المولد يقتل الوطنية/عبد الكاظم حسن الجابري

Tue, 14 Jan 2014 الساعة : 0:16

تعد المنظومة الكهربائية في العراق, من أسوء المنظومات في المنطقة, فهي منظومة تعاني من المشاكل في جميع مفاصلها, وتعيش حالة من التردي في الإنتاج التوزيع والنقل، وبدأ التردي الواضح في هذه الخدمة, بعد حرب الخليج الثانية عام 1991, لتزداد سوءا في نهايات التسعينات من القرن الماضي.
وبعد التغيير الذي شهده العراق في عام 2003, لم تشهد المنظومة الكهربائية أي تحسن, وصارت قضية الكهرباء عرضة للمزايدات والدعايات السياسية, ونظرا لشحة الطاقة الكهربائية, لجأ العراقيون إلى مصدر آخر وهو المولد, سواء منزلي أو مولد يزود منطقة لقاء مبلغ شهري.
أن الجدلية بين المولد والوطني أصبحت فسحة لطرح الطرفة والنكتة لدى الشعب العراقي, واخذ اسم الوطنية يخبو في حين إن المولد صعد نجمة.
ونظرا لان المجتمعات تتأثر بالعناوين والمصطلحات, ولشحة الوطنية كما قلنا بدأ البعض ينسى الوطنية, الوطنية بمعناها الصميمي النابع من حب الوطن والتضحية من اجله, بل أصبح البعض يتهكم على الوطنية.
فالمواطن في أي دولة, إن لم تكن دولته تحترمه وتقدم له الخدمات, فحتما سيترك هذا البلد, أو على الأقل لا يهتم لأمر بلده وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام "الفقر في الوطن غربة".
إن قضية الكهرباء وباقي الخدمات المفقودة أَنْسَتْ المواطن وطنيته, والحكومات شريكة في إذكاء هذا الشعور لدى المواطن, والأمر جلي من خلال ما نراه من فساد مشترٍ في البلد, فلو كان المسؤول والموظف يحب وطنه لما تجرأ على سرقته, فأصبح السُراق من المسؤولين يسرقون البلد ويستثمرون في الخارج, حتى أصحاب رؤوس الأموال, أصبحوا من كبار المستثمرين في الخارج.
الأمر لم يقتصر على هذا, فهناك أمر آخر غطى على الوطنية, ألا وهو الجنسية المكتسبة, فاغلب المسؤولين العراقيين يحملون جنسيات مختلفة, ويبدو إن هذا الاكتساب أعطاهم الضوء الأخضر, للعبث بمقدرات البلد كما تهوى أنفسهم, ورغم أن الدستور حرم تعدد الجنسيات للمسؤولين السياسيين والأمنيين وذلك في المادة (18) الفقرة رابعا والتي تنص "رابعا:. يجوز تعدد الجنسية للعراقي, وعلى من يتولى منصبا سياديا أو امنيا رفيعا, يتخلى عن أي جنسية أخرى مكتسبة, وينظم ذلك بقانون", ولكن نرى إن هذه الفقرة معطلة في الدستور, ولم تطبق, لذا نجد المسؤول يسرق ويهرب بسرقته إلى الدولة الأخرى التي يحمل جنسيتها.
إننا ندعو ونريد إحياء الروح الوطنية لدى المواطن والمسؤول العراقي على حد سواء, ولا يتحقق ذلك إلا بمحاسبة المسؤول نفسه, لكي يطمئن المواطن بان الجميع سواسية, ولا حصانة لأحد إذا تم المساس بمصلحة البلد, وعلى المسؤول تطبيق الدستور على نفسه قبل تطبيقها على غيره.

Share |