الحكم الاسلامي في "الحيوان" ومنطق الجماعات الاصوليه/حسين الشويلي

Fri, 28 Feb 2014 الساعة : 14:14

( الى الذين نقدوا الأسلام كنظرية منطلقين من ممارسات المسلمين كمادة لنقدهم , والى الذين أختلط عليهم الأمر لقصور,, أو تقصير حول فهم الحركات الأجرامية وألحاقهم بالأسلام , أقدم هذه الخلاصة التوضيحية )

جاء الاسلام حاملاً للبشرية المساواة والعدل الاجتماعي وحقوق الافراد والجماعات " ولم يستثني من موجودات الحياة الا وقد شمله بقانون ليحفظ من خلاله كرامة الشئ وديمومته. "

والله تعالى أنعم على الموجودات بنعمه الابتداء التي غير مسبوقة بعمل يتطلب المكافئة عليه بالعطاء " ونعمة الابتداء وأفاضة الوجود على الماهيات من نعم الله تعالى ولكن الله لم يظهر الموجودات من العدم الى الحياه دون أن يخلق لها الاسباب الطبيعيه للاستمرار " وكون الموجودات تتألف من ماده - وعقل أو روح أوجد الله تعالى مواضعات تتكفل بتلبية حاجة الجسم والروح . فأوجد الغذاء للجسم والقانون ليحمي حقّه المعنوي في الوصول الى الغذاء . ومن هذه الحيثية,,

وجد في الشرع الاسلامي منظومة غاية في الشمول والدقة لحماية الكائن الغريزي الذي لايملك التدبير والتنقلات الفكرية لحماية نفسه ووجوده من خطر الهلاك أو أجتناب الالم . والانسان بصفته كائن مفكر ويحمل ضمن تكوينه قوه الادراك والتمييز فوضع الله قوانين لتنظم العلائق بين الانسان ومحيطه من أنسان وحيوان ونبات . والسمة الغالبة على تلك القوانين على أختلاف تشريعاتها " هي الرحمة والشفقة وعدم الظلم والايذاء المادي والمعنوي وسلب الحقوق .

فكان العدل هو القانون الاوضح والعام الذي يشمل كل جزئيات القانون الاسلامي في الحياة " وعلى أعتبار أن الانسان سيد الخلائق فمن جهة أولى أن تكون له مكانة كبيرة في التشريع الاسلامي لحفظ كرامته وحقّه ووجوده . ومن معرفة حق الحيوان في المعاملة بالعدل وعدم أيذائه وسلب حقّه في التشريع الاسلامي .

نحاكم الجماعات الاصولية المتطرفة ومدى شرعيتها وأحقيتها في ما تقوم به من أعمال تنسبها " على الاسلام " وهذه الاعمال التي تقوم بها مع الانسان الذي جعله الله تعالى القيمة العليا المطلقة . فالذي منح كل هذا الحق للحيوان هل يأمر بتعذيب الانسان وهدر كرامته بالطريقة المعلنة التي تشتهر بها الجماعات الاصولية التي تمتهن العنف كأداه لفرض فكرها ! وهل الفكر يفرض بقوة السلاح أم يجابه الفكر بفكر أقوى منه لأثبات وجوده .

لايمكن مجابهة الفكر بالسلاح وهذا نهج شائع ومتواتر في تأريخ الجماعات الشاذه فكراً وممارسة أمثال الخوارج والمعتزلة والان الجماعات المعروفة- كداعش والنصرة ومثيلاتهما . والتي هي أمتدادات للتأريخ المشوّه . فلم تأتي تلك الجماعات الأصولية الأجرامية طافية على الماء ! بل لها أمتدادات تأريخية غذتها فتاوى فقهاء البلاط الأموي فالعباسي فالعثماني . وما قضية المؤامرة الاّ تزيّفاً للتأريخ . فداعش والنصرة وكل الحركات الأجرامية ليست وليدة الربيع العربي بل هي نتاجات قديمة ولدت بُعيد لحاق نبي الأسلام بالرفيق الأعلى .

وهنا لابد لنا من جعل تمايز بين الأسلام كديانة سماوية وبين المسلمين . فأي خلط بينهما هو أعتداء على المنطق العقلي وضروريات البداهة . لنتعرف على حق الحيوان في التشريع الأسلامي كي ننتج مقاربة بين هذا الحق ومن يجوب المدن بحثاً عن القتل وتشويه ضحاياه بأسم الدين .

بعض من حقوق الحيوان في التشريع الاسلامي " منذ أن ولد النظام الاسلامي وضع حقاً للنظام الانساني بجانب وحقاً للحيوان بجانب وأن الله تعالى يعتبر " الحيوان " كيان له حقّه ومن مظاهر تلك الحقوق التي شرّعها الله تعالى هي . أن يؤمن الانسان مالك الحيوان الغذاء للحيوان " من مرعى أو غيره " ولهذا الشرع جعل الكلئ الغير مملوك مؤمم أي ملكية عامة مثل الهواء " والعلة في التأميم لانه مصدر معيشة للحيوانات .

