الفلوجة مفترق طرق/طاهر مسلم البكاء

Sun, 2 Feb 2014 الساعة : 1:53

قبيل التحرك العسكري ضد العناصر الأرهابية في الرمادي وصل الحال الى تداول ضعف الدولة كأمر مسلم به، فالأرهاب يضرب في كل مكان ،حيث لم تسلم محافظة عراقية من شروره بما فيها العاصمة بغداد والتي كانت لها حصة الأسد .
تطور الأمر بالتدريج وبدأ الأرهاب يبني أعشاشا ً ثابتة في أغلب المحافظات كالرمادي والموصل وبغداد وصلاح الدين وديالى وكركوك وغيرها وأمتد ذلك الى المحافظات الجنوبية بعد ان وجد الفرصة سانحة ، أي ان قادة الأرهاب كانوا يريدون العراق بالكامل ولم تكن تهمهم مدينة معينة أو مكون ما ولكنهم كالعادة كانوا يلتحفون غطاء الدين ونغمة المذهبية المرشحة لتمزيق العراق ، ولعدم وجود رد مؤثر فقد اصـبح الـعراق ملـعبا لهم .
اسباب التمكن الأرهابي :
كان البعض ممن يتعاطف مع الحكومة ويبرر لها دائما ً دون نقد موضوعي ،يعزو تراجع الدولة امام الأرهاب الى الديمقراطية وضوابطها التي تحتم على الدولة ان تتعامل برفق مع القتلة الذين يعلنون نيتهم بأحتلال العراق ، وتوفر لهم قادة يدافعون عنهم ممن يشتركون في أعمال الحكومة والبرلمان يمتلكون خصانة رغم افعالهم ، وتخفف الضغوط عليهم فيمارسون تدريباتهم واستعراضاتهم العسكرية على المكشوف وامام انظار القطعات العسكرية النظامية ويستخدمون قنوات اعلامية مختلفة لبث سمومهم ،ومنها صحف تصدر في قلب العاصمة بغداد ويتهافت عليها الناس لأنها تظهر الدولة بمظهر كاركاتيري ،وعندما يمسك رجال الأمن ببعض من عناصر الأرهاب ويدينهم القضاء فالدولة توفر سجون هي اشبه بفنادق من الدرجة الممتازة ، لايلبث الأرهابيون فيها طويلا ً حيث تتيسر طرق هروب للسجناء وبأعداد تصل الى مراتب الألوف .
وهناك من يبرر ان تراخي الحكومة جاء لعدم رغبتها بأثارة الحساسيات الطائفية والمذهبية ،متناسين ان سيطرة الأرهاب سيفقدهم العراق بكل اطيافه ومذاهبه ، كما وجد من ينظر : بأن مواجهة الأرهاب سيؤدي بالعراق الى فقدان التأييد الدولي ويظهره كمن يستخدم الجيوش ضد شعبه ومدنه ولكن لو راجعنا دول العالم الكبرى لوجدنا انها تحمي حدودها وتشدد الأجراءات في مطاراتها ولاتسمح لمن هب ودب بدخول بلدانها بدون ضوابط مشددة ومراقبه .
لقد كان الفتور الذي تستشعره عامة الناس من الحكومة وعدم وجود رد حازم على الأرهاب ومنابعه ومموليه ومشجعيه ،كان مثلبة ووصمة في جبين الحكومة التي تظهر غير مبالية ،وكالكسول الذي استمر بالخمول والنوم حتى وصل نار الحريق الى رجليه فنهض بقوة محاولا ً اطفاء ما يمكنه اطفاءه ،ولكنه وجد ان الحريق قد انتشر وتوسع الى الحد الغير قادر على اطفاءه والسيطرة عليه بمفرده ،ولكن كان من السهل معالجته واخماده لو انه بادر مبكرا ً الى ذلك ،هكذا كان رد الحكومة على داعش ومثيلاتها التي تتسابق اليوم لدك مواطئ اقدامها على الأرض العراقية بما يتوفر لها من دعم خارجي معروف المصادر و لم تبادر الحكومة الى كشفها بصورة جلية بل اكتفت بتصريحات خجولة من بعض مسؤوليها ، كما ان هناك تقصيرا ً بأجتثاث العناصرالضعيفة النفوس في الداخل العراقي التي تتآمر مع الأرهابيين ، فأصبح الحسم بعيدا ً ، وبدأنا نسمع تنظيرات الحرب التي سئمها العراقيون وبدأنا نرى ابناء الجنوب يتساقطون وابناء الرمادي من ديارهم ينزحون ، ويا ما حذرنا وبوقت مبكر من ان العراق مهيأ لأن يكون سوريا ثانية ولكن أسمعت لو ناديت حيا ،مع ان الأمر من الوضوح لم يكن ليحتاج الى خبراء لأستشفافه ،وان ما حصل اليوم كان واضحا ً منذ وقت مبكر ،ولسنا نشكك في قدرات كفاءاتنا العسكرية فالعراق يفرخ الكفاءات تفريخا ً ويوزعها على دول الأرض ،ولكن الذي يبدو ان لم يكن هناك من يسمعهم ويستجيب الى افكارهم .
الفلوجة مفترق طرق :
الفلوجة من مدن العراق العزيزة ، وهي تزداد أهمية بعد تسلل عناصر الأرهاب اليها وتمكنهم من السيطرة على مقاليد الأمور فيها ، مما اضطر أغلب عوائلها الى النزوح بأتجاه المحافظات القريبة ، ولم يتمكن المقاتلون المتطوعون من الأهالي من طرد الدخلاء لتجنيب المدينة هجوم الجيش ،كما ان هناك جهات تزيد من حساسية الأوضاع بأتجاه تأزيم الأوضاع بحجة ان وجود الجيش داخل المدينة فيه منقصة ونيل من كرامة اهلها ولكنهم لايقولون لنا كيف يمكن تحريرها بدون قوات الجيش الذي ان قاتل فهو يقاتل دفاعا ً عن الفلوجة واهلها وعن كرامتها التي دنست بدخول عناصر الأرهاب الدخيلة ،ومع قرب الأنتخابات القادمة فهي كما يبدو أصبحت غصة في حلق المسؤولين الذين يستعدون لخوض غمار الأنتخابات البرلمانية حيث ان مهاجمتها بالجيش قد يأتي بنتائج شعبية سلبية بسبب التدمير الذي قد يلحق بالمدنيين ، كما ان بقاء الفلوجة تحت سيطرة داعش سيلحق بالسياسيين الحاليين هزيمة انتخابية كارثية لاتقتصر على الأنبار بل تشمل عموم العراق لأن التقصير الذي يحصل شمال أو غرب العراق يستشعره ابن الجنوب بنفس الدرجة ويعتبره خطرا ً متوسعا ً سيصل اليه ان عاجلا ً ام آجلا ً .

Share |