وجهة نظر في ترشيح البولاني للدفاع-صلاح بصيص

Tue, 16 Aug 2011 الساعة : 1:32

تمضي الاعوام وتأتي وعيون العراقيين ترتقب من يحاكي جراحهم ويلبي القدر اليسير من حاجاتهم، وهمومهم الكثيرة فإذا تحسن الأمن، نقصت الخدمات، واذا تحسنت الخدمات، ولن تتحسن، نقص الأمن، حتى اصبح تحقيقهما فرض محال، دوامة لا تنتهي سببها لا يخفى على احد، الاساس الذي قامت عليه العملية السياسية، وما يعمق الألم، دك الملح في الجرح، إذ نلاحظ برغم جميع الاخفاقات وشحة الانجازات، حملات علنية من قبل بعض الزملاء الكتاب، في الدفع باتجاه شخصيات نالت نصيبها وحظيت بحقيبة وزارية مهمة، عن طريق التعيين، لا الانتخاب، لكنها وبعد ان استتب لها الأمر، سخرت جميع امكانياتها للولوج في العملية السياسية، هذه الامكانيات لم تكن، بالتأكيد متوفرة قبل التعيين، فلا القاعدة الجماهيرية تسمح بذلك ولا العامل الاقتصادي ايضا، الطموح ليس له حدود في العراق حتى وان استغل البعض مناصبهم البسيطة للوصول الى قبة البرلمان، فالبرلمان صفقة تجارية كبيرة يأمل الجميع في الحصول عليها(ما تصرف غير الحجي)، والحجة موجودة ومشروعة خدمة العراق في أي موقع، ولا أدري لماذا تكلف خدمة العراق كل هذه المبالغ الطائلة وهذه الاستحقاقات الكبيرة؟.
ترشيح السيد جواد البولاني الى وزارة الدفاع، ليس بالغريب، ربما نجده في الدورة القادمة وزيرا للصحة، او البيئة، هذا حال العراق الجديد، وقد اسميت رجالاته في ما سبق بالمطاطين الذين يصلحون لجميع المواقع، فعندما وجه سؤال الى برلماني عراقي استوزر اكثر من وزارة، لماذا اصبحت وزيرا للمالية، قال لاني (ابن سوك) ولا اعرف ما هي العلاقة بين (ابن السوك) ووزارة المالية، اذن هي دعوة لغلق جميع الجامعات والكليات المهتمة بالاقتصاد وادارة الاعمال وجميع الدراسات المعنية بهذا المجال، للتنحي جانبا واللجوء الى تجار السوق وابناءه لغرض الاستفادة من خبراتهم المالية وادارة دفة الوزارة!!! وبالتأكيد هناك ابناء سوق اشطر من المصرح، الجواب متروك لكم حول تصريح السيد وزير المالية السابق جبر الزبيدي، في لقاء على قناة الرشيد الفضائية بمعية السيد بهاء الاعرجي ونصير العاني، ربما لو وجه نفس السؤال الى السيد وزير حقوق الانسان، مثلا، لاجاب بأنه خريج سجون! مع احترامي وتقديري للوزير...
لا ادري لماذا يقتحم مخيلتي منظر غريب ايام الانتخابات، اذ قام وزير بترويح حملة انتخابية كبيرة وصلت الى التعاقد مع شركة تاكسي، مدة محدودة، تضع صوره على السيارات الصفراء وتفتح مكبرات الصوت بالاغاني والاهازيج العاطفية والوطنية وتجول مناطق بغداد ليلا ونهارا، ولأني كنت جارا لتلك الشركة قمت بتصوير هذه السيارات، وقد كانت دعاية انتخابية فريدة من نوعها مواكبة لحداثة العصر وروح التطور، شكرا للسيد الوزير على هذه الخطوة الجبارة، لكن السؤال هو، لو كان هذا المرشح ليس بوزير، هل يستطيع تجاوز حدود المعقول في الترويج لحملته الانتخابية؟.
وفي العودة الى استيزار السيد جواد البولاني لحقيبة الدفاع، فبعد تلويح القائمة العراقية بترشيحه، وان كنت اشك بهذا الترشيح لما فيه من اشارات موجهة لشخص المالكي الذي لا يشترك مع البولاني ويجمعه خلاف سببه من هو الرجل الأول صاحب الفضل في استعادة الأمن وفرض القانون، وهو لأمر مضحك، فأين هو الأمن وكيف فرض القانون، هذه الاشارة من القائمة العراقية لقلب طاولة المفاوضات السياسية بينها وبين دولة القانون...وإلا لماذا عمدت العراقية الى تنصيب وزير شيعي لاستحقاق سني(مع اعتذاري لذكر تلك المصطلحات) الا يوجد في القائمة مرشحا غير البولاني تتوافق عليه جميع الكتل؟ مع مراعاة أهمية تلك الاستحقاقات بالنسبة للطرفين، فهي خطوط حمراء لا يمكن لاحد تجاوزها سنيا كان ام شيعيا... إلا إذا كان امرا خارج عن حدود الارادة والتصرف، فقد يكون تلوحيا خارجيا بضرورة الترشيح...
أما إذا اردنا ان نحتسب المنجز الأمني النسبي، ونعزوه الى السيد البولاني، فهو غبن كبير فلقد سخرت الدولة جميع امكانياتها المادية والمعنوية لدعم واستباب الأمن ومع هذا لم تستطع الداخلية ان تحفظ على الاقل انابيب النفط وخطوط نقل الطاقة الكهربائية التي ازدادت في اوجها ايام وزارة السيد البولاني، ما دعى الى الاستعانة بشيوخ العشائر في تلك المناطق لتعيين ابنائهم لحماية تلك الانابيب، وعانت وزارة النفط في نقل المشتقات النفطية من والى محافظات العراق، خصوصا بين مناطق غربي العراق ووسطه، وكانت الأزمات الساحقة في مادة البانزين والتي خلفت طوابير كبيرة من السيارات اضطر اصحابها الى المبيت يومين لغرض الحصول على البانزين، وقد صرح وزير النفط انذاك بأن هناك صعوبة في نقل المشتقات بسبب تدهور الوضع الامني، ولم يستتب الأمن إلا بعد ان شرعت الصحوات الى مسك مناطقها مما سهل عملية الحركة بين تلك المناطق، والأمر الآخر التعيين العشوائي في زمن السيد البولاني لمجرد الكثرة الكم وليس الكيف لغرض زيادة السواد وهو ما اتخم كاهل الدولة وارهق ميزانيتها، اذن كان باستطاعة أي وزير ان يصل بالداخلية لما وصلت اليه عند وجود تلك الامكانيات...
البولاني لم يؤشر عليه فسادا ماليا واداريا، وهي نقطة تحتسب له، دمث الخق كما وصفه بعض الزملاء، ولكن نحتاج الى ذهنية جديدة تدفع بشريحة الشرطة الى الامام، غير تابع لجهة وليس مسيسا، فمن شروط الترشيح الى الوزرات الامنية ان يكون الوزير مستقلا، غير منتم الى جهة، والسيد البولاني معروفة توجهاته وميوله، وبالتالي هو غير مستقل، فلماذا يصر بعض الاساتذة من الزملاء الصحافيين الى فرضه وزيرا للدفاع، نعلم بان البعض تربطه علاقات شخصية وحزبية مع السيد البولاني، ولكني اطالب بمراعاة شروط الترشيح وعدم التهاون والرضوخ على حساب أمننا ومصلحتنا...
[email protected]

Share |