ديمقراطية الاعلام الحر والهدف الوطني المطلوب/المحامي عبدالاله عبدالرزاق الزركاني

Wed, 26 Feb 2014 الساعة : 20:04

يتعامل البعض مع حقوق الاعلامين على أنها امتيازات فئوية أو حقوق خاصة مع أنها في الواقع حقوق عامة يمارسها الصحفيون والإعلاميون نيابة عن المواطنين بهدف النهوض برسالة الصحافة وكشف الحقائق ونقلها عبر المؤسسات الاعلاميه والمنافذ ألمخصصه لإنارة الرأي العام وتوثيق الخبر شريطة أن يكون العمل الصحافي والاعلامي أمينا وصادقا معبره عن الاراده ألوطنيه وموجهه وكل الحقائق وهذا ما يعطي للصحفي تعريفا بأنه من يمارس عمله الرئيسي بمهنيه وبانتظام وبصوره دوريه المرافق للخبر والناقل للحقائق وكذلك الحال المراسلون والرسامون والمصورون ومن هم في حكم الصحفيين والاعلامين إذا انطبقت عليهم الشروط السابقة.
وانطلاقاً من أن الإعلام الصحفي يخفي وراء صورته الظاهرة جهازاً من أدق الأجهزة وأخطرها بتأثيره الدائم على الساحة ألخبريه وبمشاركته إلى حد بعيد في صنع الرأي وبعث التيارات الفكرية لأبناء الأمة وممارسة دور الرقابة الشعبية على أجهزة الدولة وقطاعات الإنتاج والخدمات والثقافة والتربية ومحاربة البيروقراطية فان ذلك يؤدي الارتقاء بمستوى مهنة الصحافة والمحافظة على كرامتها والذود عن حقوقها والدفاع عن مصالحها والسعي لتوفير جميع الإمكانات والوسائل من أجل تقدمها وتوسيع رقعة انتشارها ومن خلال مرجعية الصحفي نقابته والتي يدخل في سلم مهامها العمل على إعداد الكفاءات وانظاج الراى العام في إطار ضمان حرية الصحافة والصحفيين في أداء رسالتهم والحفاظ على حقوقهم والعمل على صيانة هذه الحقوق في حالات المرض والتعطيل والعجز ويقع ذلك على كاهل نقابة الصحفيين ومن خلال نشاطها .
لان الإعلام يمارس الحقوق ألوطنيه في التأكيد على حق الشعب في الاطلاع على الحقيقة من خلال الكلمة الصادقة لمكافحة اختلاق الأخبار والتضليل وافتعال الأحداث ونشرها وخاصة نشر أي إعلان بشكل خبر أو مقال يكتبه الصحفي أو نشر صورة لغرض إعلاني دون الإشارة إلى صفتها الإعلانية لكي يكون هناك حرصا على ان لا يحمل الإعلان صفة التضليل لجمهور الشعب حفاظاً على أخلاقية المهنة كما هو الحال لكل مواطن أن يسهم في الرقابة والنقد البناء بما يضمن سلامة البناء الوطني للدولة ويدعم المسيرة الوطنية. والدولة ألعراقيه ألحديثه نموذجا لحرية العمل الصحفي وبكامل حريته بعد أن رفعة كل القيود عن ألصحافه وأصبح البلد مفتوحا وحرا نأمل أن يأخذ قانون الصحفيين طريقه إلي النور تكريما للصحافة ألعراقيه وشهدائها.
وهنا تبز ألحاجه بان تأخذ نقابة الصحفيين والاعلامين دورها الفعال لتحقيق المكاسب المطلوبة والسعي لتسهيل حرية التنقل للصحفي بين الدول العربية وتحقيق البطاقة الصحفية العربية الموحدة والعمل لإصدار الأنظمة والقرارات والتشريعات التي تكفل للصحفيين منحهم تسهيلات ضرورية لأداء مهامهم وذلك في ميدان الموصلات الجوية والبرية والبحرية والسلكية واللاسلكية وفي النطاق المشمول بقوانين ألدوله واتفاقياتها الخارجية وفي ميدان الخدمات العامة من خلال تقديم مسودة مشاريع قوانين للبرلمان لغرض التشريع لكي يتوفر العمل وبمستوى لائق في الأجور يتناسب مع الجهد المبذول والمستوى العام للصحفيين وحماية الصحفيين من البطالة والسعي لتأمين شيخوختهم وضمان معاش تقاعدي لهم والإسراع في تشريع قانون الصحفيين .
