لماذا نشرت رويترز خبر صفقة الاسلحة الايرانية في هذا التوقيت؟
Wed, 26 Feb 2014 الساعة : 6:41

وكالات:
وفقا لقانون مبيعات الاسلحة الامريكية ومراقبة الخدمات الدفاعية او ما يسمى بقانون التحكم في مبيعات الاسلحة فانه يحق للكونغرس الامريكي ان يرفض اي صفقات بيع سلاح امريكي للدول الاخرى خلال 30 يوما من اخطار الحكومة الامريكية له بهذه الصفقة، فاذا اراد اعضاء الكونغرس الاعتراض على صفقة ما فانهم خلال الثلاثين يوما هذه يجب عليهم تقديم قرار مشترك بين مجلسي النواب والشيوخ لرفض الصفقة .
واذا علمنا ان فترة الثلاثين يوما ، مهلة الكونغرس الامريكي للاعتراض على صفقة بيع طائرات الهليكوبتر اباتشي الى العراق ستنتهي يوم 26 شباط فبراير الجاري ، نجد الكثير من علامات الاستفهام ترسم حول التوقيت الذي اختارته وكالة رويترز لكشف او نشر ما سمته وثيقة لصفقة اسلحة مفترضة تم التعاقد عليها بين الحكومة العراقية وبين هيئة الصناعات الدفاعية الايرانية لشراء اعتدة واسلحة خفيفية ومعدات عسكرية بقيمة 195 مليون دولار.
وكان الادميرال جون كيربي، السكرتير الصحفي للبنتاغون ، قال في يوم 29 كانون الثاني يناير ان الحكومة الامريكية اخطرت الكونغرس قبل يوم فيما يتعلق بصفقة مروحيات اباتشي كذلك صواريخ هيلفاير والأسلحة الصغيرة الأخرى، مشيرا الى ان الكونغرس امامه 30 يوما ليراجع الصفقة.
واضاف في مؤتمر صحافي "لكن استطيع ان اقول لكم ذلك، على الأقل فيما يتعلق الأباتشي أنه ،على افتراض ، وافق الكونجرس بعد هذا 30 يوما ، فأنه سوف يكون هناك عدة أشهر قبل تطبق الصفقة على أرض الواقع. لان هذه الصفقة ليست من نوع الاسلحة التي يمكن ان يتم بيعها بسرعة كبيرة جدا".
وتابع قائلا "لكن نحن ملتزمون بالقيام بذلك وان وزارة الخارجية تدير هذا البرنامج، نحن ملتزمون بدعم ذلك، و نحن بحاجة لموافقة الكونغرس على العملية للمضي قدما".
كما اعلنت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما انها وضعت خطط بيع 24 طائرة اباتشي مقاتلة على طاولة الكونغرس بعد تقديم ضمانات للمشرعين بشأن كيفية استخدام الطائرات.
وقالت وكالة التعاون الدفاعي والامني في موقعها على الانترنت إنها "ابلغت الكونغرس باحتمال بيع 24 طائرة اباتشي لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يسعى للتصدي لخطر الجماعات الارهابية المتزايد".
لكن قبل انتهاء هذه المدة بايام قليلة خرجت وكالة رويترز بخبر قالت انه حصري كشفت فيه انها "اطلعت" على اتفاق تم التوصل اليه في نهاية شهر تشرين الثاني نوفمبر لبيع الأسلحة والذخائر للعراق بقيمة 195 مليون دولار.
وذكرت الوكالة ان وثائق رسمية اطلعت عليها اظهرت أن "هيئة الصناعات الدفاعية الارانية وقعت ستة من ثمانية عقود لتزويد العراق بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقاذفات هاون وذخيرة للدبابات وكذلك المدفعية وقذائف الهاون".
وأشارت الى انه "تم الاتفاق النهائي على عقدين مع هيئة الصناعات الالكترونية الإيرانية المملوكة للدولة لبيع العراق نظارات للرؤية الليلية، ومعدات الاتصالات و أجهزة توجيه الهاون ".
