تجاذبات السلطة التشريعية هل كانت أدارية ام سياسية – قراءة وتحليل ؟! -هيثم محسن الجاسم

Sat, 13 Aug 2011 الساعة : 12:18

متابعة وتحليل بقلم هيثم محسن الجاسم  
القاء نظرة خاطفة على مضمون الصراع الجاري في رئاسة مجلس محافظة ذي قار لايبلور أجوبة تلتقي عند منعطف واحد في مسيرة عمل مجلس المحافظة خلال دوراته التشريعية المتتالية . بل ارهاصات تتمحور حول تجاذب موضعي متراكم زمنيا انفجر عند اول اصطدام لفرض القوة تجسد بالخروج على الصلاحيات القابضة على خناق كل عضو ممثل في المجلس بدا من راس الهرم وانتهاءا باخر عضو في لجنة لاتصلح الا للايفاد والسفر . خروجا متاحا للعب مع المرؤوسين في الدولة ولكن مقيد داخليا ممثلا  بتجريد وتحديد صلاحية الهيئة الرئاسية .
هنا اختلاف الفرقاء وان اتفقوا بالرغم من ان جمعهم ينطلق من ايدلوجية واحدة نحو غاية واحدة . لكنه اختلاف العائدون من الحرب على الغنائم   في ظل غياب دور القوى الديمقراطية الشركاء بالعملية السياسية التي تتبنى رؤى وافكار جديدة متاثرة بالمناخ العالمي الشامل وخطابات القوى العظمى المهيمنة على الساحة العالمية .
وامتلا الفراغ بلون الواحد لايتلائم مع طبيعة الشعب العراقي الشمولية التي  تتاثر بكل جديد لاجنوحا نحو ضفاف اكثر امانا بل لان جوهر تكوينه عبارة عن بوتقة تصهر فيها كل اشكال وانواع الفكر الانساني لتشكل بنى جديدة لتنطلق من جديد الى عالم اعتاد التلقي من  بلاد الرافدين لتمنحه اسباب الحياة المتجددة في ظل رؤى ليست بالعقيمة  تجعل الامة مخدرة وراقدة في سبات الابدية .
ربما اخذنا البوح بعيدا للغور في لباب المشكلة التي يعيشها الشعب العراقي . او ذهبنا الى اصل المشكلة وهي جوهر الصراع السياسي اليوم .
تصدع راس الهرم في رئاسة مجلس ذي قار الذي هل يمكن اعتباره نموذجا مصغرا  للصراع السياسي العام .
احد المرافيبن للتصعيد الاخير كان الدكتور وليد الزركاني الذي حذر في تصريح له للاعلام  " وان البلاد بأسرها تمر في ظرف سياسي غير مستقر على الصعيدين الداخلي والخارجي ". وهذا المقطع من تحذيره  ينم عن فهم واضح لجوهر الصراع القائم . ولكن قراءته كانت عن نظرة بعيدة لتنصح الاطراف المتصارعة بجمع القوى على هدف اسمى وعدم تضييع الجهود في قضايا كما قال " إن الدعوات الأخيرة  للاقالة  يجب ان تكون مبنية على  أسس واقعية ومهنية وحقيقية ، لا ان تنطلق من خلافات شخصية وحزبية ".
وحذر الزركاني من أي حراك سياسي يمس كبار المسؤولين في المحافظة في الوقت الراهن لان ذلك قد يؤدي إلى نوع من الإرباك ".
هذا التدخل جاء لتجنب اندلاع صراع لاتحمد عقباه يبدد طاقات الحكومة والشعب وياخذنا في متاهات خطرة .
المراقب الاخر الزميل الصحفي فاضل الخاقاني ينظر للمشكلة بجذورها التاريخية واصل الصراع وربما اطلق عليه بالخلاف الاداري ومساحة الصلاحيات المتاحة لكل منصب ولم يرجعه الى خلفيات سياسية كما جاء بذلك الدكتور الزركاني .
و اكد بان هناك صراع " مشكلة قديمة برئاسة المجلس وليس هناك مساع جادة لحلها ” .
