الشباب العراقي بين مطرقة المستقبل وسندان الواقع المظلم-د.مسار الغرابي

Sat, 13 Aug 2011 الساعة : 11:08

 لايخفى على احد مالقيمه الشباب ودوره في بناء المجتمعات الانسانيه المتحضرة فالشباب هم الطليعة وهم رمز التقدم والتحضر والشباب هم عصارة تجارب الماضي ووقود المستقبل يتقد بعد ان تخفت شمعه الأجداد والآباء لكي ينير الطريق ويعبد المسيرة للأجيال الفتيه الاتيه ،الشباب هم ذخر الشعوب وقاده التغيير ان لم يكونوا نتاجه أو امتدادا له ... فلننظر سويه ماذا حل بهذا الشباب في بلد يزعم الاهتمام به على اقل تقدير ان لم نقل في طليعة اهتماماته الرئيسية :-
بعد طي مراحل التعليم الدراسي ثم الجامعي لمن استطاع أليه سبيلا يصل هذا الشاب إلى عتبه التخرج وكل هذه الفترات رافقها مانغص عليه الحياة وجعلها داكنة اللون ربما لأننا نعرف صعوبة الدراسة وظروفها ومقدماتها (كما لايخفى على كل مطلع).
هذا بطبيعة الحال ان لم نقل قد أعطته الأمل في المستقبل وان يكون ما أراد.يصل هذا الشباب إلى عتبه التخرج وكله سعادة وأمل لأنه قد حقق شيئا في هذه المسيرة شهادة بكالوريوس أو دبلوم هذا لأيهم فلمهم انه قد أغلق هذا الباب إلى اللاعوده ( تماما كمن يسير على جسر معلق من الخشر و تتساقط سلالمه كلما لمس واحده مما يحتم على عليه أن يفكر بالسير للأمام وان يسرع ) ليشرع اغلب الشباب إلى شق طريقه في الحياة (يشق طريقه في الحياة إن وجد منفذا أو مخرجا وإلا فسيحتم عليه أن يستمر في مسيره التعليم لكي يحصل على الماجستير أو الدكتوراه لكي يصبح متهيئا لدخول الحياة من أوسع أبوابها بعد أن هيئ مستلزماتها وأدى طقوس الولاء مضحيا بعمره الذي قارب ال30 سنه) تمهيدا للخطوات القادمة والتي تتضمن :- الحصول على العمل الكريم والذي يليه بسنين أو بضعه سنين نصف الدين(الزواج) وتكوين عائله..هذا في الأعم الأغلب نقاط تقاطع الشباب حديثي التخرج والتي هي مطالب ومراحل يمر بها كل شخص سوي ...ولكن!!! عندما يصطدم هذا الشباب بعقبات تقصم الظهر وتشل الهمم وتضعف الاراده بشقيها المعنوية والمادية لايكون إمامه من سبيل إلا التأجيل ،تأجيل ماذا؟ تأجيل أحلامه ومستقبله إلى حين توفر الظروف المناسبة...والتي لن تأتي ابدأ، لان من أهم نقاط القوه في البرمجة العصبية هي :-عندما تريد شيئا اعمله ألان وألان فقط لأنك تعيش لحظتك الفعلية الانيه. سيعمل هذا الشباب طبعا لأنه سيجبر على ذلك طبقا لقوانين الكون والمجتمع وربما في وظيفة لايريدها أو مهنه لايطيقها ولم ترق له يوما ولكنه اجبر عليها وسيق إليها وفي هذه الوظيفة الجديدة ستدفن أحلامه وستشيع أهدافه معلنه الحداد النفسي العميق والذي ربما التحق بعالم الكبت. هذا الشباب الذي حلم أن يكون شيئا ذا قيمه وحلق وارتفع عاليا بحلمه إلى الغيوم سقط فجأة على الأرض لأنه وبكل بساطه اصطدم بالواقع وأي واقع، الواقع الذي يفرض عليه أن يتطوع في الجيش لأنه يضمن رواتب جيده بل ممتازة وبعيده عن الواجب المقدس وأي قداسه والمعيار اليوم كم تملك ؟ أنت تساوي. الواقع الذي فرض عليه أن يحتكم إلى قرعه في تعيين كوادره لا على أساس المعدل ولا الشهادة ولا العمر كضوابط متعلقة بالكفاءة والخبرة بعيده عن الكم فهل يعقل ان يتم التعامل مع الأجيال الفتيه في اجتذاب من يؤهلهم ويعدهم للمستقبل البعيد بهذه الطريقه بطريقه -قاله باله- وفي هذا ظلم عظيم ،فهم بهذا العمل يزهدون المجتهد في اجتهاده والعامل بعمله والخبير في خبرته هذا فضلا عن إقصاء ثلة منهم من ذوي الاختصاصات الادبيه فأين العقل من كل هذا؟.
أضف لهذا وذاك الواقع الذي فرض عليه أن يكبت طاقاته الجنسية لعدم وجود المال الكافي والظرف المناسب لكي يتزوج ويكون أسرته الصغيرة والإنسان بطبيعته الفطرية يجنح إلى هكذا مفاهيم والى هكذا أفكار وكلنا يعرف غلاء المهور وطلبات أهل الفتاه المراد الاقتران بها مما يخلق له العقبات ويزيد همه هماً وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى فتنه مثلما أشار رسول رب العالمين (صلى الله عليه واله وسلم) "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"
فالشباب لايستطيع الزواج ولايستطيع أن يصرف طاقته بالطرق ألشرعيه فبالتأكيد سيبقى يرواح مكانه وربما سقط في حفر الشيطان وهي في الحقيقة خسارة له وللمجتمع ،وهذا العواقب والمضاعفات وان غفل عنها المجتمع أو تناساها فتره من الزمن فسوف تخرج عاجلا أو أجلا وكلما تأخر ظهورها زاد خطرها واشتد فتكها...والدليل على ذلك ماتعيشه بلداننا العربية من الذل والتخلف والهوان بإتباعهم الغرب واقتباس كل شيء منهم تقريبا المأكل والملبس والفكر والعقائد والثقافه ...الخ وهذا يرجع إلى عدم معالجه المشكلة الجنسية ( باعتبارها خطيره وفطريه لايمكن اهمالها) لدى الشباب علاجه جذريا في حين أن الغرب قد وجد لها حلا حسب ثقافته وسلوكياته مع العلم بان الحلول الكافيه في ديننا وسنه نبينا وقراننا (فسألو اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون). وكما أسلفت فكل هذه المنغصات ستؤدي الى الكبت النفسي والجنسي والذي يقابل بطبيعه الحال بالسخرية واللامبالاة وربما الكلام الجارح من قبل المجتمع في حين أنها ستنصدم ورغماً عنها بالزلزال والإعصار الذي يدك قداسه تقاليدها اللااسلاميه وفكرها اللاسوي لانها وببساطه اصبحت عبئاَ ثقيلاً وحملاً مضنياَ بدليل ان شبابنا قد أصبح اغرب من الغرب أنفسهم بقصات شعره ولحيته وملابسه وهذا لم يكن بسبب الشباب بل هو بسبب الكبت الذين كانو من ضحاياه . فالغرب الذي فهم شبابنا جيدا حتى أكثر من مجتمعاتنا وحكوماتنا هو الأول بطبيعه الحال من تنبأ بالثورات العربية قبل ان تحصل بشهور على لسان وزيره الخارجية الامريكيه هيليري كلينتون عندما طلبت من الحكام ان يهتموا بالشباب وإلا فان عروشهم في خطر.
من هذا كله نصل سويه الى خاتمه الكلام بعد ان سردنا الشواهد وأثقلنا الكلام :- ان العقبات الموجودة في طريق هذا الشباب والمتمثلة ب( الفساد الذي يجتاح الواقع الذي يعيش فيه،المحسوبية في اغلب مجالات حياته وفي مجتمعه،عدم وجود العمل الملائم لقابليته وكفائتة، تدمير الأحلام من قبل صناع السياسة المحلية والمجتمع ، النفسية المتعبة والخيال المشغول بسد الاحتياجات ألمعاشيه والخوف من المستقبل، عدم إشباع الحاجات الجسدية والنفسية، البيئة المتعبة والهواء المترب وغياب مشاريع التنمية البشرية والمعمارية، إلى غيرها مما لايسعني ذكره) سنجد وكنتيجة طبيعيه إننا سنكون البيئة الخصبة لنمو الشباب الناقم الحاقد على بلده وأمته وربما على دينه (تراجع الوعي الديني للشباب في الأعوام الاخيره) وحينئذ لانستطيع ان نقف بوجهه لأنه سيكون كالوحش الكاسر وكالبركان المنفجر الذي ستسقط حممه على كل شيء بمافيها القيم الاسلاميه و العملية السياسية والديمقراطية المزيفة والأمن والامان.
 

Share |