شعب حيّ.. وبرلمان ميّت/حيدر الجابر
Tue, 18 Feb 2014 الساعة : 0:13

تظاهرات السبت الماضي دليل على حيوية الشعب العراقي، دليل قاطع على أن التخدير الذي يمارسه السياسيون والسوداوية التي يمارسها الإرهابيون لم تنل من قدرة الناس على التفكير والقرار والنظر، اللعبة الديمقراطية ضيقة، وبطيئة، مثل مستوى تفكير معظم السياسيين العراقيين. الحل يكمن في الثورة، والقبض على زمام المبادرة، وقيادة التغيير، فلا عيب من الوقوع في الخطأ، إذا اعقبه تصحيح، ولا ضير في الوقوع بالخطأ مرة ومرات، لأن التاريخ هو تجارب مريرة في بعض صوره. تظاهرات السبت ماء متدفق سيزيح البركة الآسنة التي يتجمع فيها نواب الشعب ـ زوراً وبهتاناً ـ، وهناك أمل أن تتبدل وجوه العملية السياسية، بجيل جديد حرّ.
تظاهرات السبت لم تكن البداية، ولن تكون النهاية، وإذا كان "النواب" محترفين في الالتفاف على القانون، نجد إزاءهم مجموعة ذكية من النشطاء الذين لم تفتهم "خدعة" السادة المنتخبين. تحولت الشوارع الى ميدان لاكتشاف الأقوى، وما يرجح كفة المتظاهرين، ارتفاع اسهمهم بقرب الانتخابات التشريعية. سنشهد نواباً غائبين لسنين يتملقون الشعب الغاضب، وسيستمر إلقاء ذنب التصويت على مجهولين، ومع ذلك أتمنى أن تستمر فورة الغضب الشعبي، وأن تظل المطرقة التي تهدد رؤوس الفاسدين. للشارع قوة لاتقهر، تفوق قوة التصويت والحبكات السياسية والتخدير باسم الديمقراطية، الشارع قوة مخزونة جبارة لم نعرف حتى الآن استثمارها. المطالبة بالحقوق أيسر الطرق للتغيير.
التظاهرات انطلقت في معظم المدن العراقية، وشارك فيها مواطنون من شرائح متنوعة. لايمكن إضفاء صبغة محددة عليها، ساحات التظاهر ممثلة للوطن أكثر من البرلمان نفسه، وتكتسب شرعية أنقى من شرعية النواب الملوثة بالتزوير والتعطيل والفساد والطائفية. هناك أمل يبزغ ضوؤه من جديد بولادة وعي شعبي، يبتعد عن السلبية، ويفكر ـ بجدية ـ بالتعبير والتغيير، هناك روح ثورية بدأت تدب في الجسد العراقي، تميز الصواب عن الخطأ، تهدد، وتتوعد، وعلى السياسيين الجشعين أن ينصاعوا لإرادتها.
التغيير الأكبر حين تُزاح الطبقة السياسية السيئة الحاكمة اليوم في الانتخابات المقبلة، وتأتي طبقة أخرى تخشى من الشعب. تظاهرات السبت عار على كل برلماني، وعلى النظام السياسي برمته.
جريدة المؤتمر