الأمر الذي يستوجب توثيق صلات التضامن المشترك مع المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وتوثيق العمل وتعميق العلاقات مع اتحاد الدولي والمنظمات الصحفية المماثلة والمشاركة في المنظمات الصحفية العالمية التي تناصر القضايا العربية بغرض تبادل الوفود والخبرات وتعزيز العلاقات بين المؤسسات الصحفية ومثيلها في العالم والوطن العربي وخارجه بما يخدم تطوير المهنة ودعم الهدف المشترك لتسوية المنازعات ذات الصلة بالمهنة التي تنشأ بين أعضاء الاتحاد أو بينهم وبين الهيئات والمؤسسات والدور الصحفية التي يعملون فيها وترسيخ علاقة الزمالة بين الصحفيين واعتبار الاتحاد الدولي والعربي المرجع الأساسي لعلاقتهم ذات الصلة بالمهنة مع الغير والاتصال بالمؤسسات والهيئات لتسهيل عمل الصحفيين العرب والأجانب في أوسع نطاق لأداء مهماتهم الصحفية داخل العراق وكذلك مساعدة الصحفيين ألأعضاء في تحقيق مهماتهم خارج بلدانهم للارتقاء بكفاءة الصحفي والعمل على تشجيع الدراسات العليا والبحوث العلمية في مجال الصحافة والإعلام والتحقيقات الصحفية الميدانية ومساعدة القائمين بها. والقيام باتخاذ الإجراءات التي تصون حرمة دور الصحافة وكرامة الصحفي وضمان حقوقه وحماية مصالحه المعنوية والمادية والتقاضي باسمه وبتفويض منه في كل ماله علاقة بممارسة المهنة .
لان الصحفي هو الشخص الذي يقوم بتحويل المادة الصحفية الخام إلى مادة صحفية خبريه خاصة سواء عن طريق نقل الخبر أو صياغته أو تنسيقه أو عن طريق التعليق بمختلف أشكاله والتحقيق المطبوع أو المذاع أو المصور أو المرئي عن طريق الدراسة والترجمة والمقارنة أو إعداد أو إخراج المادة الصحفية والإعلامية الخاصة بوسيلة نشر مقروءة أو مسموعة أو مرئية ويكون دخله الأساسي من العمل الصحفي .
إلا أن التطور الذي أحدثته التكنولوجيا في مجال الفضائيات أدى إلى اتساع مهنة الصحافة واخذ ينظر إليها بأنها الجامع للأخبار والمعلومات وكتابتها وتحريرها وإعدادها والتعليق عليها وإخراجها بوسيلة نشر مقروءة أو مسموعة أو مرئية ثم جاء على تعريف الصحافي فاعتبر كل من امتهن الصحافة سواءً كان محرراً أم مراسلاً أم معلقاً أم مخبراً أم غير ذلك من أنواع العمل الصحفي التي يحددها النظام الداخلي . وأعطي له الحق والحرية الكاملة في الحصول على الأنباء والمعلومات والإحصائيات من مصادرها وله حق نشرها ولا يجوز إجباره على نشر مصادر معلومات وذلك كله وله الحق الممنوح له قانونا وبحدود القانون تداول المعلومات بحريه ضمانة أساسية من ضمانات حرية الصحافة لان حرية تداول المعلومات تمثل جوهر حرية الصحافة ذاتها .
اما في إطار الصراع بين السلطة والحرية يتزايد الحرص على تنظيم حق المعلومات وإن اختلفت مفاهيم التنظيم ووسائله وأهدافه باختلاف أنظمة الحكم ففي الدول الديمقراطية يقتصر على استثناء أمور معينة لحق المعلومات في حين يتسع نطاق التنظيم والتقييد في الدول الديكتاتورية بدرجة تحقق القهر والاحتكار .

ففي الولايات المتحدة الأمريكية صدر قانون حرية المعلومات عام 1966 وهو يلزم كل أجهزة الدولة بأن تجعل وثائقها في متناول اليد عندما يطلب ذلك إلا أن هناك بعض الحالات التي لا يحق الاطلاع عليها أو التدخل فيها مثل الأمن القومي والسياسة الخارجية والملفات الشخصية والطبية وملفات البحث والتحقيقات لأغراض قانونية ولم تترك هذه الاستثناءات مطلقة بل قيدت بحق المواطن في اللجوء إلى المحكمة عندما تحجب أي وثيقة عنه.
