مبادرة الشفافية و التنمية المستدامة/اسامه احمد

Mon, 20 Jan 2014 الساعة : 14:56

التحدث عن الصناعات الاستخراجية ولاسيما النفط , بحر عميق لا يدخله الأ خبراء اختصاصيين فيه , دفعني إلى الكتابة فيه شدة رغبتي وإطلاعي في شؤونه ولأهميته في حياتنا اليومية بما يقدمه ألينا من خدمات عظيمة في المنازل والمصانع فهو الغذاء الأساسي لوسائل النقل في البر والبحر والجو فو أذن سيد الموقف في الحرب والسلام . بينما من المفارقات يعيش قرابة 3.5 مليار نسمة في بلدان غنية بالنفط والغاز والمعادن، لكن كثيرا منها يعاني من الفقر والفساد والصراع الناجم عن ضعف نظم الحوكمة , فهل الشفافية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية.؟ ومنذ إطلاقها في عام 2003، اكتسبت مبادرة الشفافية بسرعة زخما وقوة دفع كبيرة. وفي فبراير/شباط 2011، بلغ عدد البلدان الممتثلة امتثالاً تاماً لمبادئ المبادرة 5 بلدان، بينما قطع 20 بلدا آخر شوطاً بعيداً نحو الامتثال التام بها , وفي هذا الصدد، قالت سري مولياني إندراواتي، المديرة المنتدبة بالبنك الدولي "إن الاختبار لنجاح المبادرة على الأجل الطويل سيتمثل حقا في مدى تلبيتها للتوقعات بشأن مساهمتها في حُسْن إدارة الموارد الطبيعية لمصلحة كل المواطنين، الآن وللأجيال القادمة. ويجب أن نعمل من أجل أن يكون باستطاعتنا إظهار الآثار الحقيقة على أرض الواقع،" مؤكدة على أن بعض تلك الآثار أصبح أكثر وضوحا. (1) ولا شك أن المبادرة العراقية للصناعات الاستخراجية ، والتي أعلن العراق الانضمام أليها في 12/12/2012 ضمن 13 دولة أعلنت امتثالها للمبادرة ، لتجيب على حلقة مهمة كانت مفقودة تتعلق بصميم الإدارة الرشيدة للصناعات الاستخراجية من خلال مقارنة حجم مدفوعات الشركات المنتجة وحجم الإيرادات الداخلة إلى الخزينة العامة ، ومدى دقة وشفافية البيانات التي تتعامل معها ومقدار الفوارق بين المدخلات والمخرجات ، وعلى هذا الأساس ولضمان المزيد من الشفافية أوكلت الحكومة العراقية مسؤولية جمع وادراة ودراسة البيانات إلى شركة محاسبية عالمية متخصصة، ومن ثم عرض هذه البيانات على مركز القرار والرأي العام لمعالجة مواطن القصور والخلل في بنية الصناعات الاستخراجية، التي تعد عماد الاقتصاد العراقي آذ تشكل أكثر من 95 % من حجم الإيرادات الحكومية بالاعتماد على أنتاج وتصدير البترول إلى أربع أسواق عالمية هي أوربا واسيا والأردن والصين ، وهذا ما يضاعف من حجم المسؤولية ويحتم وجود سياسة تسويقية واضحة المعالم مبنية على أرقام وبيانات واقعية لا على أساس تكهنات واستقراءات ، لتأسيس قاعدة رصينة للانفتاح على اقتصاد السوق وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إلى بيئة استثمارية مطمئنة على المدى البعيد لا تتأثر بالتقلبات السياسية أو الاقتصادية المفاجئة، وهذا ما تعمل عليه المبادرة العراقية من خلال إرسال رسالة مطمئنة إلى الأسواق العالمية والشركات النفطية ، التي تسعى إلى الحصول على جولات تراخيص منها ما يخص التطوير والمسح والاستكشاف والإنتاج والتصدير ، في ظل وجود احتياطي مؤكد عالميا يقدر ب 143 مليار برميل من النفط و135 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ما يضع العراق ثالث دولة على مستوى العالم بنسبة الاحتياطيات المؤكدة (2) فإذا كانت الشفافية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية فما هي التنمية المستدامة , اعتمد المجتمع الدولي في قمة الأرض بالبرازيل عام ١٩٩٢ مصطلح التنمية المستدامة بمعنى تلبية احتياجات الجيل الحالي دون إهدار حقوق الأجيال القادمة في الحياة في مستوى لا يقل عن المستوى الذي نعيش فيه , تتطلب التنمية المستدامة تحسين ظروف المعيشة لجميع الناس دون زيادة استخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة كوكب الأرض على التحمل. وتجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة هي النمو الاقتصادي، وحفظ الموارد الطبيعية والبيئة، التنمية الاجتماعية.إن من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقر، من خلال التشجيع على إتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية من أمثلة لأهم أهداف التنمية المستدامة من خلال بعض البنود التي من شأنها التأثير مباشرة في الظروف المعيشية للناس: موضوع المياه حيث تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى ضمان إمداد كافٍ من المياه ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية. وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تأمين الحصول على المياه في المنطقة الكافية للاستعمال المنزلي والزراعة الصغيرة للأغلبية الفقيرة. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للمستجمعات المائية والمياه الجوفية وموارد المياه العذبة وأنظمتها الإيكولوجي. وموضوع الغذاء حيث تهدف الاستدامة الاقتصادية فيه إلى رفع الإنتاجية الزراعية والإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي في الإقليمي والتصديري. وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تحسين الإنتاجية وأرباح الزراعة الصغيرة وضمن الأمن الغذائي المنزلي. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام والحفاظ على الأراضي والغابات والمياه والحياة البرية والأسماك وموارد المياه. وموضوع الصحة حيث تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى زيادة الإنتاجية من خلال الرعاية الصحية والوقائية وتحسين الصحة والأمان في أماكن العمل. وتهدف الاستدامة الاجتماعية فرض معايير للهواء والمياه والضوضاء لحماية صحة البشر وضمان الرعاية الصحية الأولية للأغلبية الفقيرة. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للموارد البيولوجية والأنظمة الإيكولوجية والأنظمة الداعمة للحياة. وموضوع السكن والخدمات حيث تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى ضمان الإمداد الكافي والاستعمال الكفء لموارد البناء ونظم المواصلات. وتهدف الاستدامة الاجتماعية ضمان الحصول على السكن المناسب بالسعر المناسب بالإضافة إلى الصرف الصحي والمواصلات للأغلبية الفقيرة. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام أو المثالي للأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية. موضوع الدخل حيث تهدف الاستدامة الاقتصادية فيه إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية والنمو وفرص العمل في القطاع الرسمي. وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى دعم المشاريع الصغيرة وخلق الوظائف للأغلبية الفقيرة في القطاع غير الرسمي. وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستعمال المستدام للموارد الطبيعية الضرورية للنمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص. فالتنمية الاجتماعية المستدامة تهدف إلى التأثير على تطور الناس والمجتمعات بطريقة تضمن من خلالها تحقيق العدالة وتحسين ظروف المعيشة والصحة. أما في التنمية البيئية المستدامة فيكون الهدف الأساس هو حماية الأنساق الطبيعية والمحافظة على الموارد الطبيعية. أما محور اهتمام التنمية الاقتصادية المستدامة فيتمثل في تطوير البنى الاقتصادية فضلا عن الإدارة الكفؤة للموارد الطبيعية والاجتماعية. (3) على أي حال بقدر تعلق الأمر بنا في العراق نؤكد على الحقائق التالية لدينا موارد نفطية كبيرة وأعضاء في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية فهل لدينا التنمية الاجتماعية و البيئية والاقتصادية المستدامة؟ هل تم استثمار مواردنا ( النفط والغاز ) بشكل امثل؟ لتحسين ظروف المواطنين المعيشية والصحية وتحسين البيئة التي يعشون فيها مع تطور في البنى التحتية الاقتصادية للبلد؟ تبقى الأسئلة مفتوحة للإجابة من صناع القرار وأصحاب المصلحة والمختصين والمواطنين والسياسيين.

(1) المؤتمر العالمي - الخامس لمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية الذي عقد في الثاني والثالث من مارس/آذار في باريس
(2) صالح الكناني - أضواء على المبادرة العراقية وآفاق التنمية البشرية للصناعات الاستخراجية - جريدة المستشار في 02/10/2013 : http://almustashar-iq.net/index.php
(3) د. عبدالله بن جمعان الغامدي- الـتنمية المسـتدامة بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية والمسئولية عن حماية البيئة

Share |