شريعة الغاب في كفة الرجحان/المحامي يوسف علي خان

Sun, 16 Feb 2014 الساعة : 4:10

من الذي سوف يفوز الحق أم شريعة الغاب وهل هي حرب الغفران وخسارة مصر في كل مكان حتى جاءت حرب حزيران وكان كل ذلك في الحروب التقليدية في الطائرة والمدفع.... فقد تغير اليوم الحال ودخلت حروب الجيل الرابع في الميدان ؟؟؟؟؟ سؤال يطرح نفسه ولكن الذي سيجيب هو الواقع الذي سيحدث لا محال.... لما لدى الولايات المتحدة من امكانيات هائلة في مجال التسليح المتنوع او ما استجد من مجال شبكات الاتصال الالكتروني الذي تمسك بمقوده... والذي بواسطته يمكنها ان تسيطر على العالم برمته وتتعرف على جميع حركاته وسكناته وخططه فهو بمثابة منظار عظيم له القدرة على اختراق كل الحواجز ومعرفة تصرفات كل شخص بما يفعله في كل لحظة من لحظات اليوم الواحد... بحيث لم يعد هناك شيئا خافيا عليها أو يجري دون علمها ... فقد ترسخت القناعة مما شاهدناه ان الاستعمار هو المنتصر في نهاية المطاف في كل معمعة وكل صراع... رغم ما قد نراه ونشاهده من انتصارات مبدأية تحققها الشعوب على الباطل المستبد او على الاستعمار الغاشم لكن سرعان ما تنقلب الاية حيث تندحر الشعوب بفعل الخديعة التي يمارسها الزعماء الانتهازيون الخونة الذين يكونوا مستعدين لبيع شعوبهم والتفريط ببلدانهم من اجل المنافع والمكاسب الذاتية فيشرعون الابواب للمستعمر كي يعيث ببلدانهم وينهب خيراتها ومواردها مقابل مناصب زائلة او فُتاة مال مما يتركه لهم الاستعمار وما ينهبه من هذه البلدان ..وحتى لو صادف وان تولى على الحكم زعماء وطنييون يحاولون خدمة بلدانهم واسعاد شعوبهم فإن الاستعمار لايدعهم وشانهم فهو سيستمر بملاحقتهم واحاكة المكايد لهم واثارة الزوابع حولهم حتى يسقطهم في اخر المطاف باحدى الوسائل المتاحة... اما بتشجيع العملاء ودعمهم ماديا وعسكريا كما حدث مع عبدالكريم قاسم او بحبك المؤامرات وخلق الفوضى كي يثيروا عليهم شعوبهم الذين كانوا يؤيدونهم بسبب الاحباط الذي يتولد في نفوسهم من عجز قادتهم عن توفير الاستقرار لهم وتحقيق مطاليبهم .... فينفضوا من حولهم يأسا فيسهل على الاستعمار اسقاطهم... بل قد يدفعون نفس الزعماء للتورط ضد شعوبهم باثارة مشاعر النرجسية في نفوسهم فيصابون بجنون العظمة التي تدفعهم الى الاستبداد في حكم البلاد والانقلاب على شعوبهم... فيثورون عليهم ويطيحون بهم ... فالافكار الديمقراطية التي يشيعونها بين الناس التي تبنى على حكم الاغلبية وحكم الشعب تكون بشكل دائم مجرد خدع لاوجود لها على ارض الواقع يطلقها الاستعمار كوسائل تغطية يشيعها بين الناس كي يجعلها ابوابا مشرعة للفوضى داخل شعوب لا تدرك مفاهيمها ولا تستوعب خصائصها ومقوماتها واساليب تطبيقها .. بل يجعلونها منافذ لشريعة الغاب التي يتبرأ منها الجميع غير انهم يمارسونها برمتهم ولا يستطيعون التخلي عنها والتي تبنى على نظرية ((القوي ياكل الضعيف)) وهي مظهر من مظاهر الاستبداد الذي يمارسه العديد من القادة والزعماء أو الكتل والجماعات... والشواهد على ذلك كثيرة فدكتاتورية هتلر وعدوانه على الامم وجنون موسليني وغروره وتصرفاته الرعناء واهداف اليابان في الثلاثينات من القرن الماضي ورغبتها بالسيطرة على شرق اسيا كل ذلك اثار حفيظة العالم وتسبب في اشعال اتون الحرب العالمية الثانية وعنجهية فرانكو ورغبته بحكم البلاد بالقوة والقهر دفعه للتعاون مع دكتاتوريات العالم لقمع الشعب الاسباني وانهاء ثورته الاشتراكية .. وتظاهُر العالم الغربي ورفع شعار الديمقراطية والدفاع عن الحرية ادى الى انتصارهم في تلك الحرب مع أن الجميع كانوا يكذبون ...فقد كانت شريعة الغاب هي المسيطرة على كل تصرفاتهم فجميع الشعارات التي يرفعها الاخرون ان كانوا افرادا او دول تبقى مجرد إدعاءات لا تطبق على ارض الواقع ...فان ضرب اليابان بالقنبلة الذرية لهو اكبر دليل لشريعة الغاب التي يمارسها الانسان ضد اخيه الانسان... مع كل ما ادعته امريكا من اضطرارها لذلك لانهاء الحرب وانقاذ البشرية من ويلاتها و تقليل ضحايا ها..