وقالت ان احد العقود يشمل معدات للحماية ضد العوامل الكيميائية .
ووفقا للوثائق التي تقول رويترز انها اطلعت عليها :وقع مسؤولون من وزارتي الدفاع العراقية والإيرانية الاتفاقات التي لم تحدد جدولا زمنيا للتسليم ، مبينة انها ام تتاكد فيما اذا حدث ذلك ام لا.
وتشير الوكالة الى ان مشتريات الأسلحة هذه بمثابة قطرة في محيط بالنسبة للعراق، الذي يتلقى معظم أسلحته من الولايات المتحدة والذي بدأ بشراء الأسلحة وطائرات الهليكوبتر من روسيا ودول أخرى، وتقول "انها ذات مغزى سياسي ".
بغض النظر عن صحة او عدم صحة الصفقة ، يبرز هناك سؤال مهم ، لماذا في هذا التوقيت وقبل ايام من انتهاء المهلة ؟
وماذا تعني وكالة رويترز عندما قالت انها "اطلعت على هذا الاتفاق "؟ .
بالنظر الى تاريخ رويترز واهميتها على الساحة الاعلامية هل يمكن تصديق احتمال ان تكون الوكالة متورطة في اختيار هذا التوقيت؟
ام ان الاحتمال الاكثر ان يكون هناك من سرب للوكالة وثائق ما ، قامت الوكالة بالاستناد اليها في تقريرها عن هذه الصفقة ، خاصة انها حاولت الاتصال بالمسؤولين العراقيين وقالت انها لم تتلق اي اجابة او نفي ( مشكلة الحكومة العراقية الازلية) .
لكن من الجهة التي يمكن ان تسلط عليها الاضواء والتي يمكن ان تكون من سربت تلك الوثيقة ( في حال وجودها) الى وكالة رويترز ، بالتأكيد هي الجهات التي لها مصلحة في تعطيل صفقة طائرات اباتشي الامريكية والتس اعلنت عن موقفها هذا باستمرار .
حكومة اقليم كردستان مثلا ترفض علنا وبشدة تزويد بغداد باي اسلحة من هذا المستوى ، كالطائرات بانواعها المروحية والمقاتلة ، وهو موقف معروف اعرب عنه مسؤولون كبار في حكومة واحزاب اقليم كردستان ونقلوه الى الادارة الامريكية والاعلام الامريكي واستخدموا انواع الضغط واستاجروا شركات "لوبي" امريكية للضغط على اعضاء الكونغرس الامريكي لمنع مرور مثل هذه الصفقات .
لقد كانت "جهود هذه الشركات " مثمرة في السنوات الماضية واستطاعت منع توقيع مثل هذه الصفقات ، لكن المتغيرات الاخيرة في المنطقة وتزايد ارهاب الجماعات المسلحة في سوريا وغرب العراق واعلان ما يسمى بدولة الاسلام في العراق والشام داعش ، وضع اعضاء الكونغرس المعارضين امام امر واقع جعلت مثلا السيناتور الديمقراطي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي بوب مينينديز المعارض الشديد يوافق اخيرا على السماح بنقل مروحيات اباتشي للعراق خلال الفترة المقبلة.
واعترف بوب مينينديز إنه تم تأخير تسليم العراق طائرات الاباتشي للأشهرالماضية لحين "التأكد من عدم استخدامها ضد المدنيين ".
وزارة الدفاع العراقية نفت في بيان خبر رويترز وقالت "نود ان نبين انه بناء على حاجة القوات المسلحة لبعض الاعتدة للاسلحة الخفيفة ومعدات الرؤيا الليلية لسد نقص بعض الوحدات تم استدراج عروض شركات دولية عديـــدة منهــا ( بلغاريا والجيك وبولونيا وصربيا والصين واوكرانيا وباكستان ) وغيرها من شركات تلك الدول وقد قدمت تلك الشركات عروضها التسعيرية وجداول للتجهيز وقد قدمت ( هيئة الصناعات الدفاعية الايرانية ) عروضها الا ان المفاضلة كانت لصالح شركات اخرى ولم يتم توقيع اي عقد مع الشركة الإيرانية".
