لاتقام الديمقراطية الاّ بالقوة !/حسين الشويلي

Sat, 18 Jan 2014 الساعة : 16:56

( أول خطوات الحل تبدأ بتشخيص المشكل , والأعتراف به )

بما أنّ هنالك حاجةٌ الى أقامة نظام ديمقراطي , لابد وأن هنالك وجود نظام ديكتاتوري . وبما أننا لانستطيع أن نتصور نظاماً من دون أفراد . لأنهم من يمثلوا النظام على أرض الواقع . فلابد من أستخدام القوة , كي يتحقق معنى ألأقامة _ فهذه الكلمة تعني أستبدال نهج بآخر . وهنا لابد للقوة ليتحقق هذا الأستبدال , وللتوضيح -المطالبة بأقامة نظام ديمقراطي , أعتراف ضمني بوجود نظام غير ديمقراطي . وهذا النظام الغير ديمقراطي عادةً يكون نظاماً ديكتاتورياً , ومن يتصف بالديكتاتورية التي هي نقيض الديمقراطية المنشود أقامتها , تأتي الحاجة للقوة . وهذا ما نحتاجه في العراق مع من يحاول العودة بالعراق الى النظام الديكتاتوري .

مخطأ من يظن أن الديمقراطية هي حكم الأغلبية . لأن الأغلبية قد تكون في فهم خاطئ للحياة , من جراء أنظمة سياسية حكمتها , فغيرت عندّها القناعات , ومفهوم الحق والباطل , والجيد والسيئ .
حتى أصبحت تلك القناعات الخاطئة ثقافة مجتمع . لو أتيح لعصور ما قبل الأسلام أن يعرض عليها أختيار نظاماً ديمقراطياً , يكون المجتمع هو من يختار نمط الحياة التي يريدها , لكان قتل البنات حين الولادة , والأستعارة من العمل بالحرف الصناعية أو الزراعة . من أولى فقرات دستورهم !
لأن أغلبية الشعب مقتنع بل مغرم بتلك المثل المنخفضة , لكنها كانت تمثل ثقافة مجتمع .

ليس أجماع الأغلبية على أمر,, ما يعطيه الأحقية والجدارة العلمية . قد يكون أغلب الشعب مخطأ . كما أخطأ الشعب الألماني بتأيده لأردلوف هتلر , وكما أخطأ الشعب السوفيتي سابقاً بتأيده للثورة البلشيفية ولنظام ستالين القمعي . وكما أخطأت بعض قبائل الأنبار بتأيدها لحزب البعث الهمجي .
وبعض من مشوّهي الضمير الأنساني من أبناء المحافظات الأخرى .

الديمقراطية ليست حكم الأغلبية بل حماية التنوع والحقوق .- وكل نظام قادر على تحقيق هذا المعنى يكون هو النظام المثالي - هل يستطيع أن يجزم فرداً بأن حكم الأغلبية سيقوم على توفير الحماية للنوع وللحقوق ؟ بالتأكيد كلا , لأن الواقع سيكذبه .
فليس هنالك دولةٌ مهما تبجحت بديمقراطيتها تستطيع أن تقول أنها حافظت على حماية النوع والحقوق .

أنّ ما يحدث الآن في العراق من تداعيات أمنية وأقطاعيات حزبية . سببها - الديمقراطية الغير مشروطة . فقد منحت حركات وأحزاب حق الأشتراك في العمل السياسي من خلال مفهوم أحتواء الكل , كأجراء ديمقراطي . وهي حسب الفهم الخاطئ منذ قرون . نعم تملك حق الأشتراك ’ لأنها تمثل جزء من المجموع أو الأغلبية . وما حدث هو أنتقال في الأسماء من - الديكتاتورية التي كانت تمثلها تلك الأحزاب والحركات أو كانت مشتركة معها . فتحولت بفضل الديمقراطية وحكم الأغلبية الذين هم من ضمن الشعب , رغم فسادهم , الى نظام,, ديمقراطي .

الغريب أن الواقع يضج بالمصائب والمآسي في العراق وفي أي بلد يدّعي الديمقراطية , وما زال البعض متشبث بها كسلطة,, تتماشى وحقوق الأنسان . والحقيقة أنها سلطة جاءت وفق الموروث الديكتاتوري الذي مازال يتحكم بأفكار وسلوكيات وقناعات الشعب .

لو سئلنا أنفسنا لماذا نريد أقامة نظاماً ديمقراطياً يشترك الجميع في بناءه ؟ سيكون الجواب تحقيقاً للعدالة والمساواة , فأن أقيمت العدالة والمساواة من طرف غير الطرف الديمقراطي . هل سيكون لأقامة النظام الديمقراطي من مبرر ؟
لأنه لاشئ يطلب لذاته . والديمقراطية طلبت لأنها حسب توصيف البعض بأنها النظام الأكثر تحقيقاً للعدالة لأن الكل أشترك فيها فهي تمثل أرادة الشعب - فأن كان الشعب غير مدرك لمصالحه , أو أعتاد على مزاولة الخطأ . فالنتيجة يكون نظامه الديمقراطي خاطئ وغير مجدي ولا يحقق المساواة والسعادة لأفراده .وهنا تتعين القوة لتحقيق العدالة والمساواة لكن قوة القانون وليس قوة السلاح . الديمقراطية قد جربت بالعراق بأدوات - ديكتاتورية - والمحصلة أرهاب وبرلمان كسيح وأحزاب تكافح لأجل أجهاض الجهود الوطنية . لولا الديمقراطية لما تمكن تنظيم - داعش - الأرهابي من أتخاذ من الأنبار معسكرات ومشاجب للأسلحة وورش للتفخيخ , ولما كانت كردستان تهرب النفط وتبيعه بأسعار زهيدة , ولما آوت كل من يرتكب أرهاباً كالهارب طارق الهاشمي , وسيئ الصيت علي حاتم السلمان . ولولا الديمقراطية لما أطلق على الأغلبية ( بالخنازير وأولاد ال,,,,,, ) ولولا الديمقراطية لما أنسحب نواب متحدون في كل أزمة يحتاج بها الشعب لنوابه . ولولا الديمقراطية لأنقذنا حياة ألوف الأبرياء من لعنات الأرهاب .

الديمقراطية طبقت بالعراق لكنها شملت أدوات جاءت من العهد الديكتاتوري . وكان الأجدى أن نطبّق نظام ( حماية النوع والحقوق ) . لأن هذه الديمقراطية أحدثت تململاً واضحاً وسط الأغلبية المضطهدة .
وهنا سأتطرق الى الجانب المسكوت عنه من قبل البعض , توخياً لعدم خدش الديمقراطية .
مازال في العراق من يختزل الحقيقة الدينية , ويقّم نفسه على أنه يمثل الحق المبين . ومازال من يرى في وجود شخصيات شيعية في الحكم تحد,, الى المكون الأخر , الذي حكم العراق بأسم الخلافة الدينية تارة وأخرى بالقومية العربية .

المخوفون من عدم تطبيق الديمقراطية في العراق في هذا الوقت الذي مازال يعج بالبعثيين أصحاب المقابر الجماعية وأحواض التيزاب والمشانق والسجون السرية وغير السرية , لابد أن يدركوا أن الديمقراطية ليس قيداً ملزماً لتحقيق العدالة وحماية النوع وأنصاف الحقوق . بل لابد من تهيئة الأرضية المناسبة لبناء ديمقراطية من المهمشيين سابقاً والمظلوميين وأن لانقوم على جمعهم مع حركات ورموز ديكتاتورية لاتؤمن بدين ولا عروبة أو حق الأغلبية .

Share |