الاعتقادات الراسخة بين الحقائق والاوهام/عصام الطائي
Sat, 22 Feb 2014 الساعة : 15:58

يتحدث السيد محمد باقرالصدر في كتابه نظرة عامة للعبادات حول مشكلة البشرية بانها عبر التاريخ كانت تتمثل بمشكلتي الكفر والشرك وان الكفر يتحقق من خلال انكار المطلق وان العلماء يقسمون الكفر اربع اقسام فهناك كفر الانكار وهو ان ينكر الكافر الله تعالى بقلبه ولسانه وهناك كفر الجحود ان يعترف بقلبه وينكر بلسانه وهناك كفر المعاندة وهو عنده مقومات الاعتراف بالقلب واللسان الا انه بسبب العناد ينكر ذلك حسدا وبغيا وعدوانا وهناك كفر النفاق فهو ان يقر بلسانه ولا يعترف بقلبه والامام الصادق ع يقول ( كل شيء يجره الاقرار والتسليم فهو الايمان وكل شي يجره الانكار والجحود فهو الكفر ) ويتحقق الشرك من خلال تحويل الشيء النسبي الى مطلق وهناك شرك ظاهر وهو كعبادة الاصنام وهو الشرك المتبادر عند الكثير من الناس وهناك الشرك غير الظاهر كما تعبير الايه الكريمة ( وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) وهو الشرك العملي الذي لا يترتب عنه كما في الشرك الظاهرمن احكام ولكن تترتب عليه احكام المعاصي والاثام كما في طاعة السلطان الظالم وطاعة الشيطان والرياء.
و ان هناك مشكلة تعيشها البشرية وتؤثرعلى التدين لدى الانسان فهناك سلطات تؤثر في تفكير ورؤى وتصورات ومفاهيم وعقليات الاشخاص المتدينين مما يخلق بالتالي اشخاص تؤمن باطار معين قد يسبب اضرار في الحياة الانسانية كما في الشخص الذي يوسع من دائرة التكفير فيشمل فئات كثيرة من الافراد والتوجهات والمذاهب والاديان ويدخلهم ضمن دائرة الكفر غير ان وفق الرؤية الالهية في كثير من الاحيان يبدو خلاف ذلك والحياة الانسانية المعاصرة وبالذات في وقتنا الرهن تعيش البشرية مثل هذا الاستحواذ من قبل تاثير سلطات دينية تستحوذ على عواطف وعقول وضمائر الناس زورا وبهتانا فتؤثر بهم سلبا.
وهناك عبارة لنيتشه يقول ( ان الاعتقادات الراسخة هي اشد اعداء الحقيقة ) ولكن هذه العبارة ليست صحيحة على اطلاقها بل الاصح ان نقول ان الاعتقادات الراسخة المبنية على اساس الاوهام والتخيلات والظنون هي اشد اعداء الحقيقة فكل صراعات ومشاكل وازمات البشرية جراء الاعتقادات الراسخة المبنية على اساس الظنون والاوهام والتخيلات مهما كانت نوع الاعتقادات سواءا اكانت اعتقادات تمثل الفكر اليساري او القومي او الليبرالي او الديني وطالما اضيفت افكار وتصورات ومفاهيم ورؤى واعتقادات زائفة بسبب الرؤى والتصورات الغير واقعية وان الانسان اذا اعتقد برؤى غير واقعية من اعتقادات وافكار ومفاهيم سوف تسبب مفاسد في المجتمع البشري ولا تنحصر هذه الاعتقادات بدين او مذهب معين بل تشمل كثير من الاديان والمذاهب والافكار وان اعظم شيء في التدين هو النظافة او الطهر الداخلي للانسان واذا ما تلوث المحتوى الداخلي للانسان سوف يسبب اضرار كبيرة على البشرية يقول اينشتاين ( ما اجمل النظافة ولكن ما اعظمها عندما تكون في عقولنا ) ويمكننا القول ان نظافة الروح هو العنوان الحقيقي للتدين وان التلوث باعتقادات فاسدة سوف تلوث الروح حتى لو كان يدعي البعض ادعاءا ان تدينه يدخل ضمن دائرة التدين الواقعي فالفكر التكفيري فكر ملوث لانه يلوث الروح بالقتل والعدوان فيفقد مثل هؤلاء صبغة الايمان نتيجة لتلوث ارواحهم وهناك من يلوث الروح بأي شيء اخر من الاثام والمعاصي .
وان كان قد يتبادر الى الذهن بان سلطة الكهنوت تختص بالديانه المسيحية الا اننا يمكن ان نوسع هذا المفهوم ليشمل كثير من الاديان والمذاهب وان قسما من رجال الدين في الديانة الاسلامية قد يكونون ذات عقلية كهنوتية وسلوكيات كهنوتية وعواطفهم ومشاعرهم ذات صبغة كهنوتية من خلال ما يظهر في الواقع الخارجي من مفاهيم وفتاوى واراء ومواقف تحمل صبغة كهنوتية بعيدا عن الواقع الديني وسبب هذا الاختلال هو سوء الفهم للاسلام وسوء فهم الواقع مما يجعل مثل هكذا شخصيات تهتم بالامور الشكلية وتبتعد عن المضامين الحقيقية للايمان حيث تتحول تلك الشخصيات الى شخصيات مرتبكة فتربك الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي معها وان الشخصية المتدينة الواقعية هي التي تحمل جمال الظاهر والباطن فجمال الظاهر كالابتسامة والبهجة وان جمال الباطن في الصفات الداخلية للنفس الانسانية بما تحمل من هموم وامال وان الرجل العظيم على وفق تعبير احد الحكماء هو من كان له قلب يتأمل وقلب يتألم والذي قد يحمل قلب يتألم ولا يملك قلبا متأملا لا يستحق ان يكون عظيما ولو ادعى لنفسه العظمة.
عصام الطائي