المؤسسة والعشيرة..من يستبدل من!!/ المهندس زيد شحاثة
Wed, 15 Jan 2014 الساعة : 23:12

منذ بدء الخليقة, كان الإنسان يحاول أن يتجمع في مجموعات, لتسهل عليه إدارة أموره وشؤونه, فبدأ بتشكيل الأسرة, ثم العائلة, فالعشيرة.
وبدأت تلك العشائر أو القبائل, والتي كانت بداية تأسيس الشعوب والأمم, في وضع "قوانين وقواعد", أو أعراف اكتسبت قوة القانون حينها, وكانت من نتاج اجتهاد هؤلاء الناس, وخصوصا من تولى قيادة تلك القبائل, واشتملت تلك "القوانين والقواعد", على الكثير من القضايا التي تهم حياة الناس, وتنظم أمورهم, وتعاملاتهم, وكذلك ما يطرأ من خلافات بينهم, ورغم أنها حفلت بالكثير من الظلم, والتطبيقات الخاطئة لمفاهيم العدل, واشتملت على الكثير من الحيف والمحاباة, ولكنها بأي حال كانت نتاج بيئتها وما تحتاجه طبيعة حياتهم.
ومع تطور الحياة وبدء ظهور الدول, بشكلها الحديث, انحسر دور العشائر والمنظومات المشابهة, لحساب المؤسسات والتشكيلات المدنية, والمنظومات الحكومية, وهو تحول طبيعي, لتغير طبيعة الحياة وتقدمها وتطورها, مع احتفاظ العشيرة بدور قوي في الأمور الاجتماعية, ولكن وفي مناطق لم تلحق بركب الحياة المدنية الحديثة, بقيت العشيرة هي الناظم الأهم لحياة أبنائها.
حاولت الكثير من الأنظمة الحاكمة, تطويع دور العشائر, لأسباب تتعلق بموقف تلك العشائر من هذه الأنظمة, فقمعت وبقسوة, تصل حد الإبادة بعض العشائر, لموقفها المناهض لتك الأنظمة, وقربت أخرى لمساندتها لها, وضربت بعضها ببعض, لتقوية نظامها..ولكن تلك الأنظمة لم تحاول يوما أن تمنح هذه العشائر دور البديل لها, أو لمؤسساتها, وخصوصا الحيوية منها.
الدولة ومؤسساتها, تحكمها قوانين واطر دستورية, فيما العشائر لا تحكمها, إلا أعراف وتقاليد, وتؤثر فيها العواطف, والأحكام الفردية, وردود الأفعال, التي تصل حد العصبية الجاهلية ..ودور البديل , يعني ضمنا, عجز الدولة عن إدارة هذه الملفات.
من المهم المحافظة على دور العشيرة الايجابي, ونقله باتجاه بناء دولة مدنية متحضرة, تكون العشيرة فيه لبنة من صلب البناء المدني, ولكن يجب أن لا يكون هذا الدور, دور بديل..وإلا كانت خطوة متقدمة باتجاه العودة إلى الجاهلية.