التقاعد الثوري والشباب/طاهر مسلم البكاء

Mon, 17 Feb 2014 الساعة : 1:26

بعد أحداث العام 2003 ،كان يمكن لمن تسلموا مقاليد الحكم ان يثبتوا لأنفسهم ولشعب العراق انهم ثوار حقيقيون ، خاضوا نضالا وطنيا ً ومقاومة باسلة فأسقطوا النظام الديكتاتوري ، ولايعود الفضل في ذلك لآل بوش وحدهم التي كانت لهم أهدافهم الخاصة في العراق ،ولم تكن تلك المواجهات التي خسرت فيها امريكا مليارات الدولارات والعتاد والأنفس لأجل عيون شعب العراق .
غير ان انسياقهم بالترف والبحث عن المنافع الخاصة ، والصراع على المغانم اسقطهم في عيون الشعب الذي بدأ ينظر بعين الريبة لأفعالهم وما يصادقون عليه من قرارات باتت مهددة بالألغاء شعبيا ً كونها لاتصدر لخدمة العراق بقدر ما تصدر لأغراض خاصة سخصية ،وبات استمرارهم في المناصب وعودتهم ثانية اليها على كف عفريت ،حيث انها تتطلب تصويت وتفويض من الشعب الذي أخذ لايثق بالشخصيات التي تكذب عليه وتبحث عن مغانم على حسابه .
كان يمكن :
لقد كان لقادة ثوريون ان ينجزوا قرارات ثورية تحرك المواهب وتفجر الطاقات في شعب عرف انه خبر المحن وخرج منها سالما ً وقادر على العودة الى الحياة والبناء والتقدم ، ولكن هذا لم يحصل ،وخير مثال على ذلك التصويت الأخير على قانون التقاعد ،الذي اثار جدلا ً واسعا ً في الشارع العراقي والذي انكشف امامه بصورة لالبس فيها انه قانون ضعيف لم يرضي فئات الشعب العاملة على اختلافها ، كما انه اعد لمنح الساسة والبرلمانيون حقوقا ً خاصة لم يرتضيها الشعب .
ان ما يحصل اليوم في العراق لايحصل في أي بلد آخر في العالم حيث ان من يؤتمنهم الشعب ويجلسهم في السلطة لايبحثون إلا ّ عن مصالحهم ويضعون امتيازات غير اعتيادية وغير منطقية ،تظهرهم وكأنهم يستأثرون لأنفسهم بثروات وحقوق الشعب ،وهذا و ما ألغى أي صفة للثورية لمن يقود البلاد اليوم وأظهرهم مجاميع باحثة عن الثروة ، وهذا يولد تناقضا ً شديدا ً بين الواقع الذي يراه الشعب و ادعاءاتهم بالخدمة الجهادية ،التي لاوجود لها في قوانين الخدمة المدنية ،والتي هي التفاف فاضح على القانون أضيفت من خلالها عشرات السنين كخدمة للساسة الحاليين دون وجه حق .
القانون الجديد :
القانون الجديد للتقاعد لم يرضي العراقيين ، وكان يمكن ان تخفض الخدمة التقاعدية من الأعمار التي يصل فيها الأنسان لعمر الخرف وهو لايزال في الوظيفة ،وبالتالي يصيبه العجزوالملل وينخفض لديه الأبداع ،الى تقاعد ثوري يخفض فيه العمر التقاعدي ، يفسح المجال لجيل من الشباب أن تؤخذ زمام المبادرة في مؤسسات الدولة المختلفة ويسمح للجيل السابق ان يخلد للراحة ما تبقى من العمر خصوصا ً وان ما مر بالعراق من حروب وويلات ومحن جعل من العراقي مرهق وعمره أكبر مما هو في الواقع .
كما ان مثل تلك الخطوة لو حدثت ستعطي معالجة ،وعلى مستوى عال ، لمشكلة البطالة المستشرية في البلاد اليوم .
الاخلال بالتوازن الذي حصل بعد العام 2003 :
بسبب عودة المئات من السياسين الى دوائر الدولة بعد احداث 2003 ،أدى الى حالة تضخم وظيفي في دوائر الدولة ،بحيث ما عادت تستوعب أعداد جديدة من الخريجين ،لا بل أن بعض هذه المؤسسات ودوائر الدولة ما عادت تستطيع التكيف مع الاعداد الجديدة المضافة اليها بعد عام 2003 ،وكمثال واضح الى ما نذهب اليه بعض المنشآت الصناعية مثل منشأة اور ومعمل النسيج عندنا في الناصرية ،والعديد من منشآت وزارة الصناعة والمعادن مثل منشآت صناعة الاسمنت وغيرها ،والتي أصبحت وارداتها لاتغطي رواتب موظفيها ،واضطرت في السنوات الأخيرة الى توزيع كادرها الفني المدرب على الوزارات ليؤدي وظائف هامشية لاتمت بصلة لأختصاصاتهم الحقيقية .
ومن جانب آخر فأن البطالة أخذت تتصاعد أعدادها بسبب توقف عجلة التعيينات في دوائر الدولة وأقتصارها على أعداد بسيطة لاتتناسب مع الاعداد المتكاثرة من الخريجين سنويا" .

Share |