ويقنن الشرع المقدس في حال " الاحتلاب " لابد من ترك كمية كافية ومحققة للغرض لوليدها كي يتغذى والشرع جعل هذا الحق قانوناً ولم يتركه عرضة للاختيار . لان هنالك حق لابد أن يصل لصاحبه ويحرم التجاوز عليه. وفي الحديث الشريف ( لاتجعلوا ضهور الحيوانات مجالسكم ) ومناسبة الحديث حينما مرّ الرسول الاعظم - صلى الله عليه وآله ورأى أثنان يتحادثا وهما يمتطيا رحالهم . ومظهر آخر من مظاهر التشريع الاسلامي بحقوق الحيوان " حرمة التحريش بين الحيوانات أي الاقتتال لانه يسبب أيذاء لذالك الحيوان فجاء الامر بالنهي رأفةً بالحيوان . واُبيح للانسان من أستهلاك وأستخدام الحيوان بالقدر الذي يسد حاجة الانسان فقط وأن لايصل الامر الى مستوى العبث ومن هنا وضع قانون " الصيد " وهو على نوعين " الصيد لأجل التجارة وكسب الربح والنوع الاخر الصيد للاكل ويحرم الصيد أذا لم يكن تحت هاتين العنوانين . ومسائل التشريع في نظام حقوق الحيوان في الاسلام كثيره وتشمل كل ما يحفظ للحيوان من حق في مأكل ومشرب ومؤى وعدم أيذاء من ضرب وحبس وتعذيب . وكلها جاءت بصيغة التحريم لا الاكراه الذي يحتمل الجواز .

الانسان لاشك سيد الخلائق ولاجله خلقت الموجودات " ونلاحظ مشاهد الاذلال والقتل والتعذيب التي تمارس بحقه بأسم الدين الذي شرّع القوانين لحماية حق الحيوان في الحياة وعدم أيذائه . هكذا عمل البعض على أن يقولب الممارسات البشعة المجانبة لأدنى مستوى للانسانية بقالب " الدين " أمّا لجهل,, مطبق أو أنه جعل من الدين منطلق لجلب الاعوان وتشويه مفاهيم الدين وجعله كائن متأخر ومتحجر ولعنة جاءت من التأريخ لتعبث بالمدنية والحضارة !

الله يقول ( ولقد كرمنا بني آدم ) ما هو نصيب الجماعات المهتاجة بسفك الدماء بالاسواق والاماكن العامه وأشاعة الذعر بين الامنيين والتمثيل بضحاياهم بطرق فاقت كل المخيلات - وأن كان قصاصاً هل شرّع الله تعذيب " الذي يراد القصاص منه قبل أقامه الحد ؟ التنكيل بالضحية قبل القضاء عليها سمة ملازمهة للجماعات التي تدّعي كذباً وبهتاناً بأنها تدين بدين,, سماوي . في ذروه العراك مع أوباش الجزيره وفي شدّه سطوة الاسلام لم نسمع بأن شخص من المسلمين أتى بأسير من الاسرى وعذّبه وللاسلام 82 معركة طيلة 23 عاماً كانت تقوم وتنتهي في ساحة المعركة فقط .

اليس هذا تأريخ نبي الاسلام وصحابته يادعاه السلف ؟ من المهم أن يبدأ البعض بالتمييز بين هؤلاء والاسلام ولا يصح أن يوصفوا ( بالجماعات الاسلاميه المتشددة ) ليس في الاسلام تشدد ولا طائفية لقومية ( أن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ( كلكم لأدم وأدم من تراب ) ( لافضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى ) ( لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) ( أدع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) وكثيرة هي الايات والاحاديث التي تنقّي ساحة الاسلام من العصبيات والتعنصر والتشنج " والاسلام نمّى المساجلات الفكريه والاخلاقية ونبذ ثقافة العنف حتى مع " الحيوان " وهؤلاء الشواذ القتلة بأسم القيم الدينية هم خصوم مبدئيون للبشرية على أختلاف مشاربها وتعدياً على الاسلام والاديان السماويه الاخرى بوصفهم ( جماعات دينية )

أنهم كما صوّروا بشاعة أفعالهم بحق الابرياء ففعلهم يستبطن صفاتهم وأسمائهم فهم جماعات موبوئه تعتاش على القتل وترويع الناس وتخريب المدن فهم كائنات متخشبة زحفت على المدنية التي توصل اليها الانسان بكفاحه الطويل تحاول أن تحيلها الى مغاراة وكهوف وطقوس خرافية تثير الاشمئزاز . لكن البشرية والعراق تحديداً سيتجاوزهم نحو حياة تملئها أخلاق السماء وما توصلت

( ..اليه عقول العلماء في مختلف المجالات " والعيش مع العالم بوئام وتفاهم

وآية من القرآن تصور لنا بجمالية ودقة روح الأسلام الغير متشنج حيال الأديان الأخرى ((وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ))

كما هو معلوم أن الصوامع للمسيحية , بيع وصلوات لليهودية - ومساجد للمسلمين .

أن ضحايا الحركات الأجرامية كداعش والنصرة وغيرها كل ضحاياهم هم من المسلمين ومعاركهم في مدن المسلمين , فليس من الأنصاف لصقهم بالأسلام أو وصفهم بأنهم ظاهرة تآمرية بل الحقيقة هم جزء من التأريخ العربي الغير أسلامي , لكن أتخذ أشكالاً وأسماءاً حتى وصل الى ماعليه الآن ..

Share |