قرون من الإسلام/حيدر الجابر
Tue, 14 Jan 2014 الساعة : 18:34

أنا واثق ـ وأظنكم مثلي ـ أن ما يحدث بين ابناء الاسلام اليوم لا يمت بصلة لصاحب الدعوة ومبادئه. ما اتصف الرسول الكريم (ص) به من خلق عظيم لا يمكن أن ينتج التشرذم الممسوس بالخيانة الذي يغطي العالم الإسلامي اليوم. لم تكن هذه هي الصورة التي وعد بها المبلغ العظيم، وهو يجمع عبّاد الأوثان من أرجاء الجزيرة المقفرة، ليعلمهم أن بعض الظن إثم، وأن حرمة المسلم كحرمة الكعبة، بيت الله الحرام، وأن الأقرب إلى الله هو الأكثر تقوى، وأن التقوى هي تمظهر عملي قبل أن تكون شكلياً. هكذا كانت واحدة من المفاهيم التي طرحتها السيرة النبوية عملياً، والتي أسيء فهمها، وتحولت إلى أحقاد من الاستحالة تجاوزها.
ونحن نتحدث عن العالم قبل 1400 عام تقريباً ، نسمح لأنفسنا بالقول أنه «بدائي، همجي، متخلف»، حيث يفتقد الى وسائل السرعة والرفاهية، والنظريات المتطورة عن الاجتماع والسياسة والأخلاق.. الخ. وكل هذا ونجد ـ نحن المسلمين ـ أننا نتردى الى مهاوٍ سحيقة، جرّنا إليها بحث عقيم حول أسس ناصعة الوضوح، لا تتنافى مع الفطرة السليمة، والنية الصافية. أن يُقتل المسلمون على الشبهة والشك، وأن تقطع الرؤوس بوحشية تتقاطع مع «إياكم والمثلة»، يعني أن جيلاً جديداً يدرّب تدريباً محترفا على السادية، تبرير وتسويغ لكل الميول الجنسية الشاذة، المهم أن تتحول ساحات «الجهاد» من محاربة الظلم والطغيان ونشر السلام الى ساحات «مفتوحة» للسيطرة والاستئثار، حيث تتجلى الأنانية بأبشع صورها.
قضى الرسول الكريم (ص) ثلثي حياته في مدينة قديمة يعكف أهلها على عبادة الأصنام، ويستقبلون عبادها سنوياً، ثم أنهى أكثر من سدس حياته مبلغاً وسط محيط ناقم غاضب، أخيراً انتصر في آخر جزء من حياته، حيث دانت له الجزيرة العصية على التغيير، وآمنت به طوعاً وقهراً. كل ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن الدين النصيحة، وعصمة أموال المسلمين ودمائهم. لقد ولد دين رقيق شفاف، لا يتفق مع لون الدم، ولا الالتفاف على القوانين التي طالما ميّزت بين البشر وبقية المخلوقات. أن تكون مسلماً يعني أن تكون محمدياً.. السلام عليك يا رسول الله.
جريدة المؤتمر