مسمار جحا وبؤر الحلاف/المحامي يوسف علي خان
Fri, 31 Jan 2014 الساعة : 12:46

عندما انتهت الحرب العالمية الاولى قام الحلفاء بوضع بؤر خلاف في كل دولة من الدول العربية التي انسلخت عن الدولة العثمانية فانتزعوا الاسكندرونة من سوريا باستفتاء مفتعل وانتزعوا الكويت من العراق ومنحوا عربستان (( المحمرة )) الى ايران وانتزعوا عدن من اليمن وبقيت تحت الحكم البريطاني ثم فصلوا حضرموت عن بقية اجزاء اليمن ثم اشعلوا الفتنة في ضفار في ُعمان ثم اثاروا مشكلة الحجاز ونصبوا الملك حسين عليها بينما نصبوا الملك سعود على بقية اجزاء الجزيرة العربية واشعلوا الفتنة بينهما وسلموا مقاليد فلسطين الى الاسرائيليين بموجب وعد بلفور ثم حاولوا تقسيمها الى جزئين كي يخلقوا الصراع بين العرب واليهود فقد عمد الغرب ان يخلق في كل بلد عربي بؤرة نزاع حتى في العراق فقد خلقوا مشكلة ولاية الموصل في شمال العراق التي يسكنها العرب والاكراد واشعلوا الفتنة بينهما التي لا زالت اثارها قائمة حتى الان .. . فقد ارادوا ان يخلقوا بؤر خلاف في كل مناطق العالم التي استطاعوا السيطرة عليها بعد الحرب كي يديموا الفوضى وينهكوا شعوبها بصراعات داخلية دائمة فوضعوا مسمار جحا في المناطق العربية خاصة لما تحتويه هذه المنطقة من موارد طبيعية خاصة بعد اكتشاف النفط ولا بعاد المخاطر التي اطلقوا عليه بالارهاب عن بلدانهم واراضيهم ويجعلوها مستمرة لا تتوقف على الاطلاق في مناطق العالم الثالث خاصة في العالم العربي .... فنظرية الجيل الرابع للحروب في الحقيقة ليست وليدة العصر الحاضر بل هي سياسة بريطانية قديمة مارستها في جميع الاراضي التي سيطرت عليها ثم تبنتها بعد ضمور نفوذها الادارة الامريكية واطلقت عليها الجيل الرابع من الحروب خاصة بعد ظهور الاتحاد السوفييتي كقطب ثان في العالم بعد الحرب العالمية الثانية ووقوفه في مواجهة الولايات المتحدة إذ وقف متصديا ومتحديا للقوى الغربية وامتلك القنبلة النووية التي اكسبته دعما حقيقيا في مواجهة الامبريالية الغربية وتفوقا عسكريا جعل الغرب يعيد حساباته ومخططاته في اسلوب تعامله مع دول العالم والتوقف عن اسلوب التهديد بالقوة العسكرية الذي لم يعد يجدي نفعا ... فقررت ان تجعل من مسمار جحا العامل الفعال في اثارة القلاقل في معظم دول العالم التي تمكنت ان تصل اليها اذرعها الخبيثة وجعلت منه السببية لا سقاط الانظمة بل واسقاط الدول عندما تستطيع ذلك... وتطبيق نظرية الاناركية عن طريق اعوانها الذين دربتهم في معاهدها ونشرتهم في كل اجزاء الوطن العربي فهي لا تريد ان تبقي دول متجانسة وموحدة قائمة على مؤسسات رصينة وثابتة تحكمها حكومات وطنية قوية تطبق قبضتها على مقاليد الامور بقوة وانضباط تام داخل حدودها... بل هي تعمل على العكس بالاتيان بحكومات ضعيفة هزيلة فاشلة غير قادرة على السيطرة تَغرَق في معمعة الصراعات والحزازات الطائفية والعرقية والفئوية والحزبية تتخبط من خلالها بفوضى عارمة تسيطر فيها المليشيات المسلحة غالبا ما تكون هي من تجند العديد منها وتطلقها كالكلاب المسعورة كي تعيث في البلاد وتنشر فيه الرعب والخوف والارهاب وترتكب الجرائم وتنشر الخراب والدمار وخلق الازمات وهو ما يجري في معظم البلدان العربية دون أي استثناء حتى التي تبدو في ظاهر حالها مستقرة.... غير ان في داخل مجتمعاتها اتون ثورات خفية تثور فترة وتخمد في فترات تنتظر دورها هي الاخرى لكي تسطف الى جوار شقيقاتها من الدول المحطمة والتي نخرتها الثورات والازمات... وكما هي الحال في السعودية او في البحرين والمغرب والجزائر والكويت .. فالباحث في بواطن الامور يمكنه ان يكتشف ان هذه الدول مرشحة