ولي في الناصرية الف هم \ الجزء الاول /الدكتور جابر سعد الشامي

Fri, 28 Feb 2014 الساعة : 12:41

في مقال سابق نشرته ومن هذا الموقع قبل بضعة سنين وكان بعنوان ( ولي في الناصرية الف هم) والعنوان مأخوذ من قصيدة لأحد شعراء ذي قار في عقد السبعينات من القرن الماضي .
كنت ناو أن اكتب الف هم وهم عن تلك المدينة المفجوعة بالتخلف . كل المدن يمكن أن تنوء تحت أحمالها وتنهض إلا انت يا مدينة الشعراء ورحم الادباء , إلا أنت يا صوت داخل حسن وبحة صوته التي يعطرها اريج الهور وحزنه ورائحة الطين الحري , إلا أنت يا من تحتفظين بأنين الصواري وهي ( تطرخ ) على وقع حكايات البؤس في أزمان شتى من أنكيدو و جلجامش بعد ان كان الماء يداعب حافات زقورتك العظيمة الى زمن ماتت فيه آخر جاموسة من عطش الجفاف وجدبت أهوارك. كانك لا تتذكرين يا سيدتي ( مشحوفي طر الهور والفاله بيدي ) صارت من التراث ونسيناها بعد ان تخلينا عن الفالة هذه جالبة الرزق الحلال والسمك الشهي و مسكنا بدلها سكين الباطل نمزق بها شرايينك . لم يبقى مقص الجشع الذي أستشرى في نفوس تلك القطعان , لم يبقي جديلة من جدايلك الا وبترها. بعد ان كنت الجميلة والوديعة ومفخرة العز والكرم , حولناك وبأيدينا نحن ابنائك الجاحدون لأمومتك , حولناك الى خرائب وأوصال مقطعة , الى مدينة تعج بالفوضى في كل شيء ,في التسوق , التعامل , الدوائر , البيع والشراء , المرور , الطب والتطبيب , الزراعة , البناء , التعمير , ...... والقائمة أطول من الهم على القلب .
فقرائك يا مدينتي الحبيبة أنسحبوا الى الداخل الى بيوتهم تشرنقوا حتى يدخلوا زمن الخدر اللذيذ لان لقمة العيش مره , يقاتلهم عليها مردة كافرون . لم يعود شخص من ابنائك من تسوقه إلا بوزن ناقص وبضاعة من فوق (هله هله ومن تحت لا يكتشف الغش إلا عندما تحط رحالها العلاكة في المطبخ . وكأنهم أخذوا دروساً في تطفيف المكاييل وتتلمذوا على يد ( ننمار النخاس ) في الخد اع والغش .
وإذا جربت ان تسأل ابن ذي قار عن أكره شيء الى نفسه , لقال لك مراجعة دائرة من دوائر الدولة , لأنه يحس فيها بالمهانة والذلة و( بالقانون ) .
وفوضى المرور تحصد من ارواح ابنائنا وكل يوم اكثر مما قتل منهم هذا ابن الكلب ( داعش ) . والأدهى من ذلك لم اشاهد شرطياً ان كان من المرور او من غير الصنوف يحاسب أحداً على مخالفة, وكأن صاحب ( الستوتة ) لديه صك من جامعة (السوربون ) بشهادته وعلمه الذيين لا يجاريان . ويا بشرى فقد طلع علينا السواق في الالفية الثالثة للميلاد بثقافة نتحدى بها كل الثقافات والانجازات العلمية , من البنيوية الى الحداثة الى غزو المريخ والهبوط على سطحه الى حساب ملايين السنين الضوئية وسبر غور الكون الى صراع الحضارات, انها ثقافة ( طلع بوزها ) ويقصد بها مقدمة سيارته وسوف يقف السائق( المعادي) له ( غصبأ على جده ) . ويفسح له الطريق ويمر قبله .
يتبع
الدكتور
جابر سعد الشامي 

Share |