الازمة السورية .. من المسئول/طالب شريف ال طاهر
Fri, 7 Feb 2014 الساعة : 10:30

أصبح من الصعب جدا التكهن بمستقبل الدولة السورية أو الوقوف على مصيرها ، بعد أن أوكلت الحلول إلى أطراف غير سورية ، سواء طوعا أو رغما .. والمتمعن في تبادل أدوار العائدات السياسية للجهات المتدخلة في حل ألازمة السورية ، قد يستنتج البون الشاسع بين ما يعانيه الشعب تحت سقف النيران الملتهبة ، وبين ما يطرح بعيدا عن أتون الصراع من المصالح الخاصة التي لابد وان تتصدر البحث على طاولة المفاوضات ، لاسيما بعد ارتماء الطرفان المتقاتلان في سوريا في أحضان القوى الدولية ، وتحديدا تحت وصاية الممثل الأميركي كراع للمعارضة ووصاية الممثل الروسي كراع للحكومة .. والواقع يصعب النفاذ إلى الإبعاد الحقيقية في تفكير الدولتين العظميين ، فما يكتنف تحركهما من رؤى إلى الآن لم يفضي قطافها إلا لمزيد من إزهاق الأرواح ونزف الدماء ، الأمر الذي يثير الريبة في إمكانية إنهاء هذه الأزمة المستعرة بسهولة.
وإذا كانت المواقف العربية منقسمة بين من يسعى جاهدا إلى تنشيط مسار الحرب ، وبين من يحاول لإغراض مصلحية إيقاف هذا المسار ، يكون الطرف الثالث المتفرج على الوضع المأساوي ، أكثر الإطراف العربية تعبيرا عن العجز في إبداء دور عربي قد ينهي المشكلة السورية بأقل الخسائر .
والإطراف غير العربية كإسرائيل ، فأنها لم تستحي التصريح عن رغبتها في دمار سوريا الكامل ، وتتبنى النهج المعلن لإنهاء البنى الأساسية للدولة ، ولم تتورع من الجهر عن مصلحتها في تفتيت هذا البلد ، طالما تعتبره المعادي التقليدي لها .. أما إيران والتي ترتبط بحلف سياسي أو عسكري مع سوريا ، فإنها تعمل تحت الشمس بما يرضي الحكومة ، ولا تنسى نصيبا من ذلك لمصلحة الشعب السوري المقتول وتطالب بحلول سياسية .
وثمة ادوار أخرى تدور بذات الدائرة المفرغة ممثلة بالاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وحتى الأمم المتحدة ، جهات تتحرك كالنحل في موضوعة فض النزاع دون كلل ، وتعمل بأهداف واضحة لا تثير الشكوك غايتها إحلال السلم وتطويق حلقة القتل ، بحلول واقعية تخمد نار الاحتراب ، لكن كما نرى ونسمع ، لا جدوى تذكر من عقد المؤتمرات والتقاط الصور سوى تصريحات الأمل والتفاؤل التي لا توقف الموت القسري الذي يطال أبرياء الحرب يوميا .
أما على الأرض فلا تخفى التدخلات المباشرة في إدامة آلة الحرب ، مثلما يُجهل التعرف على كيفية المد البشري ، او كيف يُعد ويقاتل ويصمد في القتال ، فالجنسيات المشاركة في صناعة مشهد المجازر تخطت البلدان والمذاهب والأحزاب العربية ، وامتدت الى جنسيات من القارات الأخرى .
وقد اتسق تنوع الجنسيات تحت عنوان يتسع وطبيعة التنوع الديموغرافي ليعطي الرابط المنطقي لوحدة الأهداف التي افضت إلى تقديم هذا الثمن الباهض من التضحية والفداء ، لكن هل يمكن أن نعرف إلى أي بلد ستؤول ملكية الدولة السورية في حال انتصرت هذه الجماعات .
فأذن دوامة من الموت المتبادل ، تهجير مستمر ، مجاعة جماعية في ظروف قاهرة ، دمار في المؤسسات لا يتوقف ، وطرفي النزاع حكومة متمسكة على البقاء في السلطة ، ومعارضة مصرة على إزاحة النظام السياسي القائم .. مجموعة من الثوابت الوضعية قد تنتهي بالدولة السورية إلى خارطة لها صدى جميل في ذاكرة الأجيال ليس إلا .. والسؤال هنا ، بعد استعراض جميع الجهات الفاعلة في تأثيرها على الوضع السوري ، من يا ترى القادر منها على إحداث متغيرات تهيكل الثوابت التي ذُكرت وتعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، إذا ما علمنا بأن جميع الجهات المتدخلة هي جزئية ضارة من هذه المتغيرات .