سوريا والعراق ..التقسيم أو المواجهة /سمير القريشي

Fri, 31 Jan 2014 الساعة : 0:20

في المؤتمر الصحفي الأخير للمبعوث ألأممي لسوريا الأخضر الأبراهمي والذي يقوم بدور الراعي المباشر للمباحثات بين النظام والمعارضة السورية في جنيف .. قال ما نصه .. حين توجهت إلى المعارضة السورية بسؤال عن الضمانات التي تقدمها المعارضة للحافظ على وحدة سوريا في حال رحل الأسد ...لم تقدم المعارضة أي جواب ...!!!
السيد الأخضر الابراهمي شخصية سياسية من الطراز الهادئ ويتمتع بطول نفس وحنكة يستطيع من خلالها أن يضع أطراف المباحثات إمام وقائع وحقائق لا يمكن التغاضي عنها ,وربما يكون السيد الابراهيمي قد تعمد الإفصاح عن نوايا المعارضة السورية وأهدافها وطموحاتها بشكل مبطن خوفا من انهيار المباحثات ... بطبيعة الحال لا احد من المعارضة ومن يقف خلفها يستطيع البوح بتقسيم سوريا لكنهم يستطيعون جر المواقف والتطورات أليه ...
ولقراءة مستقبل سوريا في ضوء التطورات السياسية والعسكرية الحاصلة على الأرض .وفي ضوء التقاطع الدولي والإقليمي الكبير حولها ..ليس من المستعبد أن يكون تقسيم سوريا الورقة التي ستكون الملاذ الأخير لحل هذه القضية الشائكة .آو على الأقل من اليسر القول بوجود قوى إقليمية تدفع بهذا الاتجاه المرعب..
أن تقسيم سوريا يعني أنشاء دولة سنية في المحافظات السورية التي تحاذي حدود العراق الغربية والذي تقطنه الغالبية السنية .. وبالتالي فان تقسيم العراق بأي عنوان كان سيكون حاصل تحصيل .. فتقسيم العراق لا يحتاج إلى إعلان حرب على اعتبار الفدرالية احد أهم بنود الدستور العراقي والذي كفل حرية أنشاء الإقليم في حال تم التصويت عليها داخل مجالس المحافظات المؤتلفة وحضي بنسبة تصويت شعبي بأكثر من ثلثي عدد الأصوات داخل هذه المحافظات التي تريد إنشاء الإقليم ..هذا في الظروف الطبيعية فما بالك والمنطقة الغربية تتوفر فيها كل عوامل أنشاء الإقليم من طائفية وأمنية وغير ذلك ؟؟
.ومن اجل ذلك فمستقبل القضية السورية مرتبط بطريقة أو بأخرى بمستقبل العراق..
على كل حال ..لا نريد التطرق إلى مستقبل سوريا والعراق في حال مضى مشروع التقسيم قدما .ولا نريد التعرض إلى المتغيرات التي يمكن أن تحدثها هزه بهذا المستوى المزلزل.. ولا نريد التعرض إلى المستفيد الأول من التقسيم ضمن لعبة صراع القوى الإقليمية الكبرى في المنطقة ..لكن لا بد من تسليط الضوء على موقف الدول الكبرى من قرار التقسيم ومع من تقف في هذه المعركة هذا أولا ,والآمر الثاني كيف يمكن الوقوف بوجه هذا المخطط الطائفي الكبير ؟؟
الدول الكبرى وتحديدا روسيا والولايات المتحدة وكما يقول الابراهمي جادة في الوصول إلى حل للقضية السورية سياسيا بعيدا عن التقسيم ومتفقة إلى درجة كبيرة بوضع مقاتلة الإرهاب في سوريا كأولوية في المباحثات الدائرة في جنيف ..واعتقد أن السيد الابراهمي كان واضحا في البوح بنية الدول الكبرى في القضاء على الإرهاب, وربما تقع صفقة السلاح الأخيرة والتي وافق فيها الكونغرس الأمريكي على تزويد العراق بطائرات متطورة ضمن مساعي الولايات المتحدة في هذا الشأن ..أما موقف روسيا فهو موقف واضح لا يحتاج إلى تفصيل ..وإذا ما صحت هذه المعادلة ..فأنها تعني أن القوى الإقليمية هي اللاعب الأقوى في تحديد مستقبل سوريا والعراق وبالتحديد السعودية وقطر وتركيا ..هذه الدول وان اختلفت في التعاطي مع الملفات الإقليمية لكنها متفقة على أنشاء وطن طائفي للأقلية السنية داخل الحزام الأزرق أو الهلال الشيعي..
وإذا تقدمنا خطوة واحدة في تقليب الخيارات التي تقدمها السعودية لحل القضية السورية فأننا سنجد أنها لا تقبل بأقل من تنحي بشار الأسد ( وهو ضمان الوحدة السورية بشهادة الابراهيمي ) أو بإنشاء ممرات آمنة وهي الأخرى عبارة عن إعلان أولي للدولة السورية السنية مقابل الدولة العلوية والدولة الكردية وربما سبق الكرد قراءة تطورات الساحة فعلنوا قبل أيام قليلة عن مناطق تدار من قبلهم عبر حكم ذاتي ..ومن هنا فالخيار الوحيد أمام القوى الكبرى أذا ما أرادت أن تحل القضية السورية وتجنيب العراق التقسيم أن تمارس ضغوط هائلة وكبيرة حتى أذا كان ضمن هذا الضغوط استخدام القوة لثني السعودية عن مشروعها الشيطاني الكبير وهذا ما صرح به الرئيس الروسي قبل أسابيع .. فهو وان قصد ردع السعودية عن التدخل في روسيا لكنه يمكن أن يكون تصريح أراد منه إيقاف مساعي السعودية في المنطقة ...بمناسبة الحديث عن السعودية لا بد من القول أن سعيها إلى تعقيد مساعي الحل في سوريا ودعمها الكبير والغير محدود للجماعات الإرهابية لا يقع ضمن نطاق تمددها المذهبي وتحديد المذاهب الأخرى أو من اجل السيطرة على أنظمة محلية في الإقليم في أطار سياستها التوسعية بل لأنها في سعيها هذا تريد الحافظ على وحدتها الترابية والسياسية والتي تعرضت وتتعرض إلى هزات دخليه عنيفة..
أما بخصوص موقف العراق وسوريا فلا خيار لهما سوى خيار المواجهة والتصدي لهذا المشروع بكل السبل المتاحة والنزول إلى معركة الجماعات الإرهابية بقوة وحزم أكثر..فخيار المواجهة هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحدد سعي محور الشر الإقليمي الطامح إلى تقسيم العراق وسوريا ..
لقد دعا بعض صناع السياسية السورية في خضم الصراع على أرضهم إلى وحدة بين العراق وسوريا لكن هذه الدعوة لم تلقى آذان صاغية من قبل احد في العراق لأسباب لا تخفى على احد.. لكن في هذه الظروف الصعبة لا بد من توحيد المواقف السياسية والأمنية والعسكرية بشكل عالي للخروج من نفق المؤامرة الإقليمية التي تريد تدمير المنطقة وتفتيتها ..
سمير القريشي

Share |