اذن كانت هناك عروض للمعدات وتقدمت لتلك العروض عدة شركات من عدة دول منها ما يسمى " هيئة الصناعات الدفاعية الايرانية".
هنا يبرز سؤال اخر ، هل هناك من داخل الحكومة العراقية على اطلاع بهذه العروض سارع لاخذ العرض الذي قدمته الشركة الايرانية واعطاه الى رويترز في هذا التوقيت ؟
لو كانت هذه الاستنتاجات صحيحة، وهي اقرب للصحة لان وكالة رويترز نفسها نقلت عن السيناتور الأمريكي جون مكين يوم الثلاثاء إنه يجب إعادة النظر في اتفاق مقترح لبيع 24 طائرة هليكوبتر حربية من طراز أباتشي للعراق بسبب تقرير عن توقيع إيران صفقة لبيع أسلحة وذخيرة بقيمة 195 مليون دولار للعراق.
وقال السناتور الجمهوري ردا على سؤال بشأن التقرير الذي نشرته رويترز "بيع طائرات أباتشي يتعين أن يطرح على طاولة الدراسة. يجب أن نناقشه."
واضاف "يجب أن ندرك عواقب صفقة الأسلحة هذه. يجب أن نمعن النظر فيها باهتمام أكبر بعض الشيء."
وقال مكين لرويترز خارج مجلس الشيوخ الأمريكي إنه لا يعلم ما إذا كان هناك أي مشرعين يعتزمون حاليا وقف البيع المقترح للطائرات. وأمام أعضاء الكونجرس حتى 26 فبراير شباط لعرقلة الاتفاق.
ووالتقت رويترز مشرعين ومعاونين بالكونغرس "اعربوا عن انزعاجهم بسبب التقرير لكنهم قالوا إنهم يترقبون مزيدا من المعلومات من إدارة الرئيس باراك أوباما قبل أن يتحركوا".
ما يساعد على تعميق هذا التصور هم "عدم ادراك " مسؤولين عراقيين لاهمية الموضوع ومنهم رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية حسن السنيد الذي تبرع بعقد مؤتمر صحافي قال فيه ان "حق العراق بشراء الاسلحة من أي جهة كانت، حتى وإن كانت إيران".
ولا يمكن معرفة هل ان الحكومة العراقية كلفت او تعرف بما سيدليه السيد السنيد في هذا الموضوع ؟
ولماذا تلجا الحكومة العراقية لعقد هذه الصفقة مع ايران وهي تعرف ان امريكا ترفض ذلك ، خاصة ان الصفقة ، كما تقول رويترز نفسها، هي قطرة من بحر بالنسبة لمشتريات الاسلحة العراقية سواء من امريكا او روسيا ؟
كما ان المعدات والاسلحة والذخائر التي اعلنت عنها رويترز يستطيع العراق توفيرها من اي دولة اخرى بل وباسعار اقل من روسيا نفسها او من صربيا او مصر الخ ؟
قلنا لو صحت الاستنتاجات عن ان هناك جهود من هذا النوع لايقاف صفقة طائرات اباتشي ، فانها ستواجه عراقيل ليست في صالح من يقفون وراءها .
منها ان الكونغرس لو اراد رفض أو إجراء تعديل على أي مقترح رئاسي لبيع معدات وتجهيزات عسكرية لدول أخرى فان عليه اي يصدر قرارا يعبر فيه عن رغبته تلك حول الصفقة.
ومنها الفيتو الرئاسي الذي يستطيع الرئيس الامريكي استخدامه ضد هذا القرار ، خاصة مع اقتناع الحكومة الامريكية بضرورة امتلاك الجيش العراقي هذه الاسلحة الان لمواجهة الجماعات الارهابية المسلحة .
المصدر:المسلة