون له قرارهُ الحاسم ؟ الذي سيغلق الباب بوجههم جميعاً دون استثناء بعدما تبين له و بالادله انهم كانوا يتعاونون فيما بينهم سراً من اجل مصالحهم و علانيةً هم اعداء و كل فئةٍ تدعي انها الممثل الشرعي و الوحيد له (الشعب) و غيرها تُتاجر بأسمهِ , هذا السؤال سيكون جوابهُ بعد اعلان نتائج الانتخابات التي ستترجم وعي و ادراك الشعب لحجم الكارثه التي مر بها.

Share |