وضرب مثلا بآثار الصراع الاداري كونه انعكس سلبا على ادارة المؤسسات الحكومية لتشظي الاوامر الصادرة والقرارات بقوله " انعكس سلبا على اداء المجلس حيث يصدر قرار وبمجرد سفر رئيس المجلس يصدر قرارجديد ضد القرارالاول مما يعطي تعليمات متضاربة للدوائر التي صارت بدوامة " .
 وهذه نقطة مخيبة لمؤسسات الدولة لان يصدر المجلس امرا ثم يعود لالغاءه او الخروج عليه فيما بعد .
اذن هناك وجهتي نظر لتحليل الصراع سياسية واخرى ادارية كما جاء على لسان المحللين من ابناء المحافظة .
لو عدنا الى الوراء لتقصي ظاهر الصراع الذي يتردد عبر وسائل  الاعلام لوجدنا ان نائب رئيس المجلس يرى بان هناك مخالفات ادارية " وجود ملفات فساد مالي وأداري  وشطبه كثير من المحررات الرسمية التي تهم مجلس المحافظة ودوائره، وتطاول على  اعضاء بالمجلس وضعف اداء المجلس . الامر الذي اثرعلى الخدمات التي تقدمها دوائر المحافظة للمواطنين."
بدا نائب رئيس المجلس مفاده بان هناك فساد ثم ضعف ادارة واثر سلبيا على خدمة الناخبين . وهذه المخالفات كبيرة بحق القانون اولا وحق الناس لو صحت وهي خطرة باثرها على المال العام وتقديم الخدمات لتحقيق العدالة .
بينما يرى رئيس المجلس ان نائبه قد خرج على قانون مجالس المحافظات الذي حدد المسؤوليات بتصريحه للاعلام  ” أخلال الأخير بالفقرات القانونية للنظام الداخلي للمجلس " دون ان يحدد نوع الخلل الذي ارتكبه نائبه ولكن اشار اليه .
اذن المشكلة بدلالاتها الواضحة ادارية ظاهريا ولم تصل حد الخلاف السياسي المبطن .
و لو صح وتدخل اطراف لحل الخلاف كما قال المحلل السياسي فاضل الخاقاني لقبرت المشكلة في حدودها الادارية ولم تتشظى الى خلاف سياسي قد يجرنا الى مخاطر جمة وهذا ماحذر منه الدكتور وليد الزركاني بنظرته البعيدة لنتائج الصراع مستقبلا لاسامح الله .
أعود الى مابدات به بعد تلك المشاركة من المحللين السياسيين لاحفر في جوهر الصراعات السياسية السائدة  في البلاد عامة وربما ذي قار تراقب او متأثرة بمناخه وتقلبات طقسه ولكن ليس لدرجة الصراع كون أطرافه هنا غير متكافئة أي ان الأحزاب الإسلامية تمسك بقبضة من حديد على الساحة بينما القوى الليبرالية والاشتراكية تحتضر ومخيبة لأمال جماهيرها وأكثرها من الفئة المطالبة بالتغيير المتأثر بالربيع العربي .
 لم يصل الصراع المحموم الى محافظة ذي قار كونها ذات طيف واحد وسائد يحتاج الى فهم اكبر للمصلحة العامة وحفظ الأمانة الملقاة على كاهل كل من تصدى للمسؤولية باعتبرها أمرا لايقبل التصرف  بمزاجية وشخصية .
وان موقع المسؤولية ذو حدين يسمح بإصدار وإلغاء أشياء قد تضر بالصالح العام او تنفعه .
وربما يدرك مجلس المحافظة ان عمله وجوهر أدائه ان يخدم الناس متطوعا بما ينسجم والمصلحة الوطنية والانسانية بلا تميز . عطائه لكل ابناء الشعب بمختلف توجهاتهم وتطلعاتهم بما يكفله الدستور ويضمنه القانون .  وكل عضو يجب ان لا يعمل لكتلته او منطقته او جماعته او لنفسه بل لله اولا ومن ثم لعامة العباد .

 

Share |