خطاب الضمان الذي افتقدناه من زمان /المحامي يوسف علي خان
Sun, 26 Jan 2014 الساعة : 23:59

من المعروف والجاري قانونا ان يواكب كل مقاولة تعهد أو انشاء أي مشروع خدمي او عمراني تتعاقد عليه المؤسسات الحكومية مع الافراد او الشركات الوطنية أوالاجنبية أن تقدم هذه الجهات المتعاقدة المنفذة للمشاريع قبل البدء بالتنفيذ (((خطاب ضمان))) مصدق من قبل احد المصارف المعترف بها المعتبرة والرصينة تتعهد فيه بتسديد كل ما يترتب على المقاول من تبعات مالية نتيجة تخلفه او عجزه عن اداء مهمته بالوجه الاصولي الصحيح المثبت في حيثيات العقد المبرم بين الطرفين ... وهذا ما كان يجب ان يجري من قبل جميع الوزارات التي تعاقدت مع المئات من المقاولين والشركات منذ الاحتلال الامريكي في 9/4/2003 وحتى الان بغض النظر عن الاعذار المفتعلة والتشبث بالضروف السيئة التي مر بها العراق والمستمرة حتى الان حيث انها كانت على علم بها مسبقا وقبلت التعاقد في ضروفها والقيام بتنفيذها....... غير اننا قد وجدنا طيلة تلك الفترة تخلف معظم الشركات المتعاقدة بعد البدء بالمراحل الاولية للمشروع بل وفي بعض الاحيان قبل البدء به هروب اؤلائك المقاولون بالاموال التي يستلمونها وقد يكون بجميع مبالغ المقاولة المتعاقدين عليها الى خارج العراق والاحتفاظ بها لانفسهم والتي قد تقدر بعدة مليارات من الدولارات دون ان تتمكن الجهة الرسمية من ملا حقتهم واستعادة فلسا واحدا مما حصلوا عليه دون وجه حق .. مما يدل على ان الجهة الرسمية لم تكن قد احتفظت لديها بخطاب ضمان او صك مصدق من تلك الشركات المتعاقدة ولم تطالبهم به في الاساس ومنذ بدء التعاقد إما جهلا او تواطئا ما افقد الدولة كل تلك الاموال التي كانت قد رصدتها للقيام بالمشاريع الوطنية التي تكون البلاد بامس الحاجة لها فيتعذر على الدولة انجاز ما وعدت به شعوبها بسبب ذلك الاغفال من استحصال خطاب الضمان الذي يمكنها عن طريقه استرداد المبالغ المدفوعة من قبلها لذلك المقاول الهارب او المتخلف او العاجز وبذلك تكون الدولة قد اهدرت اموال الشعب وتخلفت عن انجاز ما وعدته به من مشاريع ... فالبحث في هذه المواضيع شائك ومعقد والولوج فيه قد يجرنا الى بحر من التسائلات والشكوك بعدم وجود مثل هذا الخطاب المهم وهو خطاب الضمان .. فهل كل ما جرى ناتج عن جهل باصول التعاقد والاتفاق مع المقاولين .. فان كان كذلك فكيف يوضع على راس المؤسسات الجهلة من الناس الذين لايعرفون كيف يديرون شؤون مؤسساتهم ويحافظون على المال العام وهم ليسوا اهلا لتلك المناصب في الوقت الذي يزخر العراق بمئات من الكفاءات التي يكون بامكانها ادارة شؤون البلاد وعارفة بشكل موثوق بقضايا التعاقد وانجاز المشاريع والتي سبق لها في عهود سابقة ان انجزت عشرات المشاريع دون هدر فلس واحد واكمال المشاريع بالوجه الصحيح .. حيث كانت تتاكد من تقديم المقاولين خطابات الضمان قبل التعاقد معهم والبدء بتنفيذ المشاريع ..وتعيين مهندس مقيم في كل مشروع للاشراف على تنفيذ ه ومراقبة سير العمل فيه وفق المواصفات وتقديم التقارير قبل البدء بتسليم اية دفعة من السلف المعتادة وبشكل تدريجي دون تسليم كل المبالغ قبل البدء بتنفيذ المشاريع كما يفعل العديد من المسؤولين جهلا او تواطئا في الوقت الحاضر .. كما كنا نشاهد العديد من الاستقطاعات التي كانت تستحصلها المؤسسة الحكومية المتعاقدة من قبل المقاولين الذين يتاخرون عن اكمال المشروع او يتلكأون به إذ تستقطع الغرامات التاخيرية من خطاب الضمان الذي تحتفظ به الجهة الحكومية المتعاقدة وعن طريق المصرف الملتزم والمتعهد بالدفع وبهذا لم يكن باستطاعة أي مقاول المراوغة او الزوغان فالغرامات التاخيرية تلاحقه بشكل دائم والتي تكسر الظهر وتجعله يثابر من اجل اكمال المشروع في موعده المحدد وربما قبل ذلك بكثير.... كما لم يكن بمقدور المسؤولين التعاقد مع المقاولين والاتفاق معهم بالخفية على اضعاف قيمة المشروع الحقيقية والتقاسم بما يزيد عن الكلف الحقيقية فيما بينهم كما جرى بعد احتلال العراق... فهدرت عن هذا الغش الخفي مليارات الدولارات دخلت جيوب بعض المسؤولين والمقاولين الذين تعاقدوا معهم .... والحديث في تفاصيل هذا الموضوع طويل وذو شجون وساحاول ان افرد له فصولا متعاقبة من خلال مقالات لاحقة اشرح فيها اوجه الخلل الذي شاب المشاريع التي تعاقدت عليها الوزارات بشكل مباشر او التي تم التعاقد عليها من خلال مجالس المحافظات وكان معظمها مجرد حبر على ورق او بدايات لا تزيد نسبة الانجاز فيها عن 10% من حجم المشروع وترك المشروع في بداياته وهروب المقاولون باموال المشاريع برمتها كل ذلك بسبب عدم توفر خطاب الضمان الذي كان يجب ان يؤخذ من المقاول فغضت الطرف عنه معظم الجهات الرسمية جهلا او تعمدا كي تفسح المجال للمقاول من التهرب من المسؤولية وعدم قدرة الحكومة من ملاحقته خاصة اذا كان هذا المقاول اجنبيا او عراقيا يحمل الجنسية المزدوجة والذين ادعوا زورا بكونهم اصحاب شركات وهمية لا وجود لها على ارض الواقع... كمالا زال خطاب الضمان لا وجود له في المقاولات التي قد تعقدها الجهات الرسمية ولا تحاول ان تلفت الانظار الى وجوب الزام المقاولين بتقديمها قبل البدء بتنفيذ المشاريع كي يستمر العراق مشاعا مشرع الابواب عن طريق هذه المقاولات الموهومة ...وحتى الذي ينجز منها فهو لا يفيد ابناء الشعب الذين هم بامس الحاجة الى السكن والمدارس وبقية الخدمات المهمة الاخرى ....!!!