" ياحريمة" دولار غنيدة... هيفا أربعة دولار...!!!/علي الغراوي

Mon, 20 Jan 2014 الساعة : 17:11

على مدار نصف عقدٍ من الزمن و" غنيدة" جالسةٌ تحت ظل النخيل؛ فتجعل من سعفهِ سقفاً، ليَقيها حرارة الصيف، وأمطار الشتاء؛ بيديها المتجعدتين... حلاوة التمر، وملوحة شط العرب؛ وأثار القصب والبردي؛ ثوبها الأسود العتيق... سامرها مع الحزن، ليصطحب جسدها الهزيل الى واحة الآهات والدموع؛ تترقب غيث السماء، وتتطلع الى السياب، وكأنها تتناغم مع قصيدته: مطر... مطر، وفي أعماقها جمرٌ... جمر؛ بِقطرات جبينها؛ إنغمست الأرض، لتعتنق شظف العيش، وتتضور جوعاً، وتحت أقدامها السواد الحالك" البترول" والخير الوفير!.
يد الإمرأة العجوز؛ أناءٌ... تتغذى منه الأنظمة المستبدة، والمحتكرة لما فيه من خيرات، ولم تنكسِر أعين" هوامير البترول" من نظراتها لأرض" غنيدة" وظلت الأخيرة في منعرج التهميش، لتحصل " هيفا" على حصة الأسد؛ تكريماً لرقصها، والتواء خصرها، وجسدها العاري، وأبتسامتها المخادعة، بين جمهورها من الساسة، والمرتزقة على خراب الوطن، وعاهاته المستديمة!.
عُقدت الجلسة؛ لتوضع الحلول حول مسألة إمراة الجنوب" إناء الخير" وهيفا" نجمة لبنان بالرقص، وجسد الهوى؛ فطالب محبي" اللبنانية" بأن تكون حصة(الخايبة) دولار واحد، و(4) دولار" هيفا" عن كل برميل، كون الأخيرة تُمتع النظرات( دكَ ركص) وتتطلب ميزانية كبيرة، لما تقتنيه من الأزياء، وما تتزين به من الحلي والمجوهرات، وذهب جمهور "غنيدة"أولئك الذين يُقبلون تراب أرضهم، ويشعرون بما تعانيه، هذه الإمرأة العجوز من إهمالٍ شديد، بالمطالبة بأن تكون حصتها(5) دولار، ولايحق للراقصة" هيفا" سنتاً واحد!، فالبترول لايذهب لبائعات الهوى بالجسد الراقص!.
ينساق الذهن لتساؤل غريب نوعاً ما؟!
أي معادلة وضعت فيها " غنيدة" و" هيفا" في مشروع بترو(5) دولار؟!!
أكتفت الأولى بالصمت في أسترجاع حقوقها المسلوبة؛ مطالبةً بالتهدئة، ووحدة الصف، وأن تكون تحت سقف مايسمى( المواطنة!) والثانية؛ لم تكُف عن الرقص، والطبول ، والمطالبة بميزانية تُقدر عملها الشاق، جزاءٌ لهز الأكتاف، وجو المرح، و(طكَ أصبعتين) حتى الصباح الباكر!.
لقد ذهبت الثروات من الجنوب الى الشمال، فالثاني؛ أقليم مُثقل برؤوس الأموال، ويصدر البترول دون موافقة من ( سلطة مركزية!) وحفلات ورقص، لتدخل" هيفا" في موسوعة" كينس" من أثرياء العالم، أما الأول؛ ليس أقليم؛ فهذا مرفوض! وثرواته لغيره، وأرضه للجميع، كجزء لايتجزء من الوطن، ومواطنيه على أرصفة الطرقات، يبحثون عن رغيف الخُبر... لكنهم كُرماء؛ يعيشون بين الخراب، وتحت أقدامهم البترول!.
لازالت" غنيدة" تذرف الدمع، وتحتفظ بوجهِها المُتجعدٌ منذ سنين عُجاف؛ وتطاولت" هيفا" مؤخراً، لترقص بفرحةٍ على أنغام" ياحريمة" الحزينة....!

Share |