إذلال مواطن../المهندس زيد شحاثة

Fri, 7 Feb 2014 الساعة : 10:53

هل جرب أحدكم أن يراجع إحدى دوائر الحكومة!؟..كم هذا السؤال ساذج, وهل يستطيع مواطن أن يتجنب هذه المصيبة!؟
هذه المعاملة عبارة عن سلسلة متتابعة من عمليات المهانة والإذلال للمواطن, وجعله يلعن اليوم الذي ولد فيه عراقيا, وتبدأ السلسلة من دخول الاستعلامات, حيث الاستقبال بوجوه مكفهرة, لتبدأ الرحلة الكبرى في البحث عن مكان بدء المعاملة, ثم متابعة استكشاف إسرار ورموز خارطة الطريق..لإكمالها..وخلال ذلك يتم مليء أوراقك بعشرات التواقيع, والكلمات التي تكاد تظنها كتابة سومرية, أو هيروغليفية, لا يفقه منها شيء, هي "للشخابيط" اقرب منها للحروف والكلمات..مما يتيح فرصة للاجتهاد, بل وفرصة لإعادتك مع معاملتك إلى نقطة الانطلاق!!
مراجعة مواطن لدائرة حكومية تقتضيها حاجة المواطن, للحصول على وثيقة ما, أو تأييد موقف ما, أو في أحيان أخرى, تتطلبها تعليمات حكومية..وفي كل الأحوال فهي تصب في مصلحة الدولة وحكومتها, لاستكمال معلومات, أو تنظيم أوضاع , ناهيك عن تسديد رسوم أو أموال..لكن آلية وأسلوب التعامل, تظهر وكأن المواطن هو المستفيد الوحيد من تلك المراجعة, بالرغم أن واجب الحكومة أن تخدم المواطن كأسبقية..وأما التعقيد والروتين, فهو أول أبواب الفساد والرشوة والوسطاء, والسماسرة..كل ذلك يحمل المواطن فوق طاقته ,ناهيك عن الجهد, والوقت الحكومي المهدور.
بعد عام 2003, دخلت إلى العراق كميات كبيرة من السيارات, من دون تخطيط, أو إجازات استيراد, أو تحديد لما يحتاجه العراق, وماهو النوع الملائم لأجوائنا, أو نوعية طرقنا, وما حددها فقط هو السوق, والعرض والطلب..وما حصل قد حصل.
بدأت مديرية المرور العامة, بالفترة القريبة الماضية, إجراءات لتحويل تلك السيارات, التي عرفت"بالمنفيست", إلى أرقام دائمية..وهنا بدأت الملحمة..والرحلة الكبرى للمواطن, ودفع الأموال , بحق ودون وجه حق, وحصل زخم مراجعين كبير جدا..وكأنه يوم محشر مصغر!!
كان يمكن للجهة المعنية بالموضوع, أن تطلب من كل صاحب سيارة, يروم تسجيلها أن يراجع مواقع محددة, ليقدم مستمسكاته, وبعد أن يتم التأكد منها فورا, يتم استلام ما تحتاجه الدائرة منها, ثم يزود بوثيقة تثبت مراجعته, و أن موقفه سليم, وتقوم هي بإكمال باقي الإجراءات المطلوبة, وتعلن جداول لاحقة للمراجعة, واستلام الوثائق والأرقام الجديدة, ويدفع حينها الرسوم, التي يجب أن تكون معقولة..هذا ما يحقق الغاية المطلوبة من تصحيح أوضاع السيارات, وضبط الامن الخاص بها.
كل قرار, أو إجراء يجب أن يستهدف مصلحة المواطن, والوطن, وبشكل متوازي..وبما لا يحمل المواطن ما لا طاقة له به.
في أواسط الثمانينات , وعندما كنا طلابا في المرحلة المتوسطة, حضر موظفان من مديرية الجنسية, وقاما بأخذ نسخ من وثائقنا, ثم بعد عدة أيام, قدموا لنا شهادة الجنسية العراقية, دون أن نراجع..أو نجرب الرحلة العظيمة..كل ذلك خلال حكم البعث..الذي كان همه تحطيم المواطن العراقي!!.
المنطق..وما يعلن..يقول أن الحكومة في خدمة الشعب..هل هذا صحيح!؟..اثبتوا ذلك عمليا.

Share |