فنّ آلكتابةُ و آلخطابَةُ – ألجزء ألثّاني ح16/عزيز الخزرجي
Sat, 18 Jan 2014 الساعة : 16:52

ألفصلُ ألثّالثُ - ألقسم ألثّانيّ: كيف نحصل و نُرتّب ألمعلومات للمحاضرة؟
طرق آلحصول على ألمعرفة أساساً نوعان:
Knowledge is of two kinds: We know a subject ourselves, or we know where we can find information upon it.
ألطريق ألمُباشر: عبر آلتفكير و آلتأمل و آلتحقيق ألذاتيّ!
ألطريق ألغير المباشر: عبر آلكتب و آلمصادر و آلتصريحات!
ألطريق ألمباشر؛ ينحصر بالمفكرين الذين ينتجون الفكر من ذاتهم إعتماداً على جهدهم و سعيهم و تفكيرهم و تحقيقاتهم ألعلمية, و هذا النوع محدود جدّاً و يشمل ألنّخبة من الأكاديميين و ليس كلّهم.
ألأوّل يكون فيه الساعيّ عارفاً بكليّات ألموضوع و آلعنوان ألرّئيسي ألّذي يريد آلتّحدث عنهُ (التابك), و يتطلب آلكشف عن آلمزيد من الحقائق المتعلقة به, و إستحضار ألتصورات و آلأحساسات ألّتي تشعر بها حول الموضوع مع ملاحظة آخر ما توصل إليه آلآخرون في آلموضوع المراد التحدث عنه, ممّا يفتح أمامك آلسبل لتعرف ما يجب معرفته عن الموضوع.
كيفية آلحصول على آلمعلومات و تدوينها:
دَوّنْ أفكارك آلعامة على الورقة, (قيّدوا آلعلم بآلكتابة) كما قالها الرسول(ص), و آلأعتناء بصياغتها الفنية بحسب فن الكتابة التي وضحناها مفصلاً في الجزء الأول من هذا البحث, حيث يُساعدك كثيراً على توضيح الصّورة أمامك بشكلٍ أدقّ, فأحياناً لا يعرف الشخص حتّى ما يُفكر به بآلضبط بسبب تشابك آلمعلومات و تداخلها و آلتشتت الفكريّ حتّى يضعها على الورقة, فأحياناً بآلعكس تتصور أنّ بعض ألأفكار جيّدة و لكن بمجرّد وضعها على الورقة تكتشف أنّها أشياء مبهمة و غير واضحة و لا فائدة فيها, و يستفاد أيضاً عند كتابة آلأفكار الأساسية من ربطها و درجها مع آلأفكار آلأخرى, فآلعملية كلّها لأجل ترتيب آلأفكار و تجميعها بآلشكل ألمناسب.
إن عمليّة ألكتابة هذه تشبه الحالة التي تبحث فيها عن شيئ مفقود من حواليك, و كأنك تفتح (الكلوست) لتتأكد من وجود الحاجة المفقودة التي تبحث عنها أم لا؟
مصادر آلبحث عن المعلومات بغض النظر عن ما نملكه من قبل هي:
1- الأشخاص و أصحاب الرأي أو آلذين لهم علاقة بآلموضوع.
2- ألنشرات و الصحف و آلأعلانات و الوثائق ألمتوفرة و آلمجلات ألمختلفة.
3- الراديو و التلفزيون و الفاكس و الهاتف و غيرها من الوسائل السمعية المتوفرة.
4- الحاسبات الأليكترونية, و بآلأخص شبكة الأنترنيت ألّتي لها دورٌ كبير في إعطاء المعلومات.
5- ألأكاديمييون و آلبحوث الجامعية, فمن المعلوم أنّ آلبحوث الأكاديمية لا تُطبع و لا تنشر كلّها, بل تبقى أكثرها خصوصاً النوعية منها محدودة التداول.
بعد آلأنتهاء من جمع المعلومات يجب ترتيبها و تبويبها للأستفادة منها في إعداد المحاضرة ألنموذجية المبدعة و يجب معرفة الزمن المسموح لألقاء المحاضرة, كي يتسنى لنا تحديد الموضوعات و المعلومات آلتي نطرحها بحسب ألأولوية و الأهمية و المناسبة.
و عموماً يُمكننا تحديد ثلاث مناهج كمخطط لهيكلية المحاضرة بحسب آلعنوان ألذي أهميتهُ تُمثل 50% من قوّة و أهمية المحاضرة نفسها, و آلمناهج آلتي نطرحها تعتبر بمثابة العمود الفقري لموضوع و عنوان آلمحاضرة(1), و هي:
أولاً: المحاضرة المركزيّة:
TOPIC.و تتمثل بهيئة دائريّة مركزها يمثل عنوان الموضوع ألتـابك
ثم نبدأ ببحث ألموضوع عبر آلحلقات التي تحيط بآلمركز و (العنوان), حلقة بعد أخرى, و يتم ترتيب عدد و محتوى المدارات بحسب الوقت المتاح لنصل إلى بيان ألأبعاد ألتي تنطلق و ترتبط بالموضوع بوضوح و بيّنة.
هذا النوع من آلمحاضرات يفيد في بيان و إثبات العقائد و الأفكار و النّظريات الفلسفية و آلعلمية.
ثانياً: ألمحاضرة ألأشعاعيّة:
و تتمثل بنقطة مركزية كعنوان للمحاضرة و تكون ملتقى عدة خطوط أصلية قد تتفرع منها بعض العناوين الفرعية التي تصب في صلب العنوان الأصليّ, حيث يبدأ كل أصل من آلنقطة المركزية و تنتهي بتوضيح بُعدٍ مشتركٍ مُعيّن من الموضوع, ثم نبدأ بأصلٍ آخر مجدداً من النقطة الأصلية, مع طرح الموضوعات الفرعية المتعلقة بكل أصل من تلك الأصول بحسب الأهمية و آلأقتضاء, و هكذا يتكرّر الأمر و إثراء الموضوع بحسب آلأهمية و الزمان و المكان و تناسب آلأجواء, و يمكننا مراعاة الأولوية و آلأهمية في ترتيب طرح الأصول المتعلقة بآلعنوان الأصلي.
و يستفاد من هذا المنهج في طرح و بيان العلوم الطبيعية.
ثالثاً: ألمحاضرة الشجريّة:
و كما يُفهم من إسمها فأنّها تشبه الشجرة, و تبدأ المحاضرة من آلأساس(الجذور) ثم الجذع الأصلي كعمود رئيسي يرتكز على الجذور ثم يتمّ التفرع عبر الأغصان, حيث تكون آلعملية معاكسة و يلقي الأضواء على أصل و جذور آلموضوع, ثم يبدأ بآلبحث و التحليل في آثاره و تشعباته و آلفضاآت التي شغلتها تلك الغصون و آلفروع التي تُعتبر كلّ واحدة منها إمتداداً و أثراً أو بعداً مُعبّراً و ناتجاً من ثمار تلك الشجرة.
و يُستفاد من هذه الطريقة في عرض الموضوعات و الأحداث السياسيّة و الأجتماعيّة و النفسيّة.
و بإستحضار جميع آلأساليب آلآنفة يمكنكَ أيها القارئ العزيز من إعداد الموضوع بشكلٍ متكامل و جيّد مع ذكر آلعناوين البارزة فيه , و كذلك ذكر بعض الملاحظات الهامّة حول كلّ مقطع من آلمقاطع, و يمكنكَ إبرازها بإستعمال الألوان أو آلخطوط ألبارزة لتذكّرها أثناء المحاضرة.
كما يجب إعداد مسودّة المحاضرة قبل يوم من موعدها ليكون لديكَ متّسعاً من الوقت لكتابة المتن أو النّصّ الأصليّ ألذي سيحتاج إلى التصحيح و آلتنقيح ألنهائي (الريفيس) ثم خلاصتها في رؤوس نقاط مختصرة جداً, و يجب التأكيد على أصل الموضوع المراد طرحه, عبر صياغة بسيطة و مفهمومة لا تُتْعب السّامع طبقاً للمنهج الذي عرضناه سابقاً بآلتفصيل.
ملاحظة هامّة في نهاية هذه الحلقة؛ لا بأس آلاستفادة من الصور و النشرات و آلأفلام ألتوضيحية أثناء المحاضرة, حيث تُعدّ من العوامل المفيدة و المؤثرة لأفهام و جذب السّامعين و المشاهدين, و يجب دراسة الصّور و آلأفلام لتناسب مكان العرض, بحيث يستطيع الجميع رؤيتها و آلأستمتاع بها, هذا .. بجانب توزيع أساس آلمحاضرة على شكل بيان توضيحيّ مبيناً فيه المحاور الأساسية الهامة, ليتم شرحها عبر الميكرفون بإلقاء المزيد من آلضوء عليها و بيان آلنقاط الهامة التي نريد إيصالها للناس, و لا ننسى إعتماد الأسلوب ألواضح السلس لبيان و تبسيط المسائل المعقدة و كأنك تتحدث مع طلاب المرحلة الأبتدائية.
و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تمثل ألمناهج المطروحة هنا خلاصة مكثفة لبحث مفصل كتبناه في صحيفة (الشهادة) الناطقة بإسم المجلس الأعلى العراقي في بداية ثمانينات القرن الماضي.