في العراق إرهاب من الجهات الأربع/حسين شلوشي
Thu, 30 Jan 2014 الساعة : 23:52

عسى ان تكون هذه نهايات المخاضات او سلسلة تطورها في العراق، وعسى ان تكون هي الافرازات الكبرى للممارسات التجريبية للديمقراطية، وعسى ان تكون هي الاستعدادات للانطلاق بحلول كبرى بعد هذا العرض الكبير للمشكلات والاخطاء المغمّسة بالموت والدماء والحرمان، عسى ان تكون هي الدرس الاكبر في تاريخ العراق، وعسى ان لا يقول العراق كما باهيتا في عزازيل ( كأني لا أعرفني ) من فرط التشتت والتشظي لأوصال البلد، وعسى ان تنتهي مأساة يوم القيامة في العراق، فتسلخ الجلود مرة واحدة
(( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها )). عسى ان تكون اخر " غيرها " في فن التجريب السياسي والاجتماعي والتخبط في العراق.
عسى أن يسد الانسان في العراق كامل ضعفه بعنوان المحبة أولاً ودائماً.
قد يهيمن على المشهد العراقي اليومي موضوع الانبار ومجاميع داعش وحاشا وماشا وحاشر وداعس ومسميات القتل المدوّرة في اباريق الاجرام والرذيلة وهي تفتك بأهل العراق من أقصاه الى أقصاه بنسب متفاوتة، وقد تتركز مأساته في ميدان الانبار حالياً، ولكن هذا المشهد ليس هو مشهد الارهاب والجريمة الوحيد في العراق، بل انه المشهد " البدائي " الاخير وبسبب عمق سوءته فانه مدان ويهاجمه الجميع، حتى الذين يغذونه وان واسوء ما فيه " التندر السياسي " او فن المناكفة ليكون بديلاً عن الحلول الحقيقية، وليس واضحاً في كثرة المبادرات التي انطلقت في الانبار ان كانت تحمل حلولاً او روحاً وطنية ومصلحة شعبية خارج اطار الصراع السياسي بين الاحزاب والكتل، كذلك ليس مفهوماً في هذه المبادرات والذين يضعوها التبرع بامكانات البلد والدولة لهذا الفرد ( المواطن ) من الطائفة ( س ) على حساب مواطن من الطائفة
( ص )، فأحداث الانبار التي تجري هذه الايام حدثت شبيهاتها واكثر منها دمويةً وقتلاً وتهجيراً وترويعاً وحرماناً وتنكيلاً، كما هو الحال في طوزخرماتو وتلعفر والشبك والدجيل وديالي، فضلاً عن تدمير مدينة البصرة وأحيائها السكنية ومدينة الصدر في عام ۲۰۰۸ ومدينة الصدر ۲۰۱۳ ومدينة الصدر ۲۰۰٦ ومدينة الصدر ۲۰۰٤ وان الضحايا في هذه المدن اكبر بعشرات المرات عما يحصل لاخوانهم في الانبار والفلوجة، وان عرض هذه المقارنة ليس بقصد حرمان الانبار من تخصيصات معينة ومبادرات بناء، ولكن حتى نفهم ان هذه المبادرات هي صراع سياسي "وليس حلولاً"، واذا اعتقد الذين يطرحونها بأنها تمثل حلاً فليجازفوا سياسياً ويترشحوا للانتخابات في محافظة الانبار دون غيرها، او يتحملوا وزر التفرقة بين المواطنين العراقيين من الجنوب الى الغرب والشمال والشرق، لان الجميع هذا اليوم مشكلتهم واحدة ومعاناتهم واحدة ايضاً، وما تقوم به الاحزاب هو ارهاباً سياسياً ثقافياً مضافاً وبديله الناجع هو طرح المشاريع الاصيلة غير الممغرضة بالسياسة، وتكون بجهد الاحزاب ونتاجهم لتشكل منقبة تجذر لهذا الحزب او ذاك، وهؤلاء لديهم فرص كبيرة في البلد لانه مفككاً تماماً ويحتاج الكثير، فلماذا الانزواء في دائرة الصراع، واذا كان في الانبار اجراماً وحواضن للاجرام، فهناك ثروة عراقية لكل العراقيين تبدد في الشمال في كردستان فلماذا يسكت اهل المبادرات عن هذه السرقات المحلية الدولية وهي تمثل جزءاً كبيراً ونوعاً اخر من انواع الفساد المستشري في البلد، وتثار او يمرر موضوع تصدير نفط الشمال في خضم حملة امنية محلية اقليمية دولية على القاعدة وافراخها، ألا يمثل هذا ارهاباً من نوع آخر، أليس السكوت عنه يعني شراكة في الارهاب! وان موضوع النفط ليس هو الوحيد لمن يريد ان يقدم مبادرات او حلولاً للبلد، فهناك ضحايا الارهاب غير المنضورة من النساء والاطفال، واقصد هنا النساء اللواتي تزوجن من عرب او عراقيين من القاعدة وغيرها وتتشكل منهن اليوم بيئة اخرى وربما جيل من الاجرام والرذيلة والفساد في العشوائيات والطرقات، ونرى ان تلك المآسي الاجتماعية ومن قبلها الاقتصادية ويسبقها الاجرام هي سلة معاناة للعراقيين وهي مسئولية الجميع في خطوط مستقيمة على خارطة البلد وليست بزوايا مدورة.