فكل ادعاءات الدفاع عن حقوق الانسان والنظم الديمقراطية التي يطلقها هذا الجانب او ذاك بين فترة واخرى تبقى مجرد شعارات لكسب الدعم والتاييد وحتى لو كان يؤمن بها مطلقيها في وقت من الاوقات غير انهم سرعان ما يتراجعون عنها لو سنحت لهم الضروف يوما من الايام وتولوا السلطة واصبحوا ذو قوة وشان تخلوا عن كل شعاراتهم ومبادئهم التي اطلقوها وتبرز نرجسيتهم للعيان كي تسيطر عليهم وتتجمع حولهم الاراذل لتزيدهم ايغالا في الوحشية والاعتداء على الاخرين وظلمهم واستعمال اشد انواع التعسف ضدهم... ولم يعد هناك مكانا للادعاء بحكم الاكثرية واطلاق الحريات واحقاق الحق فكل هذه القيم الانسانية تختفي وراء شريعة الغاب التي تكون هي سيدة القوانين في هذا العالم .. ولو تتبعنا وراقبنا جميع الانتصارات التي حازتها المجاميع او الفصائل او الزعامات او الدول نجدها تبتديء من خلال حقوق الانسان والدفاع عن حريات الشعوب وتطبيق الديمقراطية حتى تفوز وتنتصر وعندها تختفي كل تلك الشعارات ويتخلى الجميع عما كانوا يؤمنون به ويعودوا الى حقيقتهم وطبيعتهم البهيمية في تطبيق شريعة الغاب .. كي يفترسون الاخرين .. وهو ما تمارسه الحكومات مع بعضها خارج حدودها او ما تمارسه مع شعوبها داخل حدودها... فالدول القوية دائما وابدا تفترس الدول الضعيفة وتنهب خيراتها ومواردها وفي الداخل تقمع شعوبها.... فالفصائل المتنفذة والمتسلطة تفترس بقية الفصائل الضعيفة دون النظر الى كونها صاحبة الحق او انها تشكل االاكثرية او كونها تطالب بتطبيق المباديء الديمقراطية فتستمر في عدوانها حتى تظهر قوة اقوى منها فتطيح بها و تنحيها لتحتل مكانها في نهب الاخرين بل وتنهب ما كانت الكتل التي سبقتها في الهيمنة والتسلط قد استولت عليه ....وهكذا تدور عجلة الحياة و تبقى شريعة الغاب هي السائدة بين العالم الى ان تتواجد قوى متعادلة بالقوة فتجد الديمقراطية مكانها فيما بينهم ويحدث التوازن القسري .... وعندها لا يكون امام جميع القوى المتعادلة غير الاستسلام والاعتراف بقوة بعضهم البعض فيتقاسمون السلطة وهو ما يجري في النكلترا وغيرها من الدول الاوربية في الوقت الحاضر فليس كما يعتقد الكثيرون بان الثقافة والتحضر والتطور العلمي هو سبب هذه الديمقراطيات في اوربا ولكنه تعادل القوى وتوازنها جعلتهم ديمقراطييون .... او قد تشكل شعوبهم قوة لا يمكنهم تجاوزها وعندها لامجال من التخلي عن هذه الشريعة المتجذرة في النفوس فالديمقراطية العتيدة في انكلترا حدثت بعد أن اضطرت واجبرت بالتخلي عن شريعة الغاب بعد ثورات وصراعات كانت قد مرت بها خلال القرنين الماضيين او كما هو الحال اليوم في المانيا التي ارعبتها ويلات هتلر وما سببه لها من دمار وكذا الحال بالنسبة لفرنسا بعد ما حل بها على ايدي زعماء الثورة التي اطيحت رؤوسهم على ايدي بعضهم البعض ثم جاء نابليون ليكمل المشوار .. فلا بد ان تمر كل الشعوب بما مرت عليه دول الغرب حتى تستقر الى ما استقرت عليه اليوم... وهذا لابد ان يتطلب وقتا وصراع مرير .. فلا زال العالم الثالث يقاسي من ويلات الحروب والصراعات الداخلية وقد يستغرق هذا لربما عدة عقود لا بد وان تتجرعها شعوب المنطقة ويطاح بالاف الرؤوس حتى يتسنى لها الاستقرار وتحضى بالامن والامان وتتحقق فيها العدالة بين الجميع ....وعليه فسوف يبقى النصر حليف العالم الغربي وهو النمتفوق على شعوب العالم الثالث مع كل النضالات التي تمارسها شعوبها والانتصارات الانية التي تتحقق لها فترة من الزمن لكن الغلبة في نهاية المطاف سوف يكون للدول الاوربية التي لها اليد الطولى والقوة العظمى التي لا تستطبع القوى الاقليمية مجاراتها ومواجهتها في الوقت الحاضر والامثلة كثيرة فقد اندحر عبد الناصربعد ان صمد منتصرا لما يقرب من عقدين وقتل السادات بعد ان انتصر في عبور القناة ومات القذافي اسوا ميتة بعد ان حكم مستبدا اربعة عقود واُحتُل العراق بعد حكم وطني لثمانية عقود ودمرت سوريا بعد صمود طويل ...فهذا هو المخاض الذي لا بد ان تمر به هذه الدول وحتى مصر الان بما حققته من نصر على الرجعية المتشددة فهي لازالت مهددة بخطر الانهيار واحتمال نجاح الغرب في القضاء على الحكم الجديد اكثر رجحانا ...فالقوى العظمى لا تستسلم للضعفاء.. فشريعة الغاب هي المتفوقة في اخر المطاف وحتى وقت طويل في المستقبل البعيد... وعلى اية حال لا بد لهذه الشعوب ان تمر بما مرت به الدول الاوربية قبل قرنين او اكثر من الزمان حتى تحضى بما حضيت به من الاستقراروالهدوء والامن والامان والتقدم والتطور ولا بد ان تطحن في معمعة هذه الصراعات الملايين من ابناء العالم الثالث ..!!! 

Share |