للثوران وسوف ياتي دورها لا محال فهي في داخلها مراجل تغلي يزداد يوما بعد يوم الضغط فيها.... ولا بد ان ياتي يوم ينفجر ويحدث فيها ماحدث لشقيقاتها من الدول التي سبقتها ... فكل عوامل الاشتعال متوفرة وفاعلة فيها وليست بحاجة سوى الى قدحة شرار .... والعملاء جاهزون بامرة المشرفين الذين دستهم الامبريالية داخل صفوف تلك الدول من خلال العديد من المنظمات فمسمار جحا قد ثبت في جميع جدران تلك البلدان لكي يكون السببية باشعال الفتن وقيام الثورات وتطبيق التروتسكية باجلى صورها .. وقد وجد الغرب خلال العشر سنوات الاخيرة وخاصة بعد احداث سبتمبر المشكوك في حقيقة احداثها هل كانت نتيجة اعمال ارهابية ارتكبتها بعض الفصائل الاسلامية المتشددة كما اشيع عنها ام هي صنيعة الاجهزة الامريكية ذاتها والصقتها بالتيارات الدينية لمصالح واهداف امريكية خفية .. او كما يعتقد البعض بانها بتحريض من الاوساط السعودية نفسها انتقاما من الادارة الامريكية التي صادرت الاموال السعودية المستثمرة في الولايات المتحدة او المودعة فيها والبالغة 750 مليار دولار ومهما يكن السبب الحقيقي ... فان الغرب اثار كل هذه الفوضى في المنطقة العربية من اجل احتلالها والسيطرة عليها بشتى الحجج والذرائع ..فقدجهزت لها بريطانيا منذ عصر النهضة الصناعية الحديثة فبحثت لها عن عملاء تزرعهم في قلب الوطن العربي لكي تسلطهم على رقاب شعوبهم بموجب صفقات عقدتها معهم فنصبت بعض الملوك والرءساء في تلك الدول التي انسلخت عن الدولة العثمانية ووضعت الى جوار كل رئيس من هؤلاء احد عملائها الانكليز مثل لورنس في السعودية واللمبي في فلسطين وكلوب باشا في شرق الاردن ونوري السعيد في العراق الذي تعهد بخدمة المصالح البريطانية بشكل تام واستمر جميع هؤلاء يقدمون الخدمات الى الحكومات البريطانية المتعاقبة حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية حيث ظهرت الولايات المتحدة كقوة عظمى بديلا عن الامبراطورية البريطانية التي اضمحلت سطوتها وانتقلت الامور بيد الادارة الامريكية .. وبهذا فقد حولت جميع دول المنطقة ولائها من بريطانيا الى الولايات المتحدة الامريكية خاصة بعد تواجد شركات النفط الامريكية فيها غير ان نوري السعيد استمر بولائه الى سيدته الاولى بريطانيا حتى منتصف الخمسينات وبعد ان جاوز السبعين من عمره حاول ان يحسن صورته امام الراي العام العراقي فاصدر قراره برفع حصة العراق من النفط الى 51 % واجبر الشركات البريطانية على قبول الامر الواقع ...مما اثار سخط بريطانيا كما طالبت السعودية باعادة اموالها المستثمرة في امريكا وطالبت الحكومة اليمنية بعودة عدن الى احضانها وتمردت مصر بزعامة عبد الناصر على الغرب مستقويا بالاتحاد السوفييتي ... كل هذه الامور جعلت الغرب يفكر بالتخلي عن الزعامات الفردية التي حاولت بعدة مواقف التمرد على اسيادها فبحثت عن البديل الفردي الى بديل جماعي ليس باستطاعته اتخاذ مواقف حاسمة... فاتجهت الى تنظيمات المجتمع المدني فهي لا تعتمد على ارادة واحدة يمكنها ان تنفرد بالقرار... وبهذا يسهل قيادتها والسيطرة عليها ببعض الاموال التي تضخ لها ... فتوجهت الى التنظيمات الدينية التي سبق ان ساعدتها ماديا عند نشوءها في العشرينات من القرن الماضي ووجدتها خير بديل يمكن الاعتماد عليه اضافة للتنظيمات التي بدأت تنشاها في مطابخ مؤسساتها التجسسية المتنوعة لانتاج مجاميع لبرالية علمانية موالية للغرب... فتقوم بالدفاع عن مصالحها المتمثلة بمسمار جحا الذي تدقه في جدران كل دولة عربية لتجعله السببية المناسبة للتدخل في شؤون هذه الدول....فتحقق تطبيق حروب الجيل الرابع باعلى مستوياتها !!!