وفي فرنسا أقر قانون صدر عام 1978 حق الرأي العام في الاطلاع على الوثائق التي تمس الشؤون العامة ويمكن التركيز بان الأصل في حرية الصحافة هو حرية استيفاء المعلومات ونشرها وحرية النقد والتطبيق والصحافة في تأديتها لرسالتها تمارس حق النقد وهي تتأرجح بين الحق والحرية بين الاعتدال و بين حرمة الأفراد والمصلحة العامة بين الإباحة والتجريم ومن هنا كان تدخل المشرع للتوفيق بين المصالح المتعارضة من خلال تضييق حق نقد الشخص العادي وتوسيع حق نقد الشخص العام إلى حد الطعن في مسلكه طالما ارتبط ذلك بمجال علمه .وتسيدا لمهنة الصحفي في إطار القانون والأعراف فله إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته لان طبيعة العمل الصحفي طبقا للمعيار القانوني يعمل وفقا للنظام العام والآداب ألعامه والقوانين المعمول بها فهناك ضوابط متعارف عليها تحدد مهنة ألصحافه والإعلام معا بتوافر حسن النية أي اعتقاد الصحفي بصحة الواقعة وأن يستهدف النقد لصالح المصلحة العامة النقد البناء معزز إثبات ما أسنده إلى الشخص العام في أفعال ( ثبتت صحته ) والإثبات هنا على عاتق الصحفي وان ألا يستهدف التشهير بالشخص العام ضمان سلامة البناء الوطني وتأكيدا لحرية الرأي ودور حرية التعبير في بناء المجتمع والدولة .
ان سر المهنة حق وواجب في وقت واحد فهي حق وثيق الصلة بحرية تداول المعلومات وواجب تحتمه تقاليد المهنة ومواثيق الشرف الصحفي ففي كثير من الأحيان تقتضي السرية في بعض الصحف نشر مقالات بدون توقيع أو نشر أخبار دون نسبتها إلى مصادرها وفي كل الأحوال يلزم المحررون والكتاب بإخطار رئيس التحرير عن مصادرهم السرية باعتباره مسئولا عن النشر وممثلاً قانونيا للصحيفة التي يعمل بها او الشبكات والمواقع الاعلاميه والفضائية أمام المحاكم المختصة .
لذلك فان سر التحرير في مصاف سر المهنة الطبية أو سر مهنة الدفاع ، ولعل أبرز مثل على ذلك قانون العقوبات السويسري الصادر عام 1937 الذي لا يجيز إكراه المحرر المسؤول على إفشاء المصدر ولا يجيز إجراء التفتيش بقصد الوصول إلى معرفته وكذلك القانون الألماني الصادر عام 1926 الذي قرر المساواة بين الصحفيين وبين رجال الدين والمحامين والأطباء فيما يتعلق بسر المهنة.وفي الولايات المتحدة الأمريكية تنتهج المحاكم العليا حلاً وسطاً من خلال التوازن بين حرية الصحافة في الكشف عن المعلومات دون البوح بمصادرها وبين حقوق الأفراد في الحصول على محاكمات عادلة. وسواء تعرض الصحفي لضغوط أو لم يتعرض فإن الكشف عن مصدر معلوماته جريمة في العرف المهني تمس كرامة الصحفي ومهنته ومخالفة صارخة لميثاق الشرف الصحفي ومن ثم يصبح كل ما يقدم من تبريرات أمراً مرفوضاً يأباه الضمير الصحفي . وأن حق سرية المصادر قضية مهنية في المقام الأول والأخير وإن توفير الحماية القانونية لهذا الحق لا يكفي وحده لحماية كرامة المهنة وإنما يتطلب جدية التعامل النقابي في مثل هذه القضايا وإعمال أحكام القانون وميثاق الشرف الصحفي فبالجدية والموضوعية يترسخ هذا المبدأ في الضمير المهني وعندها لن تجدي أي ضغوط أو قيود في إجبار الصحفي على الإفصاح عن مصادر معلوماته شريطة أن يكون من المصدر المعزز بالدليل القاطع وبوسائل الإثبات ألقانونيه وإلا تعرض للمسائلة ألقانونيه وشكرا .

Share |