شباط.. شهر الغدر/حيدر الجابر
Tue, 11 Feb 2014 الساعة : 15:43

الداعي لذلك سببان: قديم قبل نصف قرن، يوم تواطأت وتآمرت النفوس البعثية المجرمة على حلم العراق، وتهافتوا على اغتيال رمز علا فوق إجرامهم ببراءته، إنه الزعيم عبد الكريم قاسم. وجديد قبل ايام حين أقرّ نواب سيئون مُسيئون لا جدوى منهم ولا فائدة، أقرّوا قانوناً للتقاعد كال عليهم الأموال بغير حق، ورمى الفتات لطبقات سُحقت وأفلست قبل وبعد 2003. قانون يؤسس لأرستقراطية جديدة عفنة. في شباط 1963 اغتال البعثيون حلماً عراقياً طاهراً أصيلاً، وفي شباط 2014 اغتال نواب منتخبون ـ مع الأسف ـ حلماً شعبيا بالإنصاف، وأثبتوا أنهم طامعون كطمع البعثيين، في الشباطَين خرجنا خالي الوفاض وبلا وطن.
قبل 51 عاماً حبك البعثيون خطتهم القذرة، ونالوا من ثورة بعمر الزهور، أنجزت وقدمت للبلاد أكبر من عمرها الغضّ، بينما كان قائدها أكبر من الانتماءات الضيقة المقيدة، ولم يجزم أحد على وجه اليقين انتماءه المذهبي، وضع الخطط بعيدة المدى لبناء وطن يستحق أن تدافع عنه الأجيال اللاحقة. قائد لم يجدوا في جيبه عندما قتلوه سوى فلوس قليلة، ومعه رصيد لن تنساه القرون المتتالية من المثالية، أتعب من عاصره وسيتعب لاحقه. لم يدفن في قبر، ربما لأن الاقدار ارادت أن يكون مثواه الأخير في قلوب الفقراء الذي قاسمهم ألمهم وعوزهم. هكذا هو عبد الكريم قاسم، وهكذا هم نواب الأزمات الذين ابتلينا بهم، الذين غدروا بنا في شباط.. شهر الغدر.
الطريف في الموضوع أن كل الكتل السياسية تبرأت من قانون التقاعد، وقررت الطعن به، مع أنه اُقرّ بالأغلبية، وزفّوا البشرى للعراقيين على القانون الذي قنّن السرقة. النواب الأفاضل، قرروا الانتصار لزميليهم الذي يخاف على عائلته من "الدياحة" والتي لايكفيها الراتب حتى منتصف الشهر، وأغدقوا على أنفسهم ملايين لايستحقونها بأي وجه. والأدهى أن الحكومة أعلنت انها لم تدرج فقرة تقاعد النواب والمسؤولين في المشروع الذي أعدته. ضاع الخيط والعصفور، وتمت رشوة "أبناء الرموز الوطنية"، و"قشمرة" البسطاء الذين أفنوا عمرهم بـ400 ألف دينار. أما هم فمن حقهم الملايين أمام أربع سنوات لم نسمع بمعظمهم، وكانوا فيها مثل الفطريات، أو العُلّيق الذي يعيش على دمائنا.
دعوات الفقراء تلاحقكم..
جريدة المؤتمر