عقبات جنيف2/ناصرعمران الموسوي
Sun, 2 Feb 2014 الساعة : 1:08

قض مضجع سكون مدينة (مونترو ) السويسرية أو لؤلؤة الألب كما يحلو للبعض تسميتها ، أصوات الخطب الضاج والمتقاطعة ، التي منح الإيذان بها ،السيد (بان كي مون ) الأمين العام للمنظمة الدولية للأمم المتحدة ،
متوخيا ً الوصول إلى حل شامل للأزمة السورية التي تتقيأ أدران الربيع الدموي ،ففي الوقت الذي تتقاطع فيه كلمات وزير خارجية الأمريكية (كيري ) بكلمات وزير الخارجية السوري (وليد المعلم ) ،كانت حلب تزداد احتراقا ً ومثلها ادلب وحمص وانفجار سيارة مفخخة في حماة اما نصيب ريف دمشق فكان قذائف الهاون والحديث يشمل الرقة و القابون وغيرها من مدن سوريا،وكلما ازداد جريان الدم السوري تعالت أصوات (الله أكبر ) فالتقاتل بين داعش وفصائل المعارضة المسلحة يطيح يوميا ً بالمئات ،واختلط الداخل السوري المزدحم بالهويات الغريبة فلم تبق هوية لدولة لم تسجل حضورا في سوريا ، كل ذلك ،و (الجربا) رئيس وفد المعارضة يتغنى بتفويض ثوري ،على أنغام وزير الخارجية التركي أوغلو ونظيره السعودي ا لفيصل .
لقد كانت السمة الأبرز لكلمات الوفود المشاركة هي حدة التقاطعات والجدران التي اقيمت بينهما ، فالوفد السوري يحمل أولويات محاربة الإرهاب ووقف نزيف الدم والوصول إلى حل سياسي يشارك فيه الجميع مع الاحتفاظ بهيكلية الدولة السورية والتعويل على صناديق الانتخاب باستفتاء شعبي على المشتركات التي يتم التوصل إليها ، يساندها الموقف الروسي الذي شكل حضوره تغييرا ً استراتيجيا ً في السياسة الدولية والعودة من جديد إلى نظام المحاور الثنائية بعد أن استبدت الولايات المتحدة طويلا ً بالقرار الدولي ، في حين يرى الوفد المعارض بان جنيف 2 هو استكمال لجنيف 1 الذي يعني لدى المعارضة تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات لها اليد الطولي في البلد ،لا يكون للرئيس السوري بشار الأسد أي دور فيها ،وهو ذات التفسير الأمريكي والفرنسي ويعمل عليه الأتراك والسعوديون . إن التقاطع الحاد في تفسير جنيف 1 والذي يختلف رعاته الروس والأمريكيون ،في تفسيره هو أولى عقبات الحوار الذي سيديره الإبراهيمي الموفد الاممي لسوريا ،وإذا ما اتفق الأطراف على تشكيل حكومة انتقالية تخرج البلد من أزمته وتوقف نزيف الدم ،فان صلاحيات هذه الحكومة ستكون أهم تلك العقبات ،فالمعارضة تؤكد على تنحي الرئيس الأسد في حين يرى الوفد السوري غير ذلك ،واذا ما كان هناك أي اتفاق فسيكون موسوما ً باستفتاء شعبي ، كما أن وفد الحكومة في جعبته الكثير من المسائل التي ستطرح في حوار ،لعل أهمها تعدد المعارضة ونسبة تمثيلها وواقعها في الداخل السوري وضمانات الاتفاق المشترك وانعكاسه ،وبخاصة أن المعارضة المسلحة والجماعات المتقاتلة والتي لها حصة الأسد على الأرض السورية لها مرجعيات لا تؤمن باتفاق جنيف ، بالإضافة إلى رؤى المعارضة الأخرى التي لم يتم دعوتها لجنيف وأهمها الطرف المعارض الكردي والذي يدير المناطق المحررة إدارة ذاتية والتي سيطر عليها بعد قتال عنيف مع المجموعات المسلحة التكفيرية .ومعارضة الداخل التي تراقب ما سيتمخض عنه جنيف وهي لا تعترف بالائتلاف ممثلا للمعارضة وتعتبره أداة صنعتها الولايات المتحدة وتركيا وقطر .
إن الانقسام الحاد في المعارضة سيجعل المشتركات في حالة التوصل إليها هشة وغير مدعومة بإجماع وطني ،وان كانت ستحظى بدعم دولي .
يضاف إلى ذلك إن الدول التي تدعم الإرهاب في سوريا وبخاصة المجاميع القاعدية التي تؤمن بعقيدة المملكة الوهابية ،أحرقت كل أوراقها وهي لا ترى في اتفاق جنيف الا تسليما ً للسلطة ورحيل الرئيس الأسد ،ولا تقبل بأي تسوية خلاف ذلك ،وقد بدا ذلك واضحا ً بالنسبة للموقف السعودي ،التي تصر على الحضور المسلح والتقاتل إلى الآخر ،أما الوفد الحكومي فان التأثير الروسي والإيراني سيكون لهما حضورا واضحا ً في أي خيار واتفاق على المشتركات ،إن الضغط المشترك للروس والأمريكان سيكون عديم الفائدة إن لم يستند أللاتفاق المبرم على رؤية مشتركة في تفسير جنيف 1 ،وهو أمر بدا واضحا ً في رؤية كيري و لافروف الذي يبدو أنهما عقدا العزم على التوصل إلى حلول للازمة السورية وقد صار الجميع مقتنعا بها وبخاصة أن الإرهاب يضرب بقوة ولم يستثني أحدا ً،والسؤال هل ان جنيف 2 سيتمخض عن حل مشترك للازمة السورية ويتجاوز العقبات التي تواجهه ويحقق نجاحا ً لمساعي المجتمع الدولي أم أن جنيف 2 سيتناسل عن جنيف آخر بانتظار حل مشترك أو متغيرات جديدة ، يخبأها القادم للشعب السوري...؟