
لغة الرصاص بلسان الجندي براين/كاظم فنجان الحمامي
Mon, 17 Feb 2014 الساعة : 2:09

يعود الفضل الكبير في قراءتنا لقصائد الجندي الشاعر (براين ترنر) إلى الأستاذ حيدر الكعبي, الذي أبدع أيما إبداع في ترجمتها إلى العربية, فنقل لنا تفاصيل المشاهد الدموية, التي رسمها (براين) بلغة الرصاص.
كان (براين) شاعراً مغامراً يعتمر خوذة جندي, ويقود حضيرة أمريكية في العراق ضمن تشكيلات القوات المتحالفة ضدنا. باشر بكتابة أولى قصائده (1), منذ اليوم الذي انطلقت فيه كتيبته من مخيم (ولفراين) في الكويت, من الوكر الذي تسللت منه جرذان الصحراء, وحتى اليوم الذي غادر فيه العراق من الوكر نفسه, فجمع قصائده عام 2005 تحت عنوان (هنا أيتها الرصاصة) (2), ليحكي للناس مأساة المدن العراقية المنكوبة, التي لم يبق فيها سوى الوجع, وسوى الرصاص والألم, وسوى النزف حتى الموت, وسوى لعنات الجرحى, وشتائمهم وتأوهاتهم (3).
يقف في (الشلامجة) حيث الهياكل العظمية تستريح في صناديقها, ومازالت, بعد عشرين عاماً, مرخيَّة الفكين, كأنها مندهشة لموتها (4).

يصور لنا مقبرة السلام في ضواحي مدينة النجف, حيث الغيوم مصنوعة من البارود والمطر, والأرض حبلى بالموتى, وأكوام القبور تمتد أرتالاً وأرتالاً, وثمة متسع للمزيد مما ستجود به السنوات المقبلة, وما على الحفارين سوى أن يدقوا المجرفة بعد المجرفة, ويحفروا (5).
صور مروعة من المعركة الخاسرة, صورة أبشع من الأخرى, في صورة من الصور, ثمة قمر من الدم معلق فوق دجلة, وثمة طلب بإخلاء الجرحى ينقله المذياع مشوشاً, وتفاصيل عن انزلاق شاحنة أسلحة, وسقوطها في مياه الصيف الداكنة السريعة الجريان, وعن رجلين لم يتمكنا من الخروج (6).
ثم يكمل ما تبقى من تفاصيل الصورة بعدسة يحجبها البريق, فيقول: حتى أن الجنود لم يعودوا يرون شيئاً, لا شيء سوى الخراب في الشوارع, وسوى أجساد مغطاة بالملاءات, وسوى الشمس, سيتعين على صانعي التوابيت أن ينفقوا الكثير من المسامير (7).
ما يميز الشاعر (براين تيرنر) أنه قرأ تاريخ الميزوبوتاميا من الألف إلى الياء, وتعمق في دراسة تراثنا الشعبي, وت