مديرة مدرستي التي أعطتني أول درس في الظلم/حمدان التميمي

Mon, 27 Jan 2014 الساعة : 0:34

يتردد كثيراً أن المدرسة يتعلم منها التلميذ أول حرف في تعليمه،ورغم أن لا خلاف في ذلك القول ولكن أحياناً تكون بعض المدارس ومعلميها مكان لتعليم طلابها لدروس أخرى بعضها غير حميد للأسف،ومن تجاربي المريرة في الحياة الصعبة التي مررنا بها في العراق لا زلت أشعر بمرارة أول ظلم تعرضت له بشكل قاسي وتعسفي وفيه تفرقة كذلك بيني وبين طلاب اخرين من قبل مديرة المدرسة وبعض المعلمات لأسباب غير دراسية أو تربوية أبداً أبداً!
تعود الحكاية الى النصف الأول من عقد الثمانينيات من القرن الماضي وفي مدينتي الأم "الناصرية" ،فعندما كنت في الصف الثالث الأبتدائي ووقتها كنت في مدرسة أبتدائية مختلطة تسمى "البتول"وهي بدوام مشترك مع نضيرتها "المتنزه" في مبنى صغير ومتواضع في حي المتنزه قرب دائرة أمن الشامية ومتوسطة الفاروق،كنت عندها أسكن في بيت عمي يرحمه الله وكان معي شقيقي الذي يكبرني بسنتين "توفي قبل سنوات"ويسبقني بسنة دراسية،ولكن حدث أن المدرسة تم نقلها لمبنى جديد قريب جداً لبيت عمي "لم يكتمل البناء بشكل كامل"وأصبح الدوام واحد فقط في الصباح لمدرستي وكذلك الحال للمدرسة الأخرى في مبناها القديم.
ولكن بعد كم أسبوع حدث ما لم يكن في الحسبان ،فقد قامت مديرة المدرسة وكان أسمها "بتول كذلك"بجمع عدد محدود من طلاب الصفوف الثلاث الأولى الصغار من الذكور وعلى عجالة أرسلتنا أثناء الدوام الرسمي ودون تبليغ أولياء أمورنا صوب مدرسة المتنزه ،وكانت الحجة أنها لا تريد ذكور مع البنات في مدرستها رغم أن الأكبر سناً منا وبعضهم راسب لسنوات ويتحدث البعض عن مغامرات جنسية لهم في المدرسة لم يشملهم الفصل الجنسي هذا!!
وأكملت يومي هذا في المتنزه بصعوبة وعدت للبيت وأنا حزين ومتضايق ،ولما علمت خالتي "أطال الله عمرها" بالأمر جن جنونها وقالت لا تحزن في الصباح سأذهب بك للمديرة وأجعلها تعيدك ،وبالفعل ذهبنا مبكراً لمدرستي السابقة وقابلنا المديرة فقالت لها خالتي أنني صغير السن وضعيف البنية ومعروف في المتنزه طلاب كبار وشرسين وفوق هذا وذاك أخبرتها أنها مؤتمنه علي وتريدني مع أخي في مدرسة واحدة،ولكن المديرة كانت جافة وجامدة في موقفها وكان الرفض هو القرار وحتى لم تتعاطف معي وقالت لخالتي بصلف "حجيه أنتي شلون تقبلين أخلي ولد وي البنات"؟؟
المهم ذهبنا صوب مدرسة المتنزه وأوصلتني خالتي"أمي الثانية"لحد باب الصف الدراسي وأوصت بي المعلمين وقالت لي بالحرف "أبني صير سبع ومن هسه أتعلم تصير رجال"وبالفعل أنتظمت في الدراسة في هذه المدرسة ،وما خفف عني الوحدة سيما وأن لا صديق لي أو جار فيها هو وجود أبناء عمي اللذين كانوا كذلك جيران لبيت عمي فكنت أذهب معهما للمدرسة وبعدها نلعب معهم أنا وأخي لساعات طوال ولم يفرقنا الا فصل الصيف حيث نذهب لبيتنا في البطحاء ،أستمر الحال سنتين أو ثلاث فقط وبعدها رحلنا من البطحاء لنستقر في الناصرية وأكملت الدراسة الأبتدائية في المتنزه لأنتقل للمتوسطة وكانت قريبة جداً منها وفيها قصص كثيرة لي ومع مديرها .
بقي فقط معلومة صغيرة حتى تعرفون مقدار الظلم الذي وقع علي وعلى كم زميل لي،ففي مدرستي الجديدة لم يذهب معنا ثاني يوم بعض التلاميذ من أصحاب الواسطات وأستمروا في المدرسة الأم ،وأتذكر منهم زميل الصبا صباح نوري نعمة أبن شقيق الفنان الكبير حسين نعمة الذي تندر عليه بعض الزملاء بقولهم "لازم جاب للمديرة كاسيت عمه الجديد"وللأمانة فقد كان صباح حزين على فراقي له وقال ما جبت واسطة ياخويه؟؟لم أراه بعدها ولم أعرف أراضيه للأبد ،كل الذي بقي في نفسي هو الظلم فقط والا المدرسة كانت معلماتها من أسوء ما عرفته من معلمين ومدرسين في حياتي!
حمدان التميمي
تكساس-الولايات المتحدة

Share |