صبي الأزبال والحاكم/طاهر مسلم البكاء

Sun, 19 Jan 2014 الساعة : 1:24

أخذت عمليات الجماعات التكفيرية الأرهابية تقض مضجع المواطن وتشغل جل تفكيره ،وبدى ان الدولة شبه عاجزة عن الأتيان بأجراءات تقضي على الأرهاب أو على الأقل تحد من شروره ،غير ان مسؤوليها لايزالون يستقلون السيارات الحديثة المظللة الفارهة التي تنطلق بسرعة فلا يحس المسؤول وقتها بما يجري للناس من حوله وحتى الحفر والمطبات لاتعنيه ولايستشعرها ، وزادت حكايات الفساد السياسي والأداري الهم والحزن ، أذ أنها بدات تزكم الأنوف ،وبدأ المواطنون يعدون عمارات المسؤول الفلاني ومحطات الوقود والعقارات التي يمتلكها المسؤول العلاني في الداخل والخارج وهم أثناء ذلك يسترجعون بحسرة بالغة كيف كان بالسابق قبل ان يوفر له الشعب فرصة الفوز بالأنتخابات ،حيث لم يكن يملك شئ او يعرفه احد ويسردون الكثير من الحكايات عنه عندما كان كادحا ً لايملك سوى كشك صغير على احد الأرصفة ،واليوم لاهم له سوى زيادة ممتلكاته وبالمقابل فأنه أصبح لايعرف أحدا ً من الشعب واصبحت مقابلة سكرتيره الشخصي تتم بالواسطة فكيف بمقابلته هو .
الصراع على المغانم :
وأخذ مسؤولون كبار محسوبون على تيارات شعبية محترمة في نظر الناس ، يدخلون حلبة التنافس على المغانم وبامتياز .
فبعد نشر الصحف وشبكات النت أخبارا ً عن مسؤولين كبار ،انكشفت اوراقهم وهم يقاضون ويتقاضون الرشى بشدات الدولار وليس بالدينار ، اشيع ان الحاكم قد امرباقالة المسؤل الفلاني ،والذي لم تسمه الصحيفة ولا الشبكة بأسمه بسبب الحنكة الصحفية فالديمقراطية لدينا لاتزال تحبو فهي اليوم على صورة عراك بالأحذية والأيدي والأرجل ،ولكنهم كانوا يضعون بدلا ً عن اسمه عدد من الأصفار ، والمعلومة الوحيدة التي ذكرتها عنه الصحف أنه مسؤول كبير ،وكانت الناس عندما تدخل المبنى الرسمي المهيب ينظرون بأتجاه الأبواب ليروا ذلك المسؤول اذا ما كان فعلا" موجود ثم يخرجوا ليجلسوا في حلقات السمر الأعتيادية ليذيعوا سرا" كانهم قد اكتشفوه بصعوبة ، يذكر أحدهم :
لقد ذهبت صباح اليوم الى مبنى الحكومة ونظرت بنفسي ولم اجده مكانه وقال الثاني : نعم لقد نفذ الحاكم امر الشعب وأقاله بغض النظر الى أي كتلة ينتمي ... ولكن بعد اسبوع فوجئ الجميع بعودة السيد المسؤول الى مكانه ،وقد كان يرتدي بدلة فاخرة ،وقد تبين أنه كان في ايفاد في احدى جزر الواق واق .
وقال نفس الشخص :
ألم اقل لكم انه الفساد بعينه ،لقد كافئوه بأيفاد خارج البلد ! وبعد ان تحدثوا عن الاسعار المتخيلة للبدلة التي كان يرتديها والحذاء الذي ينتعله
أخذت حلقاتهم تفسر كيف حصل هذا ومن أغرب ما طرح أن احدهم ذكر أن هذا المسؤول قد أشترى هذا المنصب من الكتلة التي ينتمي اليها ولايمكن تغييره،والغريب أن هذه الكتلة كانت تنظر في الأنتخابات على أنها المدافعة عن الشعب وانها ضد الفساد ، وأخيرا" تكلم احدهم ،وكانوا ينتظرون ان يتكلم كونه يعمل في حرس الحاكم الشخصي ، قال لهم :
لقد تم أبقاءه مكانه ولكن تمت معاقبته بتقليص صلاحياته !
والغريب ان قرب الأنتخابات قد أفقدهم كل احترام من الشعب او تقديرهم بعضهم للبعض الآخر ،حيث بدؤا بالتسقيط احدهما للآخر وبأي ثمن فبانت عوراتهم بعد ان قام كل واحد فيهم بأسقاط ورقة التوت التي كانت تغطيها،وبدى الناس لايصدقونهم في شئ وحتى عندما يعلنون على اعلى المستويات أنهم سوف يواجهون الأرهاب وانهم سوف يعملون وسوف ... فأن الناس تعتبر ذلك دعايات انتخابية وان مسؤوليهم باتوا لاقدرة لهم على مواجهة الأرهاب ولاقدرة لهم على لم شمل العراقيين والحفاظ على تماسكهم ووحدتهم .
( ووسط آهات المحرومين وعامة الشعب ، بقي المسؤول رغم ان الشعب قد ملّه ولم يكن راغب في اعادة انتخابه ، وأستمر الفساد من وراء الستار ومن امام الستار ..وبدأت الناس تنظر الى وجوه المسؤولين الملطخة بوحل الفساد الذي لا ينتهي وبأتهام أحدهم للآخر، وبقيت بلادي تئن بتركة ثقيلة من عهود الإهمال والفقر والفاقة واليوم تنالها عهود جديدةهي عهود الأرهاب والتهميش والحرمان و الفساد المكشوف ) .
وهناك ليس بعيدا ًعن مجلس النواب الفخم ،الذي كان يناقش فيه عقود نفطية ضخمة ، في أحد الشوارع التي تعاني الأهمال .. كان صبي العربة الذي يبحث في الأزبال عن مخلفات يقتات بها ويحمل جزءا ً منها الى عائلته ، قد ترك عمله وانشغل بالنظر الى سيارة الحاكم الفخمة المظللة وأنتظر بشغف نزوله منها ليمتع نظره ببدلته الأنيقة وكذلك ليشاهد قوة اندفاع حرسه الخاص الذي أحاطه بسرعة حال نزوله من السيارة ..ثم ما لبث الصـبي أن عـاد ثانيـة لألتقاط بقايا الطعام والعلب الفارغـة من أكــوام الأزبال .

Share |