من اجل النهوض بواقعنا الصحي/عبدالستارجابر الاسماعيلي

Tue, 21 Jan 2014 الساعة : 0:29

كان الطابور طويلا امام غرفة الطبيب الاخصائي في العيادة الاستشارية  في المستشفى العام ، هناك امرأة طاعنة في السن لم تحتمل الوقوف جلست على الارض بسبب الاعياء والمرض، وطفل يتلوى من الالم قد حمله ابوه في ذلك الطابور،غرفة الطبيب كانت مكتظة بالمراجعين ،عندما وصل دوري وقفت امام الطبيب الذي كان منشغلا مع المريض الذي سبقني وبعد ان وصف له الدواء على بطاقة المراجعة التفت الي بالسؤال الذي يتكرر مع كل مريض :خيرا مم تشكو ؟ وما ان نطقت بحالتي كانت الوصفة قد كتبت  سريعا على بطاقة المراجعة ثم جاء دور المريض الذي بعدي وهكذا كان مع  بقية المراجعين.  

من المعلوم لكي يكون التشخيص دقيقا يحتاج الطبيب الى وقت يتمكن فيه من اجراء الفحوصات السريرية ومزيد من الاسئلة الموجهة للمريض لغرض التوصل الى صورة واضحة عن حالته ومن ثم وصف الدواء الذي يتناسب مع كل حالة.كما ان المريض بحاجة الى معرفة لحالته الصحية لكي يحصل له الاطمئنان النفسي  ولغرض متابعة علاجه فيما بعد حسب مايتطلبه وضعه الصحي.

لانحتاج الى توضيح واشارة الى ان مراجعة الطبيب في المستشفى الحكومي تختلف عن مراجعته في عيادته الخاصة ،ومع ان الامكانيات المتوفرة في المستشفيات الحكومية اكبر من امكانيات العيادات الخاصة من ناحية اجهزة الفحص والمختبرات وتعدد الاختصاصات الا ان الخدمة المقدمة للمراجع في اغلب المؤسسات الصحية دون المستوى الذي نطمح اليه،رغم التخصيصات الكبيرة التي تنفقها الدولة على القطاع الصحي.هناك الكثير من الامور التي لابد من الوقوف عندها من اجل الارتفاع بمستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين كأحد الاستحقاقات

المطلوبة ومنها تنسيب الاعداد الملائمة من الكوادر الاختصاصية من الاطباء بما يتناسب وحاجة كل مؤسسة صحية وحجم المراجعين لتلك المؤسسة ضمن الرقعة الجغرافية ،وايلاء موضوع صيانة اجهزة الفحص ومتابعة صلاحيتها الاهتمام الكافي من خلال تأهيل الكوادر الكفوءة للعمل على تلك الاجهزة،و تأمين الكميات الكافية من الادوية والعلاجات،بالإضافة الى المتطلبات الاخرى التي تؤمن هذه الغاية. 

 دعونا نقف على صورة  من الخدمات الصحية المقدمة في مؤسسة معروفة قبل اربعة عقود على الاقل.  ففي سبعينيات القرن الماضي كان والدي احد منتسبي مصلحة الموانئ العراقية في البصرة ومن بين ماأتذكره من سياقات واجراءات متبعة في  مستشفى الموانئ الخاص بالدائرة المذكورة ان كل منتسب مزود ببطاقة صادرة من المستشفى مدرج فيها اسم المنتسب واسماء افراد عائلته ،وعندما يراجع المنتسب او احد افراد عائلته المستشفى المذكور فأن اول خطوة يقوم بها موظف مخصص لهذه الغاية قبل دخول المريض الى غرفة الطبيب هو احضار ملف خاص بالمريض على  ضوء بطاقة المراجعة وتقديمه امام الطبيب، اذ ان لكل فرد من افراد العائلة ملف خاص به، بعد ذلك يتم ادخال المريض حيث يتمكن الطبيب من الاطلاع على اوليات المريض السابقة وعلاقتها بحالته الحالية،وفي ضوء ذلك يتم تشخيص الحالة وماتتطلب من فحوصات ومن ثم وصف العلاج اللازم  ،لازالت ذاكرتي تحتفظ بأسماء بعض اطباء ذلك المستشفى منهم الدكتور ضياء،والدكتورجلبرت،والدكتورجلال.. وغيرهم من الذين قدموا خدمات جليلة يتذكرها القراء الاعزاء من ابناء البصرة الكرام ممن عاصر الفترة المذكورة،لازالت ابتسامة دكتور ضياء وبشاشة وجهه واسلوبه اللطيف مع مراجعيه من المرضى، كانت هناك رعاية واهتمام  في ذلك المستشفى وكانت هناك سياقات ناجحة ظلت محفورة في ذاكرتي رغم تقادم السنين ،اما اليوم فان الامكانيات اكبر والكوادر اكثر والأدوية اوفر ومع ذلك لانجد الرعاية والخدمة الصحية التي تتناسب مع هذه الامكانيات.

ماالذي يمنع ان يكون للمريض ملف في حاسبة ضمن شعبة تفتح لهذا الغرض  في المؤسسة الصحية تقوم بتزويد المريض بتقرير حاسبة يقدم للطبيب المختص عند مراجعة المريض له  ليطلعه على الحالات السابقة اختصارا للوقت الذي تتطلبه مجموعة اجراءات وفحوصات من اجل معرفة وضع المريض .

الحديث في هذا المجال متشعب لاتسعه اسطر هذا المقال ،ولكن اقول هناك الكثير من الخطوات التي لابد من القيام بها من اجل النهوض بواقعنا الصحي .والله الموفق.

Share |