كل حال يزول 7 – الذبابة الخطيرة-زاحم جهاد مطر

Tue, 16 Aug 2011 الساعة : 18:36

ملاحظة : كل الاسماء الواردة هي اسماء غير حقيقية.
يا سادة يا كرام ، لكم مني أجمل سلام ، يقول الراوي ، في كتابه الحاوي ، وفي باب خوف ولاة الامور ، من صغائر الامور ، ان الوالي الذي أضاع الصاية والصرماية٭ ، أحاط نفسه بالكثير من الأمن والحماية ، سلك في الشر كل مسلك ، وأمات وأباد وأهلك ، ووزع الأموال والعطايا ، وأسس الكتائب والسرايا ، وأحكم الابواب والأسوار ، في جميع المدن والأمصار ، وقرب المتملقين ، ووهب للمتزلفين ، وحتى يحافظ على الأسرار ، أخفى عن الأسماع والأنظار ، كل تنقلاته وتحركاته ، وسفراته ورحلاته ، حتى الذي منه مقرب ، يجهل أين ينام او يلعب ، مشكك مرتاب ، من الأهل والأصحاب ، لقصره منع الدخول ، ولشخصه محال الوصول ، شدّد من الحراسة والحماية ، من أولي البأس والدراية ، حتى يحافظ على عرشه ، ويؤجل نعشه ، لايفكر بالقضاء والقدر ، ولا بتقلبات الدهر ، ونسى بان أي بشر ، ومهما تكبر وتجبر ، وكما يقول على بن أبي طالب ، أسد الله الغالب ، ما لهذا الانسان لا يأخذ العبر ، من تاريخ الأولين والسير ، وهو الذي تنتنهُ عرقة ، وتميته شهقة ، وتزعجه بقة ، فأين فرعون ونمرود ، قبل أزمان وعهود ، على كل حالٍ ، وفي ليلة من الليال ، سمع طنين ذبابة ، وتصورها هدير دبابة ، فأزعجت أذنيه ، وطيرت النوم من عينيه ، فثار وتعصب ، وتساءل بغضب ، كيف تتجرأ ذبابة صغيرة ، وهي بين الحشرات حقيرة ، ان تدخل غرفته ، وتقلق راحته ، وصاح أين الحراس ، أين الخدم الانجاس ، وهرول الجميع مذعورين ، ووقفوا أمامه مسطورين٭ ، وقال هناك مؤامرة ، في السرِ مدبرة ، ذبابة خطيرة ، تهدد المسيرة ، فدقت أجراس الانذار ، وانتشر رجال الأمن على الأسوار ، وعندما يقول الوالي مؤامرة ، يعني ان هناك مؤامرة ، وقد تكون الذبابة اللعينة ، لمرض قرينه ، او تحمل السل والطاعون ، ارسلت للوالي المجنون ، او ملوثة بالكيمياوي او البايولوجي ، كما أفتى الحجي ابو ناجي٭ ، او انها قنبلة ذرية ، تفجر بطريقة سرية ، وكل الاحتمالات واردة ، وافكار الوالي شاردة ، وبعد ساعات من الفحص والتدقيق ، والتفتيش الدقيق ، عثر البواب ، على كأس الشراب ، والذبابة فيه طافية ، كانها نائمة او غافية ، وصدر الفرمان العالي ، بفحصها أمام الوالي ، فجاء اهل المختبر ، وجرى فحص معتبر ، وبُشِّرَ الوالي البار ، بالخبر السار ، الدلائل المادية ، تقول انها ذبابة عادية ، كانت على خد غجرية ، قامت بزيارة ليلية ، حسب طلب الوالي ، وأمره الفوري العالي ، حيث ظنها غزال ، وطلبها في الحال ، فعبرت نقاط التفتيش ، دون ضجيج او تشويش ، فظن الحراس الذبابة شامة ، ولجمال وجهها علامة ، والغجر يدخلون بلا سؤال او استفسار ، ويخرجون بكل احترام واعتبار ، وهذا الذي صار ، قالها المستشار ، مجرد هفوة ونسيان ، ولكن لغرض الاعلان ، سنقول في البيان ، قضينا على زمرة خائبة ، ورميها كالكلاب السائبة ، زمرة تريد الشر ، بالبلاد وأكثر ، مرتبطة بولاية اجنبية ، شرقية او غربية، او بولاية العم سام ، وهم أولاد حرام ، او من بقايا الرجعية ، من أهل العقال والكوفية ، فقرر يا حضرة الوالي ، يا صاحب المعالي ، حتى نعلن في الاخبار ، عن ارتباط الاشرار ، بذبابة تجسست ، وفي الديار عشعشت ، تنقل المعلومات ، وتنتهك الحرمات ، وتكون كالاختام الشمعية ، والادلة القطعية ، لادانة من نريد ، وقمع كل مريد ، وهذه القصة المعروفة ، اصبحت عند العامة سالوفة٭ ، يتندر بها الكبار ، ويضحك لها الصغار ، ذبابة صغيرة ، تافهة حقيرة ، تخيف الوالي وترعبه ، وتأخذ منه العقل وتسلبه ، وتجعله يسهر الليل ، ويفقد القدرة والحيل ، فالاحاديث كثيرة ، والمصادر وفيرة ، وعلى وزن القول المأثور ، والمثل المشهور (جيب٭ ليل وخذ عتابة) ، مادام حاضراً صاحب الربابة ، والكل يعلم بما جرى ويجري ، في الولاية وما سرى ويسري ، والى مقال آخر في يوم آخر .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٭ الصرماية : رأس المال باللهجة البغدادية .
٭ مسطـــور : لايعرف ان يتصرف من شدة الدوخة او الامر .
٭ الحجــــي : الحاج باللهجة البغدادية ، وقد كثر اطلاق هذا اللقب في سبعينات وثمانينات القرن الماضي على بعض
               المسؤولين والمستشارين .
٭ سالوفـــة : قصة او حكاية .
٭ جيـــــب : هات .  

 

Share |