الفرعون يُصنع من جديد/حيدر الجابر
Mon, 3 Feb 2014 الساعة : 23:57

في مصر هذه الأيام، تعبير مرادف لمصطلح الإخوان، هو «عبيد البيادة»، و»البيادة» هو «بسطال» العسكري! نعم، يتشرف أطفال في الرياض وتلاميذ في المدارس ومعهم مثقفون بوضع «البيادة» على الرؤوس، امتناناً لتخليصهم من الإخوان ورئيسهم. على العموم، قبل سنتين فقط كانت الدماء تسيل لإزاحة العسكر من السلطة، وكانت المطالبات بالنظام المدني تترافق مع رصاص الشرطة والجيش، مع فضائح من قبيل «كشوف العذرية». اليوم وصلت عبادة «البيادة» إلى الذروة مع ترشيح السياسي للرئاسة، السيسي الذي ترقى من لواء الى فريق أول ثم مشير في أقل من سنتين، مع انه لم يخض معركة واحدة مثل سابقيه.
صناعة الاستبداد فن شرقي بامتياز، أما الفرعنة ففن لايتقنه إلا المصريون، تصور معي ميدان التحرير في 25 يناير، ثم التاريخ نفسه في 2014، الطموح العظيم نحو الحرية انقلب الى استحذاء أمام حذاء العسكري، انقلاب محير، ركب موجة الوطنية الراقصات والمطربون وفلول النظام السابق. تحدث الجميع عن الإسلام المعتدل، وقريباً ستسهم ممثلة خليعة في قناة فضائية تنشر الاسلام «الحقيقي» كما تدّعي. السيسي فرعون جديد بإرادة شعبية، وإن كانت أسباب إزاحة الرئيس الإخواني السابق سارية، الكهرباء متدهورة، والميزانية عاجزة، الفرق ان العسكر مستمرون باللعب على حبال الأمن والوحدة الوطنية والحرب ضد الإرهاب، منذ 60 عاماً والعسكر أو سياستهم تحكم، وكانت النتيجة 25 يناير.
وافق على الدستور المصري الجديد 98%، و90% من هؤلاء كانوا يرقصون أمام الكاميرات ووسط الشوارع بعد التصويت. رقصهم كان بالبلدي، وكأن 30 يونيو جاءت لتفك الكبت عنهم، رقصوا ضد الإخوان و»بالعند فيهم»، ونسوا أن بلدهم أكبر من الإخوان والجيش. السيسي في طريقه الحتمي للرئاسة، ومشاكل مصر العويصة اكبر منه ومن رتبته، لكنه سيظل في الحكم بجهود «العبيد»، فرعون جديد في مصر ربما رغماً عن إرادته، إنه فرعون بإرادة شعبية وسفاهة إخوانية، فرعون منقذ سيصعب على موسى جديد أن يغرقه في اليم. مصر اليوم تصنع فرعونها، وكذلك تصنع ثورتها، الحرية أمام عقبة جديدة، ليس عليها أن تزيح الاستبداد فقط، ولكن عليها أن تحرر العقول من «البيادة» كذلك.
جريدة المؤتمر