الغيبة .. أسبابها/محمد العبادي
Fri, 28 Feb 2014 الساعة : 12:45

((أيحب أحدكم أن ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه)) . انه وصف مخيف , لكن يبدو انه غير رادع حتى أصبحت الغيبة حالة لا تفارقنا . ولكي نتجنب نتائجها الأخروية ابتدعنا حلا مثاليا وهو ( اللهم لا تجعلها غيبة ) , ربما أعتقد المغتابون ان الحاق هذه العبارة بعد أن يغتاب مخرجا من العقوبة .
ان حكم الغيبة معروف لدى الناس ولكن الابتعاد عنها أمر في غاية الصعوبة . ويمكن أن نصفها بالادمان الا ما رحم ربي فانه في راحة ضمير .
ان ما نريد بحثه هو أسباب الغيبة فاذا أمكننا معرفتها يمكننا أن نحد منها على أقل تقدير . ولا ادعي اني أستطيع الاحاطة بكل أسبابها
ان من اسباب الغيبة الاساسية هو عدم تقبل النقد من الآخرين وان كان بناءا الا في حالات قليلة , ولا أغالي في القول ان بعض الناس يرون النقد انتقاص واساءة حتى وان جزم يقنا في سره ان النقد في محله , ولذلك يلجأ الكثيرون الى الغيبة بديلا عن النقد الذي يسبب له مشاكل هو في غنى عنه . واذا علم المغتاب ان احدا اغتابه ستكون هناك مشكلة أشد من النقد وسيعدها نفاقا وجبنا وعدم القدرة على المواجهة وربما ستؤدي الى المواجهة الحادة التي لا يحمد عقباها .
ومن الأسباب الأخرى للغيبة ان من يلجأ اليها يحاول تأكيد أفضليته على من يغتابه وان كان عكس ذلك . ويمكن ان نصف مثل هذه الحالة بـ ( ضربة النجاح ) التي يتمتع بها المغتاب , أو سد النقص التي يتمتع بها المستغيب , وهي محاولة للحط من قيمة المغتاب واظهار عيوبه والتشهير به وان كانت عيوبه غير ظاهرة بدافع الحسد والغيرة أو الكره واذا وردت الى أسماعه أي المغتاب خبر من يستغيبه سينتابه شعورين , الأول تأكيد نجاحه والثاني ضغينة تملئ فؤاده على من اغتابه .
ومن الأسباب أيضا , الخوف من الشخص الذي يستغيبه أو شعوره من عدم جدوى توجيه النصح له , فهي صورة لعجز العامل بها
ومن الأسباب الأخرى شعور الأشخاص بالفراغ فلا عمل يشغله أو هواية يتلهى بها فيلجا الى سد فراغه بهذه الصفة السيئة , ومن الأسباب كذلك , ضعف الواعز الدين وهو الذي يعتبر الضابط الأساسي للانسان من تلك الصفة التي ذمها الله سبحانه وتعالى
ولا ننسى ان مرض ازدواج الشخصية التي يعانيها مجتمعنا الشرقي من الأسباب المهمة للجوء الى الغيبة , فهو في حالة غير مستقرة وغير متزنة فتصدر منه تصرفات غير متوازنة وسيئة منها الغيبة
ان مجتمعنا الشرقي عموما والعراقي خاصة ابتلي بهذا الداء الذي يسهل على المرء تشخيصه ولكن علاجه من الامور العسيرة الا اذا تجرد من الكم الهائل من العقد والأمراض النفسية والاخلاقية , ويبدو ان هذا الأمر ضرب من ضروب المحال , ويبدو كذلك اننا جميعا ممن ياكل لحم أخيه ميتا