في هذه الرواية : أسعد الهلالي يكتشف (الشوارع الغامضة) ! ؟/ عكاب سالم الطاهر – بغداد

Sat, 22 Feb 2014 الساعة : 15:38

    ((راقبت انسحاب آخر مبنى من مباني المدينة ، لتسلم نظراتها الى طريق اسفلتي ممتد الى عمق لم تدركه عيناها .. فكرت ببلاهة .

    هل شوارع بغداد عميقة وغامضة كهذا الشارع ؟ وهل مبانيها قاسية وخشنة كمباني المدينة التي غادرتها قبل قليل ؟ ..)) .

    بهذا النسيج اللغوي المحمل بالتساؤلات ، يطل علينا الروائي أسعد الهلالي ، من خلال احدى شخوص روايته التي حملت عنوان (أسفل خاص) .

    وقبل ان نضع هذا العمل الروائي ، تحت التحليل والتقييم ، من المفيد أن نقدم قراءة – ولو سريعة – في سيرته .

    هو (أسعد عبد الكاظم عبد حسين الهلالي) ، ولد عام 1960 ، باحث في القصة والرواية ، روائي وكاتب في الميدان السينمائي يحمل شهادة بكالوريوس (سينما) . عمل مخرجاً في عدة فضائيات عراقية . وهو في ذات الوقت : خبير درامي في الفضائية . له من الكتب المطبوعة : صفحات من ذاكرة مختصرة – صنعاء 1999 . وله عدة روايات ،   منها : أسفل خاص – القاهرة 2012 ، ورواية : يوميات غياب الندى – بيروت 2001 . وهو عضو اتحاد الادباء ، ونقابة الفنانين . أسهم في مؤتمرات ثقافيةفي صنعاء .

مجموعة محطّات ..

 

    الرواية التي أمامنا تضم ما يقرب من مائتي صفحة ، وصدرت عام 2012 ، عن مؤسسة (شمس للنشر والتوزيع – القاهرة) . والملفت للنظر ان الروائي الهلالي وضع عدة عناوين داخلية . وقد يتبادر للقارئ – في الوهلة الاولى – أنه أمام مجموعة قصص . إلاّ أن الانطباع المتسم بالعجالة ، يتراجع للخلف ، بعد قراءة متأنية ، نتوصل بنهايتها أن هذه العناوين تشير الى محطات في سياق الرواية .

 

مضمون الرواية واسلوبها

 

    يبدو أن إقامة الروائي أسعد الهلالي وعمله في اليمن ، جعل (البيئة) العراقية تتفاعل مع (البيئة) اليمنية ، والحصيلة : عمل روائي بِسِمات عراقية من جهة ، ، ويمنية من جهة أخرى .

    تحكي الرواية قصة إمرأةٍ تتحدى الواقع اليمني بكل تعقيداته الاجتماعية . انها مأساة أنثى تريد أن تعيش بشرف وسط ذئاب لا تقبل بأقل من (أسفلها الخاص) . هذا ما استخلصته من قراءتي للرواية .

    أما إسلوبها فاعتمد (المنلوج) ، أي (الحوار مع النفس) ، أما (السرد) ، فلم نلمسه إِلاّ قليلاً .

 

عودة للمحطات ..

 

    تنقلت بطلة الرواية بين (12) محطة ، أولها ، كانت : إنها جميلة . وفي صدارتها نقرأ : سأكتب على وجهي اللوحة بحروف بارزة وبلون أحمر فاقع ، (ممنوع الاقتراب) .

    وفي المحطة الثانية التي حملت عنوان (الرازم) ، نقرأ : ينقر المطرُ نافذتي ، تنقر الهواجس روحي ، أنظرُ طويلاً الى النافذة المجللة بخيوط سائلة تشاكس اضطرابي بتكرارها المقيت ..

    وتوضيحاً للقارئ نقول : أن كلمة (الرازم) في اللهجة اليمنية تعني (الكابوس الخانق) .

    ونقرأ في المحطة التي حملت عنوان (خوفها يرتقي درجات السلم) ما يلي : كانت مستسلمة لصدى أفكارها الصادحة في فضاء دماغها الخاوي إلاّ من تشوشها وارتباكها وصور بلدها المضطربة .

    وتتعدد المحطات . وقد حمل بعضُها العناوين التالية : أسبرين – سيدي الظلام – حلم تسرب من ثقب الرأس – عقرب لا يلدغ أحداً – الطواف بحثاً عن كلمة ..

 

الخاتمة

 

    مثلما يحرص القارئ على معرفة بداية الرواية ، أو القصة ، فانه يحرص أيضاً على معرفة النهاية . فكيف ، يا تُرى ، كانت النهاية ؟

دعونا نقرأ السطور القليلة التالية :

    فيض من الدفء ، أنهار من مطر دفعتها معاً ودونما اتفاق الى شبك أذرعها والالتصاق ببعضها في رغبة لافكاك منها لأن يخترق كل منهما الآخر ليغدوا واحداً . وقد كانا كذلك حين طافت في رأسهما المشترك كلمة سنظل طازجة حتى وقت طويل ، ربما الى آخر العمر ..

  • الوصول ؟ ! . لكننا : الى أين كان (الوصول) ؟ .

    أقف عند هذا الحد ، لكي لا يفقد القارئ مُفاجأة الاطلاع على محطات الرواية .   

Share |