تلك ايام كان لها طعم/عبدالستار الاسماعيلي

Thu, 16 Jan 2014 الساعة : 1:54

تطالعنا نشرات الاخبار وبشكل متواصل عن مايجري من عمليات تقوم بها الاجهزة الامنية في محافظة الانبار لدحر المجاميع الارهابية من  عصابات داعش ومن لف لفهم ،نتابع باهتمام مايجري  ويتحمس كل غيور على بلده ان تؤول الامور الى خير وتستقر الاوضاع في هذه المحافظة او المحافظات الاخرى من بلادنا العزيزة،ومع صعوبة الظروف وحجم المؤامرة ورغم قساوة المشهد الذي ينقل الينا مواقف موغلة في الوحشية تقع هنا وهناك ترتكبها هذه العصابات بحق الانسانية،رغم ذلك كله نجد ان هناك مواقف مشرقة تدلنا على ان شعبنا بخيرمادام بهذه الروحية ومن هذه المواقف استقبال اهالي كربلاء لاخوتهم النازحين من الانبار .

لو تأملنا المشهد جيدا بما يحمل من دلالات لوقفنا على الكثير من المعاني ومن بينها ان هؤلاء المتوجهين  الى كربلاء لديهم شعورواحساس بوحدة النسيج الاجتماعي لابناء شعبنا مهما اثيرت من دعوات وادعاءات مبنية على اسس   طائفية مقيتة لاتريد لهذا البلد وأهله خيرا،وكذلك ماأبده اهالي كربلاء والجهات الحكومية في المحافظة من استقبال وترحيب فانها تصب في نفس الرافد،وهذا في حد ذاته اسقاط لما يدعيه المدعون من الابواق المأجورة.

لنا اخوة وأصدقاء اعزاء في الانبارتربطنا بهم ذكريات طيبة من ايام خلت جمعتنا فيها الدراسة والخدمة العسكرية ايام زمان،لتلك الذكريات طعم خاص ،عندما يعود بي شريط الذكريات الى  تلك الايام اتذكر تفاصيل وجزئيات كثيرة تجتمع في مشهد واحد هواننا ابناء بلد واحد ننتمي الى مجتمع متشابه في عاداته وتقاليده،لم يكن للطائفة او المذهب تأثير على هذه العلاقة الطيبة،وماكان تنوع الاديان والقوميات لاخوة آخرين من المحافظات الاخرى ،  حاجزا عن وجود تلك المشاعرالانسانية المتبادلة،بل كان هذا التنوع حافزا لفهم طبيعة التكوين الاجتماعي للبلد من خلال المعايشة الحقيقية المؤدية الى نشوء تلك العلاقة وذلك التقارب المعهود،ولعل الكثير من القراء الاعزاء ممن مربمثل هذه التجربة سواء كانت دراسة او خدمة عسكرية اوعمل آخر لديه تصورواضح عن مانريد ان نصل اليه.

في ذهني الكثير من القصص والمواقف التي تحتفظ بها ذاكرتي ،ارجع اليها كلما قادتني الذكريات الى تلك الايام ،ومنها حكاية كنا نتخذ منها وسيلة لتلطيف الاجواء ،في  اشارة الى كرم الرجل الانباري ،  تقول الحكاية ان حريقا حدث في دار احد اهالي الانبار

وبينما كانت السنة اللهب والدخان تتصاعد،اذ اقبل رجال الاطفاء وهم يمدون خراطيم المياه نحو النار،فما كان من ذلك الرجل الا ان يعترضهم قائلا لهم بلهجة اهل الانبار(بالحرام ماتطفون كل شي إلا  اتغدون) حيث كان يدعوهم لتناول الغداءاولا ثم اطفاء الحريق،بهذه الروحية وهذه الالفة كنا نقضي ايام جميلة ممتعة،وليالي سمر طيبة اخوة متحابين ليس بيننا مايفرقنا الاماحرم الله.  

 من خلال متابعتنا لمشهد الاحداث هناك الكثير من الاصوات الناعقة الداعية للتفرقة تثير فينا الاستغراب والتعجب،وتضعنا امام تساؤلات كثيرة نحيلها الى كل ذي بصيرة هل مايجري في الانبارلصالح اهل الانبار؟ الا يعتقد كل ذي تفكير سليم ان وراء هذه الاصوات نوايا ومآرب يريد اصحابها الوصول الى غايات مخطط لها سلفا؟ من هو المتضرر الاول في هذه المعمعة اليس  اهل الانبار؟،قطع للشوارع،وتوقف للمصالح،وانقطاع في الخدمات،وفقدان للامن،لصالح من هذا الذي يجري؟

لانأتي بجديد عندما نطرح هذه التساؤلات فمن المؤكد انها حاضرة في ذهن كل من يراقب المشهد ، لكن من المؤكد ان هناك قناعة لايختلف عليها اثنان ان الذي يحدث سببه مؤامرة خارجية يراد لها ان تمزق هذا البلد،ولكي لا اكون كذاك الذي فسر الماء بعد الجهد بالماء،اقول لقد اتضحت المؤامرة وبانت خيوطها،والموقف المطلوب من كل غيوران يتصدى بكل مااوتي من قوة ودراية ووسيلة وتجربة لكل سلوك طائفي،وتصرف همجي،ولكل دعوة تريد زرع الفتنة والتفرقة .نريد ان يهب الجميع لاخماد هذه الناراولا لكي تطيب النفوس  بعد ذلك على مائدة الانبار العامرة كما هو عهدنا بها .والله الموفق